ريم محمد محاجنة
ريم محمد محاجنة
أكشن، برقة ونعومة!!
قابلتها: ميسون أسدي
*ريم- من مدينة أم الفحم- تدرس الإخراج وفن كتابة السيناريو والإنتاج السينمائي في المدرسة العربية الفلسطينية للسينما في الناصرة*
*دائما كنت أفخر عندما أصادف فتاة أو امرأة، تعمل في مجال احتكره الرجال على مدى الزمان، وفي مجال الإخراج السينمائي أصبح عدد المخرجات العربيات، لا بأس به، حتى أنه أصبح هناك مهرجانات خاصة لسينما المرأة..
في هذه المرّة، لم أفاجأ بوجود فتاة تعل بالإخراج السينمائي، المفاجأة أن الفتاة رقيقة جدا وخجولة جدا، في مهنة تحتاج إلى السلطة ونوع من الدكتاتورية والقسوة، فلكي تكون مخرجا، عليك أن تسيطر على كادر عمل سينمائي ضخم، من مصورين وممثلين إذا وجد، واختيار أماكن التصوير، وملائمة النصوص، واختيار أماكن التصوير وزواياه، وما إلى ذلك حتى يصرخ المخرج بأعلى صوته: "أكشن" فيصمت الجميع ويسكنون دون حراك..
ريم محمد محاجنة من مدينة أم الفحم، عمرها (23) عاما، ولكنها تبدو في الـ (17) أو أصغر- أنظروا الصورة- وهي تتعلم في المدرسة العربية الفلسطينية للسينما في الناصرة- سنة ثالثة- تخصص: إخراج وكتابة سيناريو وإنتاج.. وقد قابلتها بالصدفة وأجريت معها هذا اللقاء الخاطف.
**الحب من أول مشهد!!
تقول ريم: خلال الثانوية شغفت كثيرا بمشاهدة الأفلام ولم يقتصر الأمر على المشاهدة، فقد كان عندي فضول كبير للتعرف على مراحل هذه البناء الجميل والمبهر: طريقة كتابة السيناريو، الإخراج، التصوير، الوقوف أمام الكاميرا والتمثيل، عملية الإنتاج نفسها وغيرها من دقائق العملية السينمائية.. ومن هناك بدأ اهتمامي وتعمقي أكثر بهذا العمل الجبار.
أنهيت دراستي الثانوية في مدينة أم الفحم عام 2005، وفي يوم، قرأت إعلان في الجريدة عن المدرسة العربية الفلسطينية للسينما في الناصرة، فسجلت بها على الفور، وبعد إجراء لقاء شخصي، تم قبولي، وها أنا في السنة الثالثة.
وتعلق ريم: اختياري للمجال نبع من حبي للسينما والفن بشكل عام.. أبي يملك مخبز، وأمي مدرسة روضة ونحن (4) أخوة وأنا رقم ثلاثة، والبنت الوحيدة في البيت، أخي الكبير يتعلم هندسة والثاني يتعلم موضوع الإرشاد للطفولة المبكرة، أفراد عائلتي يتذوقون الفن ويحبوه، يذهبون بشكل دائم لحضور الأفلام والمسرحيات.. المجتمع حولي في أم الفحم، يستغربون عندما أقول بأنني أدرس السينما، ويتساءلون: ماذا سيكون منها؟! ولكن عندما أقوم بتصوير مشهد في الحارة، ترى الفرحة على وجوه الجميع وأنا أعتبر هذا الأمر تشجيع غير مباشر.. فأنا مثل معظم أبناء مجتمعنا الذين أرادوا خوض مجال الفن ولم يتلقوا التشجيع من المجتمع، لكن عندما أصبحوا محترفون ومشهورون، أخذ الجميع يفتخر بهم.. حظي الوحيد، أنني ألاقي التشجيع الكامل من قبل العائلة.
**أعمالي بدأت بحقيبة!!
وعن الأعمال التي أنتجتها حتى الآن ضمن إطار التعليم تقول ريم: لي فيلم قصير من (3) دقائق، يحكي عن بنت وجدت حقيبة، ترددت في أخذها وحاولت فتحها من منطلق حب الاستطلاع وكانت تواجهها عقبات نفسية وتقنية وفي النتيجة وجدت أشياء لم تتوقعها، الحقيبة مميزة ولكن وجدت بها أدوات بناء!! الأساتذة في المدرسة أحبوا الفيلم، فالمواقع التصويرية قريبة مني ووصلت للمشاهد صورة البنت وكيف تعاملت مع الحقيبة.. وهناك سيناريو جاهز سأصوره في الصيف عن محطة باص، يحكي قصة بنت، كل يوم، تنتظر الباص وفيه مقعد وحيد وعليه تتصارع أجيال وهذا المقعد هو رمز للأرض وفلسطين والصراع على المقعد هو الصراع بين الأجيال على الأرض، صراع عن طريق رموز.. اعمل حاليا مع الطالب تميم حمد- من عيلوط- على فيلم وثاقي يحكي قصة الأرشيف الفلسطيني النصراوي والفيلم سيشارك في "مهرجان العودة" هذا العام.. كما أنني أحضر لسيناريو فيلم روائي قصير، عن قصة محلية، وما زال الحديث عنه مبكرا..
**المدرسة او الثقة!!
تحدثنا ريم عن المدرسة العربية الفلسطينية للسينما في الناصرة، وتقول: الدراسة يومين في الأسبوع.. أدرس دورات عملية ونظرية، التعليم العملي يتضمن: الإخراج، التصوير، التمثيل، وكتابة سيناريو.. أما التعليم النظري فيتضمن: تحليل السينما الفلسطيني، نظري وعملي والمونتاج في أول سنة يكون نظري وبعدها يتحول إلى العملي.. كما ندرس التحليل النفسي للأفلام وأفلامنا، تعلمنا (5) دروس لفرويد، وبدأنا نرى أفلام ونطبق الدروس عليها، المسببات النفسية. تاريخ السينما وتاريخ الفنون، سياسة وفلسفة وعلم اجتماع، دور المرأة في الإعلام.. تحليل أفلام ودورها في السينما والإعلام ومن وجهة نظر الرجل للمرأة هناك مخرجين أنصفوها وهناك النظرة الذكورية للمرأة.
وتضيف ريم: أنتجت المدرسة (3) أفلام، من إخراج وكتابة وإنتاج المدرسة وقد حازت هذه الأفلام على جوائز في مهرجان "العودة" في رام الله ومهرجان "قليبيا" في تونس، ومهرجان "دبي السينمائي"، وسيشارك فيلم "يا أنا يا حيفا"، عما قريب في مهرجان "فيستماج" في فرنسا.. في هذه الأفلام الثلاثة، كنت مساعدة مخرج: :يا أنا يا حيفا: إخراج شادي سرور، وفيلم "عدنا" للطالب نعيم أبو تايه، وفيلم "أوسلو غزة" لوليد حمدان.
خلال فترة التعليم حصلت على ثقة كبيرة بالنفس، من ناحية عندما أتكلم عن فكرة، كنا نعرض أفكارنا عن الأفلام وملخص السيناريوهات أمام الأساتذة وغيرها، كنت أقدم بثقة وتفهم، فقد أعطاني التعليم أن أفكر في أفكار بارزة وغير بارزة وعدة أبعاد، أتناولها وأفكر بها، وأصبحت متمكنة كثيرا في هذا المجال.
هناك دورة للإدراك، تعلمنا الإدراك في الحياة، كيف نتعامل مع الموقف، ان نشعري بالشيء وندركه ونتفهمه.
**باقية في البلاد!!
وتختتم ريم حديثها: أتصور أنني سأعمل هنا في السينما والأفلام الفلسطينية، وأفلام روائية في البلاد، أريد أن أبقى في بلادي ومن اجل مجتمعي وحياتي الفلسطينية.. صحيح أن هناك صعوبات في هذا المضمار وهو بالأساس التمويل المادي، لكن حتى هذا الأمر نتعلمه في مدرسة السينما، فهناك دورة نأخذها لكيفية بناء ميزانيات ونتعلم فيها كيف يمكن أن نوفر قدر الإمكان في الميزانيات حتى لا نخسر.