مع مؤمن كويفاتيه

الموجز تحاور الرئيس السوري المنتظر

مؤمن كويفاتيه

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

"إسرائيل تساند النظام السوري ولولاها لسقط من زمان.. وثروة الأسرة الحاكمة تبلغ 100 مليار دولار"

كأن النهاية اقتربت.. وحانت لحظة الرحيل بقرار إلهي مثلما كانت الأحوال مع الطواغيت الأربعة خلال الفترة القليلة الماضية..بهذه الكلمات بدأ الناشط السياسي مؤمن كويفاتيه رئيس اللجنة الاعلامية لتنسيق الثورة السورية في مصر وعضو الأمانة العامة لقوي الربيع العربي والمعارض السوري لنظام آل الأسد منذ أكثر من ربع قرن والذي ترشح من قبل أمام بشار في الانتخابات الرئاسية حواره مع «الموجز».. والذي أبدي فيه تخوفه من تجاهل المجتمع الدولي للأحداث في سوريا.. وكشف خلاله العديد من الأسرار بين الأسد ومبارك وحقيقة الاستثمارات التي جمعت الأسرتين داخل الأراضي السورية مع أبناء المشاهير وعن سيطرة اقارب الأسد الأب علي الأمور الاقتصادية مثلما كانت أحوال رجال مبارك.. وتطرق بالحديث عن محاولات سوزان مبارك لإقناع زوجات الحكام العرب للظهور من أجل تخفيف حالة الكراهية التي بلغت الحلقوم لدي الشعب من أزواجهن.. كما تحدث عن تلك الفترة العصيبة التي تذوق فيها الأمرين علي يد الموالين للأسد الابن عندما أعلن ترشحه للرئاسة.. وتفاصيل أخري كثيرة تحملها السطور التالية.

>في البداية حدثنا عن أحوال الوطن العربي والمشاهد الثورية التي انتقلت نيرانها من بلد إلي آخر؟>> تمر المنطقة العربية بفصل الربيع العربي لأعتي الأنظمة الديكتاتورية في العالم والمتمثلة في 4 دول جاءت مصر في المرتبة الرابعة منذ عام 2004 حيث كان النظام العربي يمهد لسلطة الفرد والاستبداد.. وما حدث ليس مثلما ادعي الحكام العرب بأن هناك قوي خارجية زرعت بذور الانقلاب الشعبي وإنما اشتعلت الشرارة من الشقيقة تونس علي يد بائع الخضار الذي انتفض بعدما واجه صعوبات ضاغطة في حياته اليومية وجعلته عاجزا عن تلبية مطالب أسرته وتبع هذا خروج زين العابدين بن علي متخفيا وحينها كان الطواغيت الأربعة لا يتخيلون أن ينالهم ما نالهم فانتقلت الثورة إلي مصر بعدما قام فرعونها المخلوع حسني مبارك بنهب المال العام والتلاعب بإرادة الشعب وتزوير الانتخابات البرلمانية وخرج معلنا أن مصر ليست تونس إلا أنها كانت الصدمة للجميع حيث انتهت معالمها بطريقة أسرع من تونس بفضل رجال الجيش البواسل الذين اختاروا الشعب وفضلوه علي أمنيات الحاكم.. وكانت الأوضاع قد اشتعلت في الشقيقة اليمن وبعد حدوث المجازر قرر الحكماء أن تكون ثورتهم سلمية تجنبا لاندلاع الحرب الأهلية وفي ليبيا اختار القذافي ذبح الشعب من خلال العصابات التي يستعين بها في الأزمات الخاصة.. وقال إن بلاده ليست مصر أو تونس وأعلن الحرب علي شعبه ووصف نفسه بالمجد والخلود وكل صفات العظمة الإلهية لتكون نهايته سحلا بالأقدام.. وبعد الأحداث الليبية اشتعلت الثورة في سوريا وخرج وزير الإعلام متحديا في تصريحات إعلامية قائلا إنه لن يخرج 25 مواطناً في المظاهرات التي طالبت بإسقاط النظام.. وقدم البعض النصيحة لبشار الأسد بأن الثورات الشعبية أطاحت بالحكام العرب وطالبوه بتنفيذ الاصلاحات التي وعد بها منذ اعتلائه كرسي الرئاسة والبحث عن الحلول التي يمتص بها غضب شعبه إلا أنه أبي وتعالي موضحا أنه ليس له معارضون وإنما هم مجموعة من المجرمين وتكتظ بهم السجون وعدد آخر من الخارجين عن القانون وأغلق الأبواب نهائيا.

>وكيف بدأت الثورة السورية؟

>>كانت البداية عندما وصلني بيان من المناضل الكبير غسان النجار في الثاني من شباط (فبراير) بدون توقيع وطلب مني توزيعه وحينها راح المعارضون يسألون عن صاحبه فأجبتهم أنه مصدر ثقة.. وبعدها بدأنا نتبادل الأفكار عبر الفيس بوك وتواصلنا مع الأكراد الذين وعدونا بالانضمام إلي الثورة بعد انطلاقها خوفا من أن يحدث ما حدث في ثورة 1980.. واحترمنا مطلبهم الذي أرادوا به أن يتبينوا الخيط الأبيض من الأسود.. وأعاد غسان بعد يومين إرسال بيان آخر وقام بالتوقيع عليه في هذه المرة مطالبا السوريين بالثورة وفوجئنا بإلقاء القبض عليه من قبل المخابرات وتم تقديمه للمحاكمة العسكرية لكنه رفضها وأضرب عن الطعام لمدة 11 يوماً فأصيب في كليته وتم نقله إلي المستشفي في حالة سيئة وبعد أن تماثل للشفاء أبدي رغبته في أنه كان يتمني الشهادة وأن تكون دماؤه هي الفتيل الذي تشتعل منه الثورة.

>صف لنا المشهد الأول الذي اشتعلت منه شرارة الثورة؟

>> قمنا بتحديد موعد لقيام الثورة وأعددنا له العدة وبينما كان النظام تأخذه العزة بالإثم واثقا من أنه لن تقوم لنا قائمة باعتبار أن الوضع الأمني مستتب.. وكانت الثورة ستنطلق من مدينة حلب التي انتبه إليها النظام وقام بتطويقها بالشبيحة ورجال المخابرات فانطلقت من مدينة درعا من خلال 15 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 10 و 18 سنة عندما استلهموا عدداً من العبارات التي سطرها المصريون في ثورتهم ومنها "الشعب يريد إسقاط النظام" وعلي الفور تم إلقاء القبض عليهم وتعرضوا لألوان التعذيب التي ما أنزل بها قانون الإنسانية من سلطان.. ولولا الضغوط التي مارسها أولياء أمورهم بخروجهم في مظاهرات تنديد بالنظام أمام مسجد العامري ما نجا هؤلاء الصغار من أنياب قوات الأسد.. وبعد وصلة من الشتائم التي تعرضوا لها من رجال المخابرات كانت ساعة الصفر قد حانت لانطلاق شرارة الثورة.

>وكيف تعامل بشار الأسد مع الثورة منذ انطلاقها؟

>>ساهم بشار في رفع الروح المعنوية للثوار من خلال المجازر اليومية التي لم تتوقف لحظة والتي أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا وبدلا من أن يقدم واجب العزاء إلي أهالي القتلي ويجفف الجراح.. وأظن أن النظام كان يستطيع تقديم بعض الإصلاحات المطلوبة لكنه بكل أسف هو من ساعد علي إشعال الثورة بحماقته واستعلائه علي البشر لكونه كما يشعر بنفسه أنه إله في الأرض مثلما جاء علي لسان من تم تعذيبهم في السجون والمعتقلات حيث كان رجاله يرددون عنه أنه لا إله إلا بشار.. واسجدوا لربكم بشار.

>وكم بلغ عدد ضحايا المجازر التي ارتكبها نظام الأسد مع شعبه الأعزل؟>>الاحصائيات الرسمية التي تم الإعلان عنها من خلال الأمم المتحدة تؤكد سقوط 4 آلاف شهيد مدني و3 آلاف آخرين من الجيش رفضوا قتل المتظاهرين فقتلهم أبناء المؤسسة العسكرية إلا أن الإحصائية غير الرسمية تقول إن عددهم بلغ 20 ألف شهيد و10 آلاف مفقود ونحن نأملهم أحياء ولكن بعرف النظام السوري المفقود يعد شهيدا.. وبعد هذا كله يريد بشار أن نجلس معه في حوار مع مرتزقة أطلقوا علي أنفسهم المعارضة وما هم إلا من صنيعة النظام وهيئة التنسيق الوطنية التي تضم سجناء سابقين تتماشي مع متطلبات النظام لكونها ليس لها أي تأييد شعبي وتخشي من التغيير الديمقراطي.. وبالتالي فهم يرون أن مكاسبهم مع النظام فمنهم من تم إغراؤه بمناصب وزارية كهيثم مناع بمنصب رئيس وزراء وهم أيضا من رفضوا تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية ويسبحون ضد التيار حيث يتجاهلون مطالب الشعب المشروعة لحمايتهم من تهور الأسد وقواته التي اقتربت من تنفيذ مشروع الإبادة الجماعية لأفراد الشعب.. وأري ويتفق معي الكثير أن المجلس الوطني وقوي أخري تسعي بالفعل لتحقيق مطالب الشعب السوري علي الرغم من وجود بعض الشواذ الذين يرغبون في فرض الوصايا علي الشعب وهم لا قيمة لهم علي الأرض.. وأوضح أننا كمعارضين نعتبر أنفسنا خادمين للشعب والحركة الثورية لدينا منظمة بطريقة جيدة.

>ترفضون التدخل الأجنبي في ثورتكم وبعد فترة طالبتم به.. ماذا حدث؟

>> ما زلنا نرفض التدخل العسكري الخارجي ولكن جرائم النظام تستدعي هذا التدخل خاصة أنه مازال مستمرا في المذابح التي يرتكبها بين اللحظة والأخري.. وأظن أن المجتمع الدولي لن يظل صامتا أمامها.. وأتذكر أننا طالبنا مرارا وتكرارا من الدكتور نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية نقل الملف الخاص بالأوضاع في سوريا إلي المجتمع الدولي لتكون القرارات أشد صرامة وأكثر قناعة للنظام السوري خاصة أن الثوار اتخذوا قرارا بألا يعودوا إلي منازلهم قبل سقوط النظام رافضين الحوار معه حيث يرون أن مكانه الطبيعي هو المشنقة.. وأظن أنه في حالة الإعلان عن دخول أجنبي أو تنفيذ الحظر الجوي فسوف يشجع هذا الجيش للانقلاب علي قادته البالغ عددهم نحو 101 واعتقالهم وإنهاء النظام في أيام قلائل.

>جيشنا التف حول الثوار ضد الحاكم.. أما جيشكم فارتكب المجازر.. ما السبب في ذلك؟

>>الجيش المصري يحسب له موقفه البطولي الذي غلبت فيه المصلحة العامة علي أهواء الأشخاص فهو رفض بمجلسه الأعلي الدخول في مصادمات مع الشعب في الميادين المختلفة حيث وقف حاميا لهم من اعتداءات البلطجية عكس ما فعلته جيوش الدول التي نالتها عاصفة التغيير وأما بالنسبة لجيشنا فهو منزوع الأنياب مثل الأغنام التي يقودها طفل حيث إن قياداته طائفيون يريدون الوقيعة والشحن الطائفي للدخول في حرب أهلية إلا أن الشعب يرفض ذلك لتماسكه الشديد ورغبته الكامنة في التغيير إلي ما هو أفضل.. وبالعودة إلي التاريخ تكتشف تلك الفاجعة الكبري التي ارتكبها الجيش السوري إرضاء للحاكم في 1980 عندما استخدم أسلحة الإبادة الجماعية والتي راح ضحيتها مالا يقل عن 100 ألف شخص 40 ألفاً في حماه و30 ألفاً في باقي المدن و30 ألفاً آخرين نزلاء السجون.. حيث هدم المنازل والمنشآت وأقام أخري علي جثث الضحايا ليكونوا عبرة لمن يفكر في التعقيب علي آراء الحاكم.

>وماذا قدمت لكم جامعة الدول العربية لحمايتكم من بطش نظام الأسد؟>>الحماية العربية ليست كافية لأن بشار يستقوي بإيران ومنظماتها الإرهابية التابعة لحزب الله وقوات غدر وقوات المهدي والحرس الثوري الإيراني فضلا عن أنه لا يعير العرب اهتماما.. وبالتالي فإن قرارات الجامعة لديه ليست لها قيمة ويعتبرها مجرد دردشة وتحصيل حاصل للحفاظ علي ماء الوجه.. أما بالنسبة للمجتمع الدولي فهو لديه القدرة الكاملة للتعامل مع مثل هذه الأزمة حيث يمتلك القوة الرادعة التي تجبر إيران علي رفع يديها من المنطقة بينما العرب لا توجد لديهم القدرة لمجرد الدخول معها في مواجهات.

كما أن عمرو موسي الأمين السابق لجامعة الدول العربية تباطأ كثيرا في التفاعل مع الملف السوري حيث أعلن بعد مرور حوالي 4 أشهر علي بداية الأحداث إدانته للنظام وطالبه بالكف عما يرتكبه من مجازر إلا أن الآخر تعامل بنظام الطناش.. وبعد أن رحل موسي عن الجامعة ليستعد للانتخابات الرئاسية في مصر وجاء العربي عادت القضية معه إلي نقطة الصفر والتقي بالأسد في دمشق وعقب اللقاء صرح بأن بشار سيقوم بالإصلاحات وبدلا من أن يتم البناء في المبادرة العربية علي ما انتهت إليه المبادرات التركية ومنظمة حقوق الانسان العالمية التي أدانت النظام وأعطاه العربي مهلة شهرين ارتكب خلالها الكثير من المجازر ومن بعدها مهلة فثانية وثالثة.. وعلي الرغم من أن الجامعة اتخذت بشأنه العديد من القرارات لكنه لم يكف عن جرائمه حتي الآن.. وطالبنا العربي بتجميد عضوية سوريا في الجامعة بدلا من تعليقها بالطريقة التي جعلته يشن هجوما عليها حتي يتأكد من أن الموضوع جدي بعدما يتم نقل الملف إلي المجتمع الدولي فأجاب العربي أن المجتمع الدولي ليس مهيأ لذلك فطالبناه بإلقاء الكرة داخل ملعبه علي أن نحركها بالضغط علي شعوبه فعاد العربي قائلا إن التكاليف ستكون باهظة فأجبناه بأن دول الخليج سوف تتحملها لكون النظام السوري بات يمثل نقطة تهديد لها أو بمعني أدق أصبح كالخنجر في خاصرة الوطن العربي.. فهو من وقف ضد العراق في حربه مع إيران وأرسل بعد سقوط العراق مجموعات إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة لزرع الفتنة الطائفية بطريقة مكنت المالكي من تسلم الحكم هناك فضلا عن تورطه في مقتل رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان.. وأري أن سقوط النظام يعني أن سوريا ستكون صمام الأمان للوطن العربي بدلا من أن تمثل المخاطر.. وطالبنا الجامعة بإرسال الإغاثة رغما عن النظام وخاصة أكياس الدم التي صارت استراتيجية حرب النظام ضد شعبه وبعض الأسلحة للدفاع عن النفس وكي يشعر الشعب السوري أن الجامعة والشعوب معه وسوريا عندما تتحرر من ذلك سوف يكون لها شأن كبير في إعلاء كلمة العرب والترابط الذي فتته هذا النظام الغاشم.

> وماذا عن موقف الدول العربية من ثورتكم؟>>

من جانبها بذلت قطر جهدا كبيرا في تبني قضايا الشعب بينما ساندت الجزائر النظام وعارضت مصالح الشعب مثلما فعلت في الشقيقة ليبيا حتي نهاية القذافي.. وأما العراق فهي تأتمر بأمر إيران وتصطف طائفيا إلي جانب النظام وأرسلت إليه نحو 10 مليارات دولار للخروج من الأزمة كما أنها تتحمل ثمن النفط الذي يتم نقله يوميا ويبلغ نحو250 مليون دولار.. وأما إيران فقدمت للأسد 10 مليارات دولار تدعيما لموقفه ضد الثورة في حين أن اقتصادها يعاني الانهيار لكن لأنها تعتبره نقطة استراتيجية أرسلت من خلاله الأسلحة لليمن والبعثات التبشيرية وحاولت إشعال الفتنة في مصر ومنها إلي موريتانيا.. وأما بالنسبة للبنان فنحن نعلم أن موقفها المضاد لثورتنا مفروض عليها حيث إنها محتلة من حزب الله الذراع العسكرية لإيران في المنطقة.

>الثورة في مصر كشفت عن فساد كبير لم يتوقعه أحد فماذا عن الفساد الذي أزاحت ثورتكم النقاب عنه؟>>

الفساد عندنا يبلغ عمره نحو 50 سنة منذ اليوم الأول لوصول البعث العسكري إلي سدة الحكم في 1963 حيث انتهي الوضع الديمقراطي وعملية التداول السلمي للسلطة وإحلال قوة الدبابة.. وأتذكر أن حافظ الأسد أثناء قيادته لوزارة الدفاع كان علي خلاف مع صلاح شديد وبعض القوي الأخري وأبرم اتفاقا مع الصهاينة انتهي بتسليمهم الجولان المحتل مقابل مؤازرته للوصول إلي كرسي الرئاسة.. وعند بلوغه الأربعين في 1970 أعلن رئاسته للبلاد وقام بتنفيذ اعتقالات لضباط الجيش ولم يخرجوا حتي الآن.. وعلي يديه صارت البلاد إلي هاوية الطريق حيث تم تفريغها من الكفاءات من داخل القطاعات المختلفة والاستعانة بأصحاب الولاءات.. وفي عام 1973 دخلت سوريا الحرب مرغمة وانتهت باستيلاء العدو علي عشرات أضعاف القنيطرة التي تسلمتها سوريا مدمرة بالشكل الذي يجعل من الأسد بطلا وأطلق علي المعركة اسم التحرير وهي في الأصل التحريك.. وتسير الأمور فيما بعد إلي ما كانت عليه حيث تم تصفية الشهيد مروان حبيب داخل السجن في 1975 ثم التصفيات الفردية بحجة الانتماء إلي جماعة الإخوان المسلمين.

>تتحدث عن الأسد الأب والابن وكأن الشعب لا يطيقهما في حين أنه خرجت المسيرات حزنا علي وداع الأب وبعدها لتأييد الابن رئيسا.. فما تعليقك؟

>> هذا الكلام عار تماما من الصحة فمن خرج كان مرغما وتحت تهديدات.. ولم يكن هناك من يحب حافظ الأب أو يتمني أن يخلفه بشار الابن رئيسا.

>الثورة المصرية أثبتت أن رؤوس النظام السابق يمتلكون أرصدة لا حصر لها فهل توصلتم إلي رقم محدد عن ثروة آل الأسد؟

>> لو تحدثنا عن ثروة الأسد فيجب ألا ننسي أنه بعد حرب التحريك التي أشرت لها من قبل اجتمع مجلس النواب الكارتوني وأصدر قرارا بأن يتم تقديم عوائد الثروة المعدنية للأسد كهدية من شعبه وانتاجنا من النفط يتراوح بين 500 ألف ومليون برميل يوميا.. وجاء في القرار أن تلك الأموال لا يُسأل عنها الأسد ولا تدخل ضمن بنود ميزانية الدولة وكأن الشعب كريم لدرجة أنه يحرم نفسه من حقوقه لإرضاء حاكمه.. وفي 2002 أصدر بشار أوامره للنواب بتعديل القرار ليجمع الحصيدة لنفسه.

وأتذكر أن باسل نجل حافظ الأسد والذي توفي في 2000 كانت لديه أرصدة بلغت 27 مليار دولار في سويسرا ولصرفها بعد وفاته تم تجهيز أوراق مضروبة أفادت زواجه وانجابه علي غير الحقيقة لصرف ثلثي المبلغ والباقي تنعمت به البنوك.. وأما شقيقه رفعت الأسد والذي كان يشغل منصب نائب الرئيس لأمور الأمن القومي والذي حاول احتلال دمشق في عام 1985 عندما فقد حافظ الوعي وأصيب بغيبوبة استمرت 25 يوما.. وبعدما استعاد حافظ عافيته دخل مع رفعت في مهاترات دفع ثمنها الشعب حيث تدخلت بينهما الأم وأقنعت حافظ بتسليمه خزينة البنك المركزي كما قام القذافي بتحويل مبلغ 6 مليارات دولار لرفعت علي أن تسددها سوريا لانهاء أزمة الشقيقين.. وأما بالنسبة لشقيقهما جميل الأسد وهو الأكثر فقرا والذي توفي في عام 2006 وأعقبها صراع في المحاكم الفرنسية بين زوجته الثانية وأولاده من الأولي بسبب مبلغ - تافه بلغ 8 مليارات دولار كما أنه أذيع عن امتلاك بشار لأكثر من 10 مليارات دولار.. ويمكن حساب تلك الثروة بنحو 100 مليار دولار.

>تناثرت الأقاويل عن وجود استثمارات جمعت بين أبناء الدول العربية بما يحقق لهم الأرباح الطائلة في الخفاء.. ما مدي صحة ذلك ؟

>> هذه الأقاويل صحيحة وأظن أن الحكام العرب لجأوا إليها تحقيقا لمصالحهم في المنطقة فكانت هناك استثمارات لجمال مبارك وأفراد العائلة الحاكمة.. ونفس الأحوال لنجل الكاتب محمد حسنين هيكل والذي تبين أنه شريك مع أبناء آل الأسد ونجل مصطفي طلاس في صفقات تجارية.

>وماذا عن أوجه الشبه بين نظامي مبارك والأسد؟>>

كلاهما وباقي الطواغيت فكروا في توريث مقاليد الحكم لذويهم وكانت البداية علي أرض سوريا عندما هيأ الأسد الأب لنجله بشار الأجواء الصحية للوصول إلي كرسي الحكم وكان عمره 34 سنة في حين أن الدستور ينص علي ألا يقل عمره عن 40 عاماً إلا أن رجال النظام الذي رافق والده سنوات قاموا بترقيع الدستور لتحقيق وصية الأب مما جعل الباقي يبحث عن طريقة مماثلة.. وبالحديث عن الأجواء فمصر كانت تعيش في إطار هامش من الحرية كما امتلأت الساحة بالأحزاب السياسية وإن كانت كاريكاتورية كما أنه أتيحت للصحف تتكلم وأما في سوريا فلا توجد أحزاب ومن ينتقد النظام يتم تقديمه للمحاكمة بتهمة التآمر والتطاول علي الرئيس وتتراوح عقوبته بين 3 و 12 عاماً كما أن مجلس النواب تسابق مع النظام لكسب وده من خلال إصدار القانون رقم 49 لسنة 1980 والخاص باعتقال المنتسبين إلي جماعة الإخوان المسلمين.

>وكيف وصل بشار إلي الحكم؟>>

تم تزوير إرادة الشعب منذ أن تم الاستفتاء عليه عقب وفاة والده في عام 2000 حيث أعلنت وسائل الإعلام حصوله علي 99.9 % في حين أنه بنسبة 100 % يكره السوريون العائلة الحاكمة لما ارتكبته من جرائم أبادت علي إثرها الملايين من أبناء الشعب.. وفي 2007 قيل إنه لن يجرؤ أحد علي الترشح أمام بشار ومن يفعل ذلك فسيكون قد ارتكب آثاما في حق الإنسانية.. وكنت وقتها أعمل مدرسا في المعهد العالي للمعلمين باليمن وقررت خوض التجربة وتقدمت إلي السفارة لتقديم أوراق الترشح فرفض السفير البت فيها معتبرا أنني ارتكبت إثما كبيرا وعليّ أن أكفر عنه إلا أنني لم أستسلم واستخدمت شبكة الانترنت للإعلان عن رئيس جديد يصلح ما أفسده الفاسدون علي مدار عقود طويلة.. إلا أنها كانت البداية القاتمة حيث قامت قوات عسكرية بفرض كردون أمني حول منزل والدي بل وأصبح البيت ثكنة عسكرية لجيش الأسد وتم اعتقال والدي وأشقائي فأسرعت إلي الجامعة العربية والأمم المتحدة ومجلس الأمن منددا بسياسة بشار حتي تم الإفراج عنهم كما تم فصل شقيقي من منصبه كرئيس لنقابات حلب.

>وإلي أين انتهت التجربة؟>>

دخلت علي إثرها معركة كبيرة مع الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب وكان أغلب أعضائها من المخابرات وطلبوا مني الصمت أو مغادرة البلاد فلم أستطع الصمت وتوجهت إلي تركيا ومنها إلي بلغاريا وهناك طلبت اللجوء السياسي في نهاية 2009 وتأخر البلغاريون في إعطائي إياه.. وعندما ظهرت علي شاشة التليفزيون البلغاري فوجئت بإلقاء القبض علي وتم تقديمي للمحاكمة ثم اعتقالي في 2010 تمهيدا لتسليمي إلي سوريا باعتباري أصبحت صداعا في رأس بشار ورجاله.. وأدخلوني السجن باسم مستعار وعاملوني معاملة الحيوانات.

>وبم تفسر تأخر دخول وسائل التكنولوجيا المختلفة إلي سوريا؟

>> علي الرغم من أنه تم وصف بشار بأنه رجل المعلوماتية والتكنولوجيا إلا أنه منع دخول الهاتف المحمول إلي البلاد حتي عام 2002 في حين أنه انتشر داخل اليمن منذ 1990.. وعندما قرر غزوه الأسواق كان بقصد تحقيق (سبوبة) لابن خالته رامي مخلوف الرجل الثاني في البلاد وأمين صندوق بشار المهيمن علي الاستثمارات وحصل مخلوف علي أكثر من 50 ألف دولار من البنك دعما للمشروع.. كما أنه أدخل شبكة الانترنت في 2005 وحرم دخول الريسيفر حتي 2004 بل وأقر عقوبة السجن والغرامة المالية لمن يخالف ذلك.

> زوجة المخلوع مبارك كانت تحكم من خلف الأضواء فماذا عن دور زوجة الرئيس لديكم ؟>>

أري أن سوزان مبارك شجعت زوجات الحكام العرب للظهور في الصورة خاصة بعدما أقنعتهم بأن خروجهم لافتتاح المشروعات الخيرية والزيارات الميدانية يساعد علي تخفيف حدة الغضب لدي الشعب من أزواجهن.. وأنيسة مخلوف زوجة حافظ لم تظهر كثيرا كما أن ظهور زوجة بشار أسماء الأخرس جاء متأخرا وهي الآن في بريطانيا حيث تحمل الجنسية البريطانية.. وما ندركه جميعا أن أسماء تعامل كالجواري والأمور تدور بقرارات من بشار وشقيقه ماهر وشقيقتهما بشري وابن خالتهم رامي مخلوف الذي أكد في تصريحات بعد الثورة أن اهتزاز أمن سوريا يعني اهتزاز الأمن الإسرائيلي.. وهذا يعني أن إسرائيل هي الداعمة للنظام السوري ولولا دعمها له لسقط منذ سنوات.

>هل توجد لديكم أسماء تم ترشيحها للرئاسة بعد رحيل النظام؟>>

لا توجد أسماء مطروحة الآن لخلافة بشار وفور سقوطه سأتقدم بأوراق ترشحي للرئاسة وهذا من باب ثقافة الحقوق .. ولا أخشي شيئا خاصة وأن صلاحيات الرئيس ستكون عبر مؤسسات ولن تصنع منه ديكتاتورا جديدا وكله بمقتضي الدستور المنتظر إعداده.. وأول قرار سوف أتخذه هو إنشاء مجلس وطني يضم الأطياف السياسية لإدارة البلد فضلا عن تعويض أهالي الشهداء عن دماء أبنائهم وتضميد الجراح لحماية البلاد من أي فتنة أو استدراج شعبها إلي حرب أهلية.

>وكيف تري مشهد محاكمة المخلوع مبارك وإلي أين سينتهي؟>>

أتوقع أن محاكمة مبارك سوف تستغرق وقتا طويلا وأري أن الأقدار ستكتب نهايته قبل كلمة القضاء.. كما أتمني أن يتم التعامل معه بطريقة أفضل لكونه تنازل عن الحكم مبكرا قبل ارتكاب المجازر التي ارتكبها باقي الحكام كما أن له بعض الايجابيات المتمثلة في مشروعات البنية التحتية.. وسمو الأخلاق المصرية من الممكن أن يصل بكم إلي العفو عنه.

>في النهاية كيف تري المشهد الأخير للأسد هل سيكون قذافي آخر أم مبارك جديد؟

>> 

نأمل أن يتم تقديمه للمحاكمة عن الجرائم التي ارتكبها في حق شعبه الأعزل وأن نعيد من جديد مشهد محاكمة الرئيس المخلوع مبارك.. ولكن إذا التقطته أيادي السوريين فسوف يقتصون منه.. وفي النهاية نحن نريد أن نعيد لسوريا مجدها ولشعبها كرامته.