مع سماحة المرجع الإسلامي الإمام الشيخ حسين المؤيد

حوار صحفي

رئيس التيار الوطني العراقي

سماحة المرجع الإسلامي الإمام الشيخ حسين المؤيد:

*ارفض الاحتلال والطائفية السياسية وتحويل العراق من دولة المواطنة الى دولة المكونات

* العمل المقاوم أربك المحتل واحدث ردة فعل شعبية داخل امريكا ضد استمرار الاحتلال

* اسرائيل تعمل على ابقاء العراق مفككاً غير متفاعل مع محيطه العربي

* الاحتلال حقق الفتنة بين مكونات العراق لتكون أسسا لنموذج يريد تسويقه الى بلدان عربية

*ديمقراطية العراق مأزومة ينتابها التنافس غير الشريف

* لا أتوقع النجاح لمشروع السلام العربي الإسرائيلي

حاورته: مجموعة من الكتاب والإعلاميين العرب

ضمن سلسلة الحوارات الاسبوعية التي يجريها موقع صحيفة "العرب اليوم" الالكتروني, استضافت زاوية "ضيف تحت المجهر" رئيس التيار الوطني العراقي سماحة الامام الشيخ حسين المؤيد. وفتح الحوار الذي شارك فيه عشرات من المثقفين والاعلاميين من الدول العربية والاسلامية وعرب المهجر, الكثير من الملفات الساخنة, ابتداء من الملف العراقي, مرورا بالفتنة المفتعلة بين السنة والشيعة , وصولا الى ملفات الشرق الاوسط الشائكة وكما هو متوقع, فإن محور تشكيل الحكومة العراقية, أخذا حيزا مهما من الحوار بين المؤيد والضيوف المشاركين في طرح الاسئلة.

 

* كيف تنظرون إلى الواقع الحالي للعراق في ظل النزاع الطائفي وما الهدف من تواجد تنظيم القاعدة في العراق?

- ان الطائفية السياسية, وما يترتب عليها من شأنها أن تفجر النزاع الطائفي في المجتمع في لحظات حرجة وحساسة, وقد كادَ البلد يندفع الى حرب أهلية نتيجة الصراع السياسي الذي حصل بعد الإحتلال والذي أخذ الطابع الطائفي, ولكنّ وعي الشعب العراقي ومخزونه الوطني والعروبي وادراكه لمخاطر المشروع الطائفي جعله يتغلب على النزاع ويرفض الإنجرار في صراع طائفي خلقته قوى سياسية وعصابات مجرمة مأجورة ولم تخلقه ثقافة مجتمعية عراقية. وبذلك يكون الشعب العراقي قد قطع شوطاً في نبذ الطائفية وعليه أن يقطع شوطاً آخر يقتلع فيه جذور الطائفية ويقمع أسبابها ويأخذ بالخيار الوطني نهجاً للحكم وينفض يده من القوى السياسية التي أدخلت المشروع الطائفي الى المجتمع وعرضته لويلاته. وأما تنظيم القاعدة فلم يكن له في العراق شأن يذكر قبل الاحتلال, وانما تسرب الى العراق إثر الاحتلال واستغل المشاعر المناهضة للاحتلال والاستياء الحاصل من المشروع الذي افرزه الإحتلال ليحرك فتنة في العراق ويجند عراقيين لم يكونوا يؤمنون بالارهاب والعنف ولا يلتزمون غير الخيار الوطني نهجاً ليلقي بهم في صراع يقتل فيه العراقي أخاه بخلفية أفكار منحرفة تستند الى التكفير تارة والى الإرتداد تارة أخرى على غير فقه صحيح وتفكير سليم. وقد ثبت أن هذا التنظيم مخترق من جهات دولية وإقليمية توجهه في المسارات التي تحقق أهدافها. انني اعتقد انّ للمحتل وجهات اخرى دوراً في اتاحة المجال لتنظيم القاعدة ليعمل في العراق ويتجلّى ذلك في نقاط:- 1- أريد للعراق أن يكون ساحة تجتذب اكبر قدر ممكن من خلايا هذا التنظيم لأشغاله على ارض العراق بدلاً من أن يركز على فتح جهة له في بلاد الغرب من جهة, ولتخفيف الضغط على الإحتلال في افغانستان. وبما ان أعمال القاعدة ستنصب بالدرجة الأولى على قتل العراقيين ففي حساب الأرباح والخسائر ستكون المعركة على الساحة العراقية أقل خسارة لأمريكا والغرب. 2- لقد كان المحتل يخشى أن يتحد العراقيون على مشروع مقاوم للاحتلال من جهة, وللمحتل مشروع لبناء دولة المكونات بدلاً من دولة المواطنة من جهة أخرى, وهو يحتاج الى عصابات مجرمة تفتك بالعراقيين على أساس طائفي وتزرع بذور الإنقسام وتؤجج مشاعر الكراهية لتمنع اتحاد العراقيين على مشروع مقاوم ومشروع وطني سياسي يأخذ بالخيار الوطني بديلاً عن الخيار الطائفي والإثني. وهذا ما لعبه تنظيم القاعدة في العراق من خلال خطابه السياسي وأعماله الإجرامية. 3- أراد المحتل أن يعطي صورة مشوهة عن العمل المقاوم وعن سلوك الإسلاميين ومن أجل أن يحبب المسلك الذي اتبعته قوى سياسية تماهت مع الإحتلال أو تماشت معه على اساس انها قوى عقلانية تبتعد عن العمل المسلح وتأخذ بالخيار السياسي وهو يعلم أن الخيار السياسي الذي أخذت به هذه القوى لم يكن خياراً وطنياً وانما هو الخيار الذي هندسه المحتل. وقد قام تنظيم القاعدة بهذا الدور ايضاً. لقد أضر هذا التنظيم ونهجه بالعراق ووجه ضربة للمشروع الوطني واستزلّ قوى سياسية وأخرى مسلحة الى مستنقع وبيل. الا أنّ من يعرف الشعب العراقي يدرك بوضوح أن العراق ليس بيئة خصبة لمثل هذه التنظيمات وأفكارها المتطرفة المنحرفة, فالعراق بلد له عمق حضاري عريق وهو بلد الإنفتاح والتسامح والتعايش, والشعب العراقي شعب يحب الحياة والرفاهية ويرفض قيم الإنغلاق والتشدد والتطرف وبالتالي فلا مستقبل لهذه التنظيمات وأفكارها في العراق وستتلاشى بمجرد أن تتغير الأوضاع وتتجه نحو التصويب.

سري القدوة / رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

* برأيك ما هو سيناريو مستقبل العراق القادم?

- أعتقد أن سيناريو مستقبل العراق لا ينفصل عن مجمل الوضع الدولي والإقليمي, وبالتالي فهو سيكون شديد التأثر بالسياسات الخارجية المنتهجة أمريكياً وغربياً, وبموازين القوى في المنطقة, وهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً أيضاً بمجريات القضية الفلسطينية وتداعياتها. وهناك استفهامات عديدة تثار في هذا المجال. فهل المطلوب دولياً واقليمياً استقرار العراق في المرحلة القادمة أم انّ استمرار حالة عدم الإستقرار أو تشديد حالة عدم الإستقرار هو الهدف? هل ان مخطط تقسيم العراق الذي كانت تدفع به جهات دولية واقليمية لا يزال محل متابعة أم لا? من الواضح أنّ سياسات الكيان الصهيوني تقوم على اساس ابقاء العراق ضعيفاً مفككاً غير متفاعل مع محيطه العربي وبعيداً عن معادلة الصراع العربي الاسرائيلي وهناك ساسة اسرائيليون صرّحوا بذلك, كما أنّ تأثير المحافظين الجدد لا يزال قائماً, وأعتقد ان مشروع الشرق الأوسط الجديد لم يتم الغاؤه, كما أنه وللأسف لا يزال الموقف العربي ضعيفاً سواء على الصعيد العام أو على صعيد المساعدة في العراق بوجه خاص, وميزان القوى في المنطقة بين العرب وايران لا يزال مختلاً الأمر الذي يلقي بظلاله مباشرة على الوضع في العراق في ظل عدم وجود استراتيجية عربية فاعلة. انني أعتقد بضبابية الرؤية لمستقبل العراق على المدى القريب لكن هذا لن يعفي أحداً من العمل الدؤوب والمخلص من اجل انقاذ العراق وتصويب أوضاعه.

النوري الصل / نائب رئيس تحرير الشروق التونسية

* كيف ترون وتقرأون ما يجري بالعراق اليوم من تفجيرات وتجاذبات سياسية وكيف ترون مستقبل هذا البلد ماهي مخاطر تقسيم العراق ومن يقف وراء هذا المخطط برأيكم ما هي ابعاد ازمة تشكيل الحكومة وكيف تقرأون الانسحاب الامريكي?

- تقسيم العراق يحمل مخاطر جد كبيرة ليس على العراق فحسب وانما على المنطقة بأسرها. فمضافاً الى ان هذا التقسيم سيؤدي الى تفتيت بلد عريق له تاريخ حضاري مشرق وينهي هذا التقسيم الدور الفاعل الذي يمكن أن يلعبه العراق عربياً واسلامياً ودولياً, فانه يؤدي الى تمزيق النسيج الإجتماعي العراقي ويقسّم الشعب الواحد المتداخل في نسيجه, ويجعل الكيانات المجزأة كيانات ضعيفة غير قادرة على أن تقوم بنفسها وقد يخلق صراعات بين هذه الكيانات لها مضاعفات خطيرة تمتد لدول أخرى لا سيما اذا ادركنا ان هذا التقسيم سيكون على أساس عرقي وطائفي وقد تنشأ صراعات داخل الكيان الواحد المجزأ, وقد يؤدي الى سيطرة قوى متطرفة وارهابية على مساحات في هذه الكيانات مما يشكل تهديداً للاستقرار في المنطقة, وسيؤدي الى سيطرة بعض الدول المجاورة ذات الأطماع على هذه الكيانات وسيخلق نموذجاً في المنطقة قابلاً للتكرار وقد يكون مقدمة لتقسيم بلدان المنطقة.

ان من يقف وراء التقسيم هو القوى المعادية للأمة عامةً والمعادية للعراق خاصة. ولا أشك في أن التقسيم يعتبر مصلحة اسرائيلية وربما هناك بعض الدول المجاورة لها مصلحة في التقسيم أو تحاول الإستفادة من نتائجه وتوظيفها فيما لو وقع. 2- أما أبعاد أزمة تشكيل الحكومة فعلينا أن نعرف أنّ القوى السياسية الممسكة بالوضع السياسي في العراق هي مجموعة من القوى غير المنسجمة التي لا يجمعها الا شريط ضيق في حساب المصالح والأرباح ولا همّ لكل منها الا تأمين مصالحها والسيطرة على السلطة أو تقاسم الكعكة, ومن الطبيعي في ظل هكذا مناخ أن ينشأ تنافس غير شريف على السلطة والمصالح. مضافاً الى ارتباطات هذه القوى بأجندة خارجية فهي خاضعة للتأثيرات الخارجية وتعمل لحساب الخارج وتأمين مصالحه في داخل العراق وهكذا يدخل العراق في لعبة التنافس على المصالح وصراع الارادات. أضف الى ذلك أن هذه القوى تعمل داخل عملية سياسية مأزومة فالعملية السياسية بنيت بناءً خاطئاً يجعلها سبباً مستمراً للأزمة والدستور الحالي فيه مشاكل جوهرية وهو لا يجسد حالة الوفاق الوطني للشعب العراقي ولا يوجد مشروع وطني كمنهج لحكم البلد.فاذا أخذنا كل ذلك بنظر الإعتبار لا يمكن أن نتوقع شيئاً غير حدوث الأزمات المستمرة على كافة الأصعدة. 3- أما الانسحاب الأمريكي فيجب لكي نقرأه جيداً أن نعرف النقاط التالية:- ان الإحتلال الأمريكي منذ البداية لم يكتسب شرعية قانونية ولا دولية وقام على أساس مبررات واهية وبالتالي هو احتلال مفضوح ولا يمكنه الإستمرار. ان الإحتلال في أي بلد هو وضع غير طبيعي لا يملك مقومات الديمومة وبالتالي لا بد أن يقف عند حد معين. ان الإحتلال حققّ جملة من الأهداف التي تحرك من أجلها فمن جهة حقق لإسرائيل ما كانت تصبو اليه من اخراج العراق عن ساحة الصراع والقضاء على مقومات القوة العراقية الى أمد غير قصير ومن جهة ثانية فكك بنية الدولة العراقية وقام بتغيير المعادلة السياسية وحوّل العراق من دولة المواطنة الى دولة المكونات وأسس لأمكانية تقسيم العراق وبذر بذور الفتنة ليوظفها في ايجاد التناحر بين المكونات, وأسس لنموذج يريد تسويقه الى بلدان أخرى في العالم العربي والإسلامي. وعمل على ارعاب العالم والكثير من دول العالم وتهديدها بشبح الإحتلال والتلويح بالقوة العسكرية, وحينما يستنفد المحتل أهدافه يبدأ بحساب الكلف فيما يتصل باستمراره. انّ ضغط الرأي العام العالمي وما انكشف للعالم كله من عدم وجود مبررات معقولة للاحتلال وما ارتكبه المحتل من انتهاكات في العراق, وفشل المحتل في ايجاد وضع منطقي في العراق, وعظم الخسائر التي تكبدها الشعب العراقي أثر الإحتلال, ونمو الإرهاب وزيادة مشاعر الكره والعداء لأمريكا أدّى الى توجيه ضربة معنوية كبيرة للولايات المتحدة الأمريكية لم تعد معها قادرة على ادامة الإحتلال. تفكك الحلف الذي حاولت الإدارة الأمريكية تشكيله ابان الإحتلال وشنت به الحرب على العراق أضعف الموقف الأمريكي في هذا المجال. ردة الفعل الشعبية في العراق حيث أن الإدارة الأمريكية واجهت - وربما فوجئت بذلك - عدم تقبل شعبي على نطاق واسع لاحتلالها, وحتى من لم يرفع السلاح بوجه المحتل فانه - وأتحدث هنا عن جماهير الشعب العراقي وليس عن القوى السياسية التي تماهت مع الإحتلال أو سايرته - لم يتقبل الإحتلال ولا استمراريته, وأثر سوء الأوضاع الأمنية والخدمية والأزمة السياسية في ايجاد قناعة راسخة لدى الشعب العراقي بسلبيات الإحتلال وما تسبب عنه من كوارث, أضف الى ذلك العمل المقاوم الذي أربك المحتل ووجوده العسكري وترك آثاراً جد كبيرة على جنوده, واحدث ردة فعل شعبية داخل الولايات المتحدة ضد استمرار الاحتلال. ان الأزمات التي واجهت الإدارة الأمريكية سواءً تطورات الحرب في افغانستان, أو الأزمة المالية العالمية التي تحولت الى كابوس ثقيل في الداخل الأمريكي جعلت من العسير جداً استمرار الاحتلال بكل ما له من استحقاقات باهظة. كل هذه النقاط يمكن أن تتيح للمرء تكوين قراءة واعية للانسحاب الأمريكي.

عبد الهادي ناجي علي /رئيس تحرير موقع تعزاليوم - اليمن

* هل تعتقد أن العراق بعد خروج القوات الامريكية سيكون أكثر استقراراً أم أن الطوائف التي ظهرت بعد سقوط العراق في قبضة المحتل ستقوم بدور المحتل في استمرار النزاعات والفوضى والتخريب في العراق?

- لا شك في ان الإحتلال نفسه هو عامل أساسي من عوامل عدم الإستقرار في أي بلد يتعرّض للاحتلال. وقد أدى احتلال العراق الى ضرب الإستقرار فيه لا سيما ما أوجده هذا الإحتلال من تداعيات خطيرة وما أدى اليه من واقع مقيت أبرز مفرداته سلب السيادة العراقية, وتفكيك بنية الدولة العراقية, وهندسة وبناء وضع سياسي جديد له مفاعيله المجتمعية بعيداً عن ارادة الشعب العراقي وفي مناخ غير طبيعي, مضافاً الى الإنتهاكات التي جرت على يد المحتل والتدخلات التي قام بها من خلال هيمنته الإحتلالية. ونحن لم نشهد لحد الآن خروجاً كاملاً للقوات الأمريكية فلا يزال هناك خمسون ألف عسكري أمريكي مضافاً الى ما يسمى بالشركات الأمنية. واذا أرادت الإدارة الأمريكية لهذا الوجود العسكري أن يتصرف كقوات محتلة فهذا يعني انّ الإحتلال كعامل من عوامل عدم الإستقرار سيبقى مستمراً وسيستمر معه عدم الإستقرار. أضف الى ذلك أن هناك عوامل أخرى لا تزال تضرب استقرار العراق, فالاستقرار الأمني لا يمكن أن يتم من دون استقرار سياسي, والاستقرار السياسي رهن بتحقيق تسوية سياسية تفضي الى مصالحة وطنية وبتطبيق منهج في الحكم يستند حقيقة الى ارادة شعبية وبالشكل الذي يحفظ وحدة العراق أرضاً وشعباً في ظل دستور يجسد حالة الوفاق الوطني للشعب العراقي ليصلح اطاراً سياسياً للدولة والمجتمع العراقي. وكل ذلك لم يتحقق بعد, مما يعني أنّ مخاطر استمرار حالة عدم الإستقرار لا تزال موجودة. أضف الى ذلك ان الاستقرار لن يتحقق في العراق اذا بقي العراق ساحة مفتوحة للتدخل الدولي والإقليمي الذي لا يلتقي مع المصلحة الوطنية العراقية. لقد أضحى العراق منذ الإحتلال ساحة مفتوحة وميداناً للتجاذبات الخارجية سواء بشكل مباشر أو من خلال القوى التي تعمل لحساب غيرها. وهذا عامل مهم من عوامل عدم الإستقرار في العراق. انّ غالبية القوى السياسية التي أمسكت بالواقع السياسي بفعل احتلال العراق والتي لا همّ لها الا تأمين مصالحها الذاتية والفئوية على حساب المصلحة الوطنية وتبني هذه القوى لنهج سياسي مضر بالمجتمع العراقي يعتبر عاملاً من عوامل عدم الإستقرار في العراق. وهكذا يتضح انّ حالة عدم الإستقرار باقية ببقاء مجموعة العوامل التي تضرب الإستقرار في أي مجتمع وجدت فيه هذه العوامل. ان التعددية الدينية والمذهبية والعرقية في أي مجتمع وفي أية دولة لا تشكل خطراً على استقرار المجتمع والدولة اذا كانت منسجمة وفاعلة في الإطار الوطني وفي المناخ الوطني وفي ظل منهج للحكم يستند الى ارادة الجميع ومشاركتهم السياسية من خلال الديموقراطية الصحيحة وهذا ما لم يحدث لحد الآن في العراق الأمر الذي يحمل معه مخاطر استمرار عدم الإستقرار ومحاذيره.

المحامي عاكف المعايطة / الاردن

* سماحة الامام نقدر فكرك عاليا ونحترمه كصاحب فكر وكلمة ما رأيكم بما حصل في العراق وهل من مصلحة العراق التقسيمات التي حصلت والتسميات التي سمعناها وما هو دوركم في مساعدة العراق للخلاص من الفتنة بصفتكم من اصحاب الكلمة المسموعة?

- ليس للعراق من مصلحة في التقسيمات التي حصلت والتسميات التي تم ابرازها في اطار مشروع التفتيت وإضعاف العراق.

وقد وقفنا منذ البداية رافضين للاحتلال ومعارضين للوضع السياسي الذي أفرزه الإحتلال وعارضنا الطائفية السياسية والاجتماعية, رافضين قيام الحكم والإدارة على أساس المحاصصة الطائفية والإثنية وصرحنا بانّ الفدرالية وتقسيم العراق الى أقاليم يهدد وحدة العراق ارضاً وشعباً ويفتح المجال للهيمنة الخارجية وقدمنا مشروعاً سياسياً لحل الأزمة اسميناه " مشروع الميثاق الوطني العراقي " بنيناه على أساس الحل الوطني والخيار الوطني وقدمنا مشروع التسوية السياسية كورقة عمل للجامعة العربية. ومنذ الإحتلال ولحد هذه اللحظة لم يفتأ خطابنا السياسي والإعلامي يلعب دوراً مهماً في توعية الشعب العراقي واقناعه بالخيار الوطني وقد كان لجهودنا السياسية والدينية التأثير الكبير في افشال المشروع الطائفي شعبياً وتكريس الإنتماء العربي والاسلامي للعراق.

ياسر حمّاد / الاردن

* قبل أن تكون هناك حرب الخليج على العراق الشقيق ومن ثم الإحتلال المزمن من قبل أمريكيا والدولة الصهيونية وكل من شارك في هذه الحرب والفتنة الكاذبة. الكل كان يطالب العراق حكومة ودستور أن تكون هناك حرية أكثر في القوانين والدستور والسياسة بشكل عام وخاص, ناهيك عن دور الطائفية وتعدد المذاهب والأحزاب, وبالتالي كان الجميع يطالب بطرد الحاكم والحكومة وتفكيك حزب البعث القائم على الفساد والظلم, وهذه الدعوة كانت منتشرة داخل العراق وخارجه? هل برأيك العراق الآن قد حقق هذا الأمر وهذه الأمنية, وهل هو بوضع صحي الآن وملائم أن يحقق كل ما كان يريده ويتمناه? وهل حققت له الطائفية كل ما يريد من حرية وقانون وسياسة وتعددية وعدل إن كان يحق لنا أن نتحدث عن العدل على الأقل? هل العراق الآن قوي كما كان?

المؤيد

- منذ تأسيس الدولة العراقية سنة 1921 عملت الطبقة السياسية العراقية آنذاك على قيام وتثبيت نظام ديمقراطي دستوري عادل يلبي طموحات الشعب العراقي في بناء الدولة العصرية القائمة على التعددية السياسية والمشاركة السياسية والعدالة الاجتماعية والتطور العلمي والثقافي والتنمية والرخاء. وقد قطع العراق أشواطاً مهمة بهذا الإتجاه في ظل الحكم الملكي آنذاك على الرغم من السلبيات التي ظهرت على الصعيد السياسي على مستوى بعض السياسات الخارجية, أو الإدارة السياسية الداخلية.و قد بدأ التراجع في مجمل المنظومة المشار اليها اثر الانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكم الملكي سنة 1958 والذي قضى على التعددية السياسية وفتح الباب للانقلابات العسكرية وأفضى الى الديكتاتورية والقمع وأدى بالتالي الى قيام معارضة سياسية لم تتمكن من العمل الصريح وبالاساليب الديمقراطية من الداخل فعملت في الخارج ووقع الكثير منها فريسة لمخططات دولية واقليمية لم تكن تلتقي في كثير من الأحايين مع المصلحة الوطنية العراقية. وقد استغلت ادارة بوش هذا الموضوع اسوأ استغلال ووظفته لتمرير مخططها في احتلال العراق وتغيير الوضع فيه تغييراً جوهرياً. وبدلاً عن أن يكون البديل عن الديكتاتورية بديلاً مستنداً الى الارادة الجماهيرية والخيار الوطني تم هندسة وضع جديد في العراق مكّن لكثير من القوى غير المخلصة أو المأجورة من تولي الأمور وعلى أساس استبعاد الخيار الوطني. والديمقراطية المطبقة اليوم في العراق هي ديمقراطية حكم قوى سياسية أغلقت الدائرة على نفسها من جهة وهي على هذا المستوى أيضاً ديمقراطية مأزومة ينتابها التنافس غير الشريف وانعدام المصداقية والثقة ومحاولة مصادرة الآخرين في ذات الدائرة المغلقة. ومن جهة ثانية تم تطبيق ما يسمى بالديمقراطية التوافقية التي ثبت فشلها في بلدان أخرى كلبنان حيث أن الديمقراطية التوافقية وان أعطت هامشاً من الحرية قد يتسع ويضيق الاَّ انها تكبل الحركة السياسية وتعيق بناء الدولة والمجتمع, وتلتف على مبدأ المشاركة السياسية والتعددية السياسية الحقيقية وتحوّل الحكم الى حكم اقطاعيات سياسية. انّ الوضع الحاصل في العراق وضع خسر العراقيون فيه كثيراً من ايجابيات العهود الماضية وأضرت بهم كثيراً سلبيات جديدة جاءت مع العهد الجديد.

أشرف عبد الخالق مدير ورئيس مركز الفجر برنامج مناصرة حقوق الانسان بمصر

* أتساءل بوصفكم شخصية سياسية ودينية كبيرة ما هي الإجراءات التي قمتم بها أو ستقومون بها في اتجاه اصلاح ما بقي من العراق وما رأيكم في تكوين سريع لحكومة ائتلافية? أكرر لكم مني خالص الود

- 1- رفض الإحتلال. ولي مواقف سياسية واضحة في هذا المجال منذ بداية الإحتلال. 2- رفض الطائفية السياسية وبناء الحكم والإدارة على أساس المحاصصة الطائفية. 3- رفض تحويل العراق من دولة المواطنة الى دولة المكونات. 4- دعونا منذ البداية الى المصالحة الوطنية. 5- أيدنا حق الشعب العراقي في المقاومة للمحتل بكل أشكالها وأكدنا على ضرورة التمييز بين المقاومة والإرهاب مدينين الاعمال الإجرامية التي تطال الأبرياء وتضرب السلم الأهلي وأكدنا ضرورة أن يحظى العمل المقاوم بتأييد جماهيري واسع من كل الشرائح وأن لا ينجر الى متاهات التفرقة والفئوية. 6- وقفنا مطالبين بان يكون الدستور مجسداً لحالة الوفاق الوطني العراقي وسجلنا ملاحظاتنا وموقفنا من الدستور الحالي. 7- وقفنا منذ البداية ضد الطرح الطائفي والمنهج الذي سلكته القوى الشيعية الطائفية التي أمسكت بالواقع السياسي في العراق بفعل الإحتلال. 8- قدمنا مشاريع سياسية لتحكيم الخيار الوطني العراقي كمشروع الميثاق الوطني ومشروع التسوية السياسية. 9- أسسنا نواة لتنظيم سياسي " التيار الوطني العراقي " للاسهام في ايجاد طبقة سياسية تعمل بالنهج الوطني. 10- كان لنا دور فعال في العمل على حفظ النسيج المجتمعي العراقي وحفظ لحمة العراقيين والنأي عن التمزق الطائفي والعرقي. لقد عملنا في الظروف الصعبة جداً وفي أجواء الشحن الطائفي البغيض وتحملنا من الصعاب ما تنوء به الجبال الرواسي ودفعنا ضريبة باهظة لهذه المواقف ونحن مستمرون في العمل من اجل انقاذ العراق واقامة حكم ديمقراطي حقيقي يبني المجتمع والدولة الحديثة وينال فيه الشعب العراقي الرخاء والتقدم.

محمد أبو طير / مستشار سابق للرئيس عرفات

* المتتبع لرسالتك العروبية المهمة في زمن الخذلان الرسمي العربي يتطلع الى المستقبل بالكثير بالامل بان الامة العربية قادرة بجهودك وجهود الوطنيين الاحرار في تحرير الامة. سؤالي ما هي توقعاتك لمشروع السلام العربي الاسرائيلي

- لا أتوقع النجاح لمشروع السلام العربي الإسرائيلي. وذلك لعدة نقاط أذكر منها نقطتين:- 1- انّ الصراع مع الكيان الصهيوني بوصفه من الصراعات الكبرى فهو محكوم لقوانين الصراعات الكبرى, ومن هذه القوانين أن الصراعات الكبرى لا تعالج الا بحلول جذرية, وأن الكوارث ربما تأتي من قبول حلول وسط. وعلى هذا الأساس فانّ هذه المفاوضات لن تتمخض عن حلول جذرية وأعتقد أنها لن تأتي حتى بالحلول الوسط في ظل التعنت الإسرائيلي والعقلية الصهيونية وفي ظل عدم وجود ارادة امريكية لاقامة سلام متوازن, وفي ظل الخلل في موازين القوى, وانما ربما تتمخض عن حلول هزيلة غير قادرة على انهاء الصراع بصورة كاملة ونهائية. 2- ان الصراع مع الكيان الصهيوني ليس صراع حدود وانما هو صراع وجود, وهذا الكيان عبارة عن جسم غريب في وسطنا لن يتوقف عن تهديد أمننا القومي واستغلال الفرص لايجاد الأزمات والمشاكل على مختلف الأصعدة, ولن يتخلى عن أطماعه التوسعية فيما لو حانت له فرص يراها في الأفق. وبالتالي فان المفاوضات وان أنتجت حلاً لقضايا معينة فانها لن تأتي بسلام شامل ومستقر يمكن التعويل عليه. الاّ أنّ أية تنازلات يقدمها العدو الاسرائيلي ستكون مفيدة للقضية الفلسطينية وهي القضية المركزية للعرب والمسلمين جميعاً, لأنّ هذه التنازلات ستأتي حلقة في سلسلة انكفاء المشروع الصهيوني وتراجعه وستكون رقماً في العد العكسي لنهاية هذا الكيان. ولا شك في أنّ المشروع الصهيوني آخذ بالتراجع وان دولة اسرائيل آخذة في العد العكسي وهناك عدة حقائق تدلل على ذلك.0