مع الشاعر فيصل بن محمد الحجي
مع الشاعر فيصل بن محمد الحجي
أجراها: محمد شلال حناحنة
س1 – فيصل الحجي شاعر مخلص للقصيدة، فلا يكاد يكتب غيرها، بينما نرى الكثيرين يكتبون عدة أنواع أدبية، كيف تنظر لهذه المسألة؟ ولِمَ كان التعبير الشعري همك الأدبي الدائم؟
ج1 – بصراحة.. ظروفي الشخصية هي السبب... أنا أشتهي أن أكتب نثراً كما أكتب شعراً، وفي رأسي الشيء الكثير الذي أتمنى أن أكتب فيه.. ولكن زحمة المسؤوليات وكثرة الأعباء الوظيفية والعائلية والاجتماعية وغيرها تشغلني – نفسياً أو جسدياً أو كليهما – وتجعلني عاجزاً – أو شبه عاجز – عن كتابة النثر بل عن كتابة الشعر أيضاً..!ولكن للشعر قوة خارقة تمكنه من اجتياز الموانع والحواجز فيفرض نفسه علي حتى في أوقات الذروة من زحمة الأعمال كالاختبارات المدرسية.. ويزداد الشعر قوة بفعل الأحداث المثيرة والخطيرة التي تقع هنا وهناك في العالم الإسلامي..! وكم أتمنى لو استطعت التفرغ للقراءة والكتابة بعد هذا المشوار الطويل في ميدان الحياة؛ وفي ميدان الأحداث؛ وفي ميدان التدريس؛ وفي ميدان العلاقات.. ولا أدري هل سيحقق الله لي هذه الأمنية؟ أم أنني سأمضي بقية حياتي أسير الشعر فقط..؟!
س2 – ديوانك الأول (فارس لا يترجل) ماذا تجد فيه اليوم في ظل هذا الأسى الذي تعيشه الأمة من اغتصاب للأرض ومقدرات الأمة وآمالها؟
ج2 – أجل.. إن الأسى يخيم على الأمة لما تعانيه من اغتصاب للأرض ومقدرات الأمة، ومن محاولات (وأد) آمال الأمة في التحرر والعيش الكريم وتبوؤ المكانة اللائقة بين الأمم..!
ولكن الذي أريد أن أقوله هنا: إن الفارس لم يترجل.. ولو أنه ترجل لما حشدت هذه الحشود.! ولما عقدت هذه التحالفات بين أقوى الدول..! ولما رسمت تلك الخطط الماكرة الرهيبة..! ولما أنفقت تلك الثروات الطائلة..! يُقابل هذا بطولات وتضحيات.. وصبر واحتساب.. ووعي إسلامي يتنامى يوماً بعد يوم..
إن ميزان القوى يبدو – من حيث الظاهر – أنه يميل لصالح أعداء الإسلام بسبب تكالب الأعداء وتخاذل أصحاب القضية.. ولكن (الظاهر) وحده لا يصور الحقيقة كاملة.. فالمسيرة – بمجملها تسير لصالح الإسلام، فالفارس لم يترجل.. ولن يترجل بإذن الله، ولكن لا بد من دفع ثمن النصر، ولا بد من تحقيق الشروط التي نستحق بها النصر.
س3 – قصيدتك (ما الغريب؟) تترع بسخرية مرة، ومفارقات موجعة! لماذا تلجأ إلى السخرية المفجعة؟! ألسنا بحاجة إلى استشراف المستقبل رغم الفجائع؟!
ج3 - قصيدة (ما الغريب؟) حَوت الأمرين معاً.. حوت السخرية المُرة والمفارقات الموجعة.. كما حوت التفاؤل واستشراف المستقبل.. ولكن مساحة السخرية امتدت أكثر على خريطة القصيدة لأنني أجدها أنجح في إثارة الشعور؛ وتنبيه الغافلين؛ وتحقيق الوعي، مقابل الهجمة الإعلامية المضللة التي تحاول تزوير الحقائق؛ وشغل الناس بتوافه الأمور؛ والمظاهر السطحية الخادعة.. والخلط في المعلومات؛ لصرف المسلمين عن التفكير السديد، ولما استوفيت ما أريد بقدر الإمكان ختمت القصيدة بخاتمة تفاؤلية تقوم على العودة الصادقة إلى الالتزام الجاد بالإسلام؛ والجهاد؛ وتحقيق العدل وإزالة الظلم؛ واللجوء إلى الله.
س4 – ما زال شعر التفعيلة يثير جدلاً واسعاً في أوساط كثير من أدباء الإسلام.. لكنك تكتبه.. هل تجلو لنا هذا الأمر؟
ج4 – الإشكال الحقيقي – من وجهة نظري – هو في وجود (الإيقاع) في الشعر.. فلا شعر بلا إيقاع.. وبهذا يخرج النثر بكل أنواعه من دائرة الشعر.. فلا وجود لما يُسمى زوراً وبهتاناً الشعر المنثور.! أما الإيقاع – وكذلك تنوع القافية – فقد حدثت فيه تطورات كثيرة خلال العصور... من العصر العباسي إلى العصر الأندلسي..إلى عصور الدول المتتابعة.. إلى العصر الحديث.. وأنت تلاحظ أن الإيقاع يظهر عند إلقاء قصيدة التفعيلة، كما يظهر تنوع القافية وهذا ليس بالشيء الجديد.
س5 – ينهل شعرك من القبس القرآني وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم.. لكن هناك من يرى أن هذا يُضعف فنية الشعر وجماله، ما رأيك بهذه القضية؟
ج5 – الأديب المسلم – شاعراً أو ناثراً – مرجعه القرآن والسنة... هما معينه الذي ينهل منه، وفي هذا قوة للنص الأدبي.. ولكن المهم في هذا المجال هو الطريقة التي ينهل بها الشاعر من القبس القرآني والأحاديث النبوية، فالموهبة الأصلية والانفعال الصادق – إذا توافر لدى الشاعر – فهما جديران بسبك الاقتباس سبكاً شاعرياً موفقاً.
س6 – يقولون: (إن تيار العولمة أضحى جارفاً لكل شيء: لهوية الأمة وتراثها وثقافتها وحتى طموحاتها) ترى كيف نقاوم هذا التيار؟
ج6 – مخططو وراسمو العولمة يريدون ذلك..! يريدون لتيار العولمة أن يكون جارفاً.. يجرف هوية الأمة وتراثها وثقافتها وطموحاتها.. ويستغلون تفوقهم المادي لتحقيق ذلك، ولكن خسئوا وخابوا..! فأصالة الأمة أقوى مما يتصورون، فالإسلام يحمي الأمة ويصونها، والله يحمي الإسلام ويحفظه، ولقد تعرضت الأمة في تاريخها الطويل إلى هجمات شرسة وماحقة، ولكنها بقيت وانمحق العدوان، والمتوقع أن تُسْلِمَ العولمة لأن الإسلام دين عالمي، ولن يتعولم الإسلام.
ومع ذلك يجب أن نعترف أن أبناء الأمة ينقسمون الآن إلى تيارين: تيار واعٍ أصيل يجمع بين الأصالة والمرانة، يتمسك بثوابت الأمة وينفتح على كل وافد مفيد لا يتعارض مع الثوابت، وهذا التيار هو الذي يصمد أمام هجمة العولمة، وتيار آخر ينبهر بمظاهر الحضارة المادية، أو يهلع أمام مظاهر القوة الطاغية، فيضعف ويتخاذل ويستسلم لما يريد دعاة العولمة..! وهذا الفريق هو الذي يُغري دعاة العولمة ليستمروا في محاولات الغزو الفكري – وغير الفكري – حتى يستسلم الجميع، ولن يفلحوا بإذن الله..! فالموقف موقف ابتلاء يميز الله فيه الخبيث من الطيب، والصادق من الكاذب، والقافلة تسير، والبقاء للأصلح.
س7 – دعنا نتعرَّف على آخر إنتاجك.. وما تنوي إصداره؟
ج7 – صدر لي حتى الآن:
1 – مسرحية شعرية: ظمأ الأجيال.
2 – ديوان: فارس لا يترجل.
3 – ديوان: دموع الرجال.
والذي ما زال مخطوطاً ينتظر الطبع:
1 – ديوان: لا.
2 – ديوان: قصائد معلم.
3 – ديوان: ملحمة الصحوة الإسلامية (من شعر التفعيلة).
4 – ديوان: في حديقة الحيوان.
5 – ديوان: إخوانيات.