مع د. جابر قميحة

د. جابر قميحة

في حوار حول (الأدب الإسلامي)

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

حوار أجراه مجدي عبد اللطيف – القاهرة

ـ الإنطلاق من التصور الإسلامي والجمال أهم سمات الأدب الإسلامي

ـ لم يعتبر محمد قطب طاغور أديبا إسلاميا

ـ على الناقد أن تكون نظراته شمولية للأعمال الإبداعية

ـ كان الرسول - صلى الله عليه وسلم-معجبا بشعر

أمية بن أبي الصلت رغم عدم إسلامه .

ــــــــــــــــــــــــ

   الدكتور جابر قميحة من مواليد مدينة المنزلة بجمهورية مصر العربية سنة 1934 تخصص فى  الأدب  العربي الحديث . وحصل على درجة الدكتوراه من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة ، وهو بالإضافة إلى ذلك شاعر له عدة دواوين , منها   ديوان " لله والحق وفلسطين " ,وكان آخرها ديوان " حسبكم ااه ونعم الوكيل " . وقد أثرى المكتبة الإسلامية بأكثر من أربعين كتابا فى الأدب  والفكر الإسلامي .

     وهو داعية للفكر الإسلامي  جمع في دعوته بين عمل المنظر والمبدع ، والحوار معه لابد أن يتناول إحدى أهم القضايا المطروحة وهي الأدب الإسلامي  الذي  يجب أن يواكب الصحوة الإسلامية التي يشهدها العالم اليوم ، فكان لنا معه هذات اللقاء :

· مامدى مواكبة الأدب الإسلامي للصحوة الإسلامية ؟ وما العوائق التي تحول دون سطوعه على الأنواع الأخرى من الأدب

-   الأدب الإسلامي مواكب للصحوة الإسلامية المحرومة من وسائل الإعلام التي تمتلكها الاتجاهات الأخرى ، ولكن مع ذلك فإنه يخطو بخطى ثابتة على الرغم من المثبطات والمعوقات التي يواجهها ، ويمكن أن نحصرها في عائقين او مثبطين " الأول هو قلة الإمكانات المادية  والثاني الحرمان الإعلامي . ولو أتيح هذان العاملان لاكتسح الأدب الإسلامي الاتجاهات الأخرى في الأدب .

تدريس الإدب الإسلامي :

·                    وما موقع الأدب الإسلامي على خريطة الدراسة الأكاديمية ؟

-   الأدب الإسلامي يدرس الآن فى الجامعات والمعاهد العلمية وليس بالمفهوم التاريخي والزمني بل بالمفهوم القيمي والفكري . وهو الإبداع المنطلق من التصور الإسلامي للإنسان والكون والحياة  .

وهناك عشرات الرسائل  الجامعية عن الأدب الإسلامي , والأدباء الإسلاميين , وعلى سبيل المثال نوقش عدد كبير من رسائل الماجستير والدكتوراه عن نجيب الكيلاني , ورسالة دكتوراه في  إحدى الجامعات السعودية عن الشاعر السوري عمر بها الدين الأميري .

والأدب الإسلامي موجود بقوة ويسير بخطى ثابتة لأنه أدب الفطرة والنفس السوية .

·                    هل مازال الأدب الإسلامي يعاني من إشكالية المصطلح ؟

-   لقد كتبت بحثا نشرته مجلة الوعي الإسلامي في حلقتين بعنوان الأدب الإسلامي بين إشكالية  المصطلح . ومعيارية التطبيق "

   والواقع أنه لا مشاحة في المصطلح . فالبعض رأى تسميته " الأدب المسلم " وآخر رأى تسميته " أدب الدعوة الإسلامية " .

     لكنني أرجح تسميته " بالأدب الإسلامي " فهي الأسلم والأقل انتقادات  . وهناك خمسة عشر تعريفا للأدب الإسلامي  ومع  بساطتها  نجد بينها فروقا واضحة , وتعد هذه  ظاهرة صحية إذا اتفقنا على الثوابت , وأهمها أن الأدب الإسلامي يصدر عن أديب مسلم ينطلق من تصور إسلامي للإنسان ، والكون والحياة وتتوفر فيه الشروط الجمالية للأدب .

    وقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – " إن من البيان لسحرا " فأنا أطالب إخواننا المبدعين  بالاهتمام بالجانب الجمالي .

·  لكن قد يكتب شخص غير مسلم أدبا بهذه المواصفات .. فما الموقف ؟

-   هذا حقيقي فقد يكتب شخص غير مسلم  أدبا برؤية إنسانية ، وقد كنت أرى  في بداية تعاملي مع الأدب  الإسلامي ضرورة اعتبار هذا الأدب أدبا إسلاميا , لكني اكتشفت أن هذا سوف يجعل كل الآداب الإنسانية  أدبا إسلاميا , وسوف تصبح كل حِـكَم الجاهلية كذلك ، حتى لو قال بن جوريون أو نتانياهو كلاما عن الرحمة والعدل وصفناه بالإسلامية .

بالطبع  فإن هذا سوف يفقد الأدب الإسلامي هويته ، ثم لماذا نذهب بعيدا ؟  إن اشتراط إسلامية الأديب أساس وصف إبداعه بالأدب الإسلامي , لأنك عندما تعلن عن وظيفة شاغرة فإنك  تحدد نوعية الموظف الذي سيشعلها فلا يكون أجنبيا وهو ما تسير عليه قوانين العمل الدبلوماسي مثلا ، فليس غريبا ولا بدعا أن نشترط إسلامية الأديب حتى نصف أدبه بالإسلامية.

·  قد يخالفكم في هذا  الإستاذ محمد قطب إذ يعد أدب طاغور وسنج أدبا إسلاميا .. فما رأيكم .

-   لم يحدث  أن اعتبر الأستاذ محمد قطب من غير المسلمين أدباء إسلاميين . والذي حدث هو مجرد فهم خاطىء لما كتبه الأستاذ محمد قطب . ولا يمكن ان يعد طاغور  الذي كان يعبد البقر أديبا إسلاميا ، لكن مع ذلك يمكن القول إن أدبه يقترب من الأدب الإسلامي .

والرسول – صلى الله عليه وسلم – كان معجبا بشعر أمية ابن أبي الصلت . لأنه كان كثير الحكمة وله رؤية عقلانية طيبة , ولكن لايمكن أن نسمي شعر أمية هذا أدبا إسلاميا . فقد هجا أمية الرسول – صلى الله عليه وسلم- ومع هذا لم يمتنع الرسول الكريم عن تقدير الحكمة في شعر أمية . ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) المائدة (8) ،.

وكذلك شعر أبي نواس فقد ظلموه عندما ركزوا على خمرياته . مع أن له زهديات وإسلاميات قيمة , لذلك يجب على الناقد أن ينظر نظرة  شمولية للإنتاج الأدبي حتى يكون حكمه دقيقا ورأيه مصيبا .

وذلك نأيا به عن الوقوع في شراك النظرة الجزئية الضيقة التي تخرجه  عن صواب الرأى ودقة الحكم .

قضايا  الأدب الإسلامي :

·  البعض يرى فى الأدب الإسلامي قصورا في معالجة بعض القضايا كالجنس والسياسية والتخلف الحضاري.

-   أي أدب ومنه الأدب الإسلامي بالطبع  غير مطالب بوضع حلول للقضايا والمشكلات ؛ لأن هذه مهمة علم الإدارة والاقتصاد والاجتماع والسياسة – أما مهمة الأدب فهي أن يعرض , وأن يفجر , وأن يفتح القضايا .

والواقع  يؤكد أن الأدب الإسلامي قد استوعب كل القضايا المعروضة على الساحة مثل قضية البوسنة والهرسك وفلسطين وكشمير ومشكلة التخلف والتقاعس عن نصرة الحق .

كل هذه القضايا لم يعطها  ويعالجها تماما سوى الأدب الإسلامي ، وذلك في الوقت الذي انصرف فيه العلمانيون عن هذا المجال تماما .

والأدب الإسلامي اشمل مما يتوقع البعض , فهو يضم الأدب المكتوب باللغات الأوردية والفارسية والسواحلية والملاوية . لكن المشكلة أننا لانقرأ .

وهناك حقيقة لا يماري فيها أحد ، وهي أنه عند الحديث عن فلسطين أو السلام الزائف فإنه لايمكن أن يتجاهل أحد الأدب الإسلامي .

النظرية النقدية الإسلامية .

·  على المستوى التنظيري  .. هل يمكن القول بوجود نظرية نقدية إسلامية في الأدب ؟.

-        أنا لست مع الذين يستعجلون وجود نظرية متكاملة للأدب الإسلامي ؛ لأن الذي سيصنع هذه النظرية هو الإبداع  وليس التنظير , لكن هناك محاولات بذلت بإخلاص فى التنظير للأديب الإسلامي وأغلب الأخوة الذين ينظرون –

-                       تواضعا منهم – أطلقوا على ماكتبوه " المدخل فى الأدب الإسلامي " و" مقدمة  في الإدب الإسلامي

·  هل هذا يعني أن النظرية  الإسلامية في النقد لن تبلور إلا بعد فترة طويلة ؟! .

- النظرية تبدأ بتوجيهات أولية على خطوطها يصدر الإبداع ويتكاثر ملتزما بها ، وقد يزيد عليها , أو يتعدى  نطاقها , فيشير الناقد الإسلامي  إلى ملمح غاب عن الآخرين فيبدأ  المنظر الإسلامي ليكتب عن هذا الإبداع  الجديد , وهكذا تتوالى التنظيرات وليس التنظير الواحد, ويكون الإبداع هو سبب نموها .

والإبداع مثل الرواسب التي تكوِّن دلتا النهر التي تتكون تدريجيا عبر مئات السنين .

·  وهل هذا هو السبب عدم حسم بعض القضايا حتى الآن ؟

-  هذا حق. وهناك عدد من المسائل لم تحسم حسما قاطعا  حتى الآن مثل المسرحية – هل تظهر فيها المرأة  ؟ وكيف ؟

وكذلك الحديث عن الجنس , وهل من حق الأدب الإسلامي أن يمدح أميرا أو حاكما ؟ البعض يرى جواز  ذلك , والبعض يرى المنع سدا للذرائع حتى لا يتحول الأدب الإسلامي إلى سيمفونية مدح .

أدب الدعاء

·  دعا الشيخ أبو الحسن الندوي إلى العناية بأدب الدعاء والسيرة النبوية . ألا يعد هذا مباشرة في التناول .

-    بالنسبة لتوجيه العلامة الشيخ أبي الحسن الندوي لهذا النوع من الأدب ، أقول  إن الرسول صلى الله عليه وسلم – دعا بقوله " اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ... إلخ " وهذا أدب دعاء يتميز بالتسليم لله في كل شيء , وهو يشتمل على قيمة عالية من الناحية التعبيرية " ضعف قوتي" و" قلة حيلتي " وفيه كذلك موسيقية الجمل القصيرة , والتصوير الواقعي . أما مسألة  المباشرة وغير المباشرة التي أشرت إليها في سؤالك فالدعاء إلى الله يجب أن يكون مباشرا والمسألة تصبح هنا مسألة الجماليات  .

أما المباشرية التقريرية والتي اتصور أنك تقصدها فهي تختلف عما أوضحت .

رابطة الأدب الإسلامي .

· نشأت رابطة الأدب الإسلامي العالمية في بلد  أعجمي هو الهند ونشأ الأدب الإسلامي فى موطن عربي بماذا تفسرون ذلك ؟

-   يجب ألا ننسى  أن الهند هي موطن الشاعر الإسلامي الكبير محمد إقبال  ، أما نشأة الرابطة في الهند فهذه تحسب لصالح الأدب الإسلامي لا ضده , فهي تدل  على عالمية الأدب الإسلامي ،  وأنا أعد إنطلاق  الدعوة  إلى  الأدب الإسلامي من الهند توفيقا من الله .

وما يدريك  أن يكون تحرير فلسطين  على أيدي فيالق إسلامية غير عربية ؟.

ثم إنه يجب ألا تغيب عنا نقطة  هي في غاية  الأهمية . وهي أن الإسلام دين وقومية وجنسية وأدب . وإذا رجعت إلى التراث وجدت  شيخ الحديث البخاري من غير العرب , وكذلك رائد النحو العربي سيبويه فارسي الأصل .

لذلك فإننا نرحب بإخواننا فى الهند وإيران ونيجيريا وكل مكان بجهودهم في خدمة الإسلام. .وقد صادف إنشاء رابطة الأدب الإسلامي  توفيق كبير,وسرت الدعوة إلى الأدب الإسلامي على يد الشيخ العلامة أبي الحسن الندوى الذي تتلمذ كثيرون على كتاباته وبخاصة كتابه " ماذا خسر العالم  بانحطاط المسلمين ".