محمد حكمت وليد(2)
الدكتور الشاعر محمد حكمت وليد:
ماتت لغة الحوار والمعركة بين أشكال الشعر معركة موهومة
حوار- عبد الكريم حمودي
- إن التزام الأديب الإسلامي لا يشكل خروجاً على طبيعة الأدب، بقدر ما يصحح العلاقة بين الدين والأدب.
- شعر النثر الذي تخلى عن الوزن لا يمت للشعر بآصرة النسب.
- إن الذي ينظم الشعر حسب نمط يكرهه دفعاً لتهمة التقليد، يقع فيما هو شر من ذلك.
- الالتزام اختيار حر ينبع من إرادة الأديب وحريته، وهو شيء يختلف عن الشعارات.
- ليس الشاعر آلة للمديح والهجاء أو الوصف.
الدكتور محمد وليد طبيب عيون مشهور, عرفه الناس طبيباً ماهراً, ولم يعرفوه شاعراً إلا بعد أن أصدر ديوانه الأول (أشواق الغرباء) قبل سنوات، ثم تتابعت قصائده المتميزة بشفافيتها وجمال رونقها وجدية موضوعاتها وتجنيح أخيلتها. ثم تتابعت في الصحف والمجلات العربية والإسلامية. ثم جاء ديواناه الأخيران (تراتيل للغد الآتي) و(حكايات أروى) ليؤكدا على أن طبيب العيون شاعر شاعر, لم يصرفه الطب عن قول الشعر, لأنه يرى في الشعر واحة تستريح فيها النفس من لأواء هذه الحياة.
والدكتور محمد ولد في مدينة اللاذقية بسورية على ساحل البحر الأبيض المتوسط وقد أحبَّ الشعر والأدب منذ نعومة أظافره, ووجد فيهما أفقاً رحباً لانطلاق النفس والروح يقول:
"كنت أودّ متابعة دراسة الأدب العربي، ولكن شاء الله أن أدرس الطبَّ في جامعة دمشق، وأن أتخرج فيها عام 1968.
وبعدها سافر إلى بريطانيا في بعثة دراسية للتخصص في أمراض العيون. حصل على زمالة كلية الجراحين الملكية الايرلندية في طب العيون وجراحتها. ومارس هذه المهنة طبيباً في مستشفيات بريطانيا ثم أستاذاً مساعداً لأمراض العيون في جامعة الملك عبد العزيز في كلية الطب بجدة, ومؤخراً استشارياً لأمراض العيون في مستشفى بخش بجدة.
لقد قدم إلى الطب الكثير.. ومع ذلك فما زال حبُّ الشعر يملك شغاف القلب, "وما زلت أجد نفسي في الكلمة الشاعرة الرقيقة, التي تغسل هموم الغربة في هذا الزمان".
* في ديوانك (أشواق الغرباء) كما في ديوانك الثاني "تراتيل للغد الآتي" حنين إلى الوطن وشوق إلى الأهل والصحب، وهذا ما لا نجده عند غيرك من الشعراء الذين يعانون غربة كغربتك.. إلا قليلاً. هل لهذا تفسير؟
** د. محمد: إنه انتماء للأرض والناس والأفكار.. وانتماء لمجموعة من القيم والعقائد التي شكلت جسم الأمة والتحمت بقيمها الإسلامية، فأصبحت جزءاً من الروح والقلب والجسد.
وإنني حين أحنُّ إلى الوطن، فإنني أحنُّ إلى فترة من العمر كانت مليئة بالأحلام والأمل.. ولازلت أشعر أنني لم أؤدِّ حقَّ وطني الذي ترعرعت بين رباه وحالت بيني وبينه غربة طويلة.. لقد كنت كسندباد مسافر جمع في رحلاته زنابيل اللوز والزنجبيل.. وقوارير المسك والعنبر.. وعندما أراد العودة بها وجد الباب موصداً فاضطر أن يبيع بضاعته على أرصفة المرافئ.
لقد وجدت في غربتي بلاداً أكثر خضرة، وأخصب أرضاً، وأغزر علماً من الوطن.. لكنني لم أجد فيها يوماً الآصرة أو الانتماء.. بقيتْ روحي كزهرة نيلوفر طافية على سطح الماء، وبقي جذرها الذي يمدّها بالحياة غائباً في عمق المياه، يسامر عند قاعها التراب الناعم. والطحالب، ونجوم البحر.
تجربة إنسانية واحدة
* يزعم بعض النقاد أنك متأثر في شعر الحنين إلى الوطن بشعر المهجر. ما صحة هذا الزعم؟
** د. محمد: لاشك أن تشابه التجربة الإنسانية، يؤدي إلى تشابه الإفراز الشعوري الذي عبَّرَ عنها. وأنا لا أستبعد أن أكون قد تأثرت بالشعر المهجري الذي أحببت قراءته منذ أن كنت على مقاعد الدراسة. ولازلت أذكر وأنا صغير قصيدة رشيد أيوب المؤثرة حين كان يخاطب في مهجره الثلج الذي ذكَّره بقريته القابعة على ضفاف الوادي في جبل لبنان:
يا ثلج قد هَيَّجْتَ أشجاني
ذكـرتني أهلي وأوطاني
بالله قـل عني لجيراني
مازال يرعى حرمة العهدِ
يا ثلج قـد ذكرتني أمي
أيام تقضي الليل في همّي
مشغوفة تلتذُّ فـي ضمّي
تحنو عليَّ مخـافة البردِ
كما أن له قصيدة أخرى أكثر تأثيراً، يتحدث فيها عن مهاجر قديم، عاد إلى بلدته بعد فراق طويل. وكانت فجيعته بفراق بلدته كبيرة، ولكنها أصبحت أكبر عندما عاد ورأى معالمها قد تغيرت، كما تغير ناسها وأفكارها. لقد بقيت العودة جميلة ما دامت حلماً، فلما تحققت تكسرت على أرض الواقع بقسوة ووحشية، فتحولت الغربة الجسدية إلى غربة معنوية وروحية، وارتقت إلى أبعاد إنسانية ومأساوية عميقة.
* من هم أساتذتك في الشعر؟ وبمن تأثرت من الشعراء في القديم والحديث؟
** د. محمد: أحببت من الأقدمين زهير بن أبي سلمى في صفاء شعره وبديع حكمته، وحسان بن ثابت في صدق عاطفته، وفتنت بشعر المتنبي الذي يكثف مواقف الحياة المعقدة في بيت من الشعر. وعشقت من المحدثين أحمد شوقي، فشوقياته روضة غناء، تمر فيها بقصيدة عذرية تتلوها قصيدة ذات دلال عباسي ثم تطالعك قصيدة أندلسية تعبق بشذى زهور الأندلس ورياحينها. لقد كتب شوقي بلغة عصره فأبدع، وعارض روائع الشعر القديم فأبدع.
ولي مع الشوقيات قصة طريفة:
شاهدتها لأول مرة بأجزائها الأربعة في إحدى المكتبات في طريقي إلى المدرسة عام 1958 وكنت مازلت تلميذاً في المرحلة الإعدادية.. فسحرني غلافها الذي أطلت منه إحدى قصور الحمراء في غرناطة.. ولكن هالني سعرها الذي بلغ أربع عشرة ليرة سورية، وكان ذلك مبلغاً خيالياً لتلميذ في سني.
ومع ذلك ادخرت قروشي القليلة، لأشهر طويلة.. اشتريت بعدها الشوقيات بأجزائها الأربعة.. وبدأت قصة وصالنا منذ هذا التاريخ.
وقد استمتعت بقراءة دواوين إيليا أبي ماضي وفوزي المعلوف مرات كثيرة وأحببت شعر عمر أبي ريشة وبدر شاكر السياب وبدوي الجبل وعمر بهاء الدين الأميري.
تعدد المناهل
* وهل اطلعت على أي من الآداب الغربية أو الشرقية الأجنبية؟
** د. محمد: اطلعت بحكم إقامتي الطويلة في بريطانيا على الشعر الرومانتيكي الإنكليزي.. فأحببت منه الشعر الرومانتيكي وشدتني بعض قصائده الرائعة مثل أغاني لويليام بليك وأنشودة الخلود لــ : ووردز وورث، وقصيدة البحّار القديم لـ: كولردج.
لقد أعجبني في الشعر الرومانتيكي الإنكليزي رقّته وحبّه للطبيعة، لكني نفرت من روحه التي تقطع ما بين الطبيعة وبين خالقها.
كما اطلعت أيضاً على شعر إليوت وقرأت دراسة يوسف سامي اليوسف لقصيدته الشهيرة (الأرض الخراب) ثم رجعت إلى أصلها الإنكليزي فأثقلت كاهلي ببرودتها وكافة رموزها التي تصادف هوى في النفس.
وإنني أزور المثنوي لجلال الدين الرومي في ترجمة عبد السلام الكفافي من حين لآخر وأجد فيها واحة روحية ظليلة، كما أستنشق روائح الحكمة الإسلامية العميقة في ترجمات الدكتور عبد الوهاب عزام لشعر محمد إقبال رحمه الله.. وإن كنت أعتقد أن إقبال يستحق ترجمات أوسع وأكثر عذوبة إلى اللغة العربية.
* أنت تكتب الشعر العمودي كما تكتب على أوزان شعر التفعيلة.. هل التجربة الشعرية هي التي تختار لك أحد النمطين، أم أنك تريد التنويع؟
** د. محمد: لم يكن التنويع قصداً أو غاية في أي عمل من أعمالي الشعرية، وأنا لم أجلس يوماً متعمداً كتابة قصيدة إلا في أشعار مناسبات قليلة جاءت دون المستوى الذي أرتضيه، فلم أضمنها أياً من مجموعاتي الشعرية.
أكتب شعري بعد معاناة.. وقد تطرق القصيدة بابي وأنا في المنزل أو المستشفى أو السيارة.. وقد كتبت قصيدة "لماذا هجرت بلادك" في السيارة حين الوقوف عند الإشارات الضوئية في مدينة جدة. وكما تفرض علي القصيدة موضوعها.. فإنها كذلك تفرض شكلها.. فهي تأتي وقد لبست حلة التفعيلة أو العمود.. فلا أفرض عليها هذا اللون من اللباس أو ذاك.
* بعض الشعراء الإسلاميين ينظمون على أوزان شعر التفعيلة مع كراهتهم لهذا النمط من الشعر، وكأنهم يفعلون هذا تحدياً ودفعاً لتهمة التقليد إذا هم نظموا على الأوزان الخليلية. ما رأيك؟
** د. محمد: إن الذي ينظم الشعر حسب نمط يكرهه دفعاً لتهمة التقليد، يقع فيما هو شر من التقليد. وللشاعر المسلم شخصيته التي تأبى عليه المواقف المتسمة بالسطحية وردود الفعل.
أنا أعلم أن الكثير من الشعراء الإسلاميين يميل إلى الالتزام بعمود الشعر كقيمة تراثية أصيلة، ولكني وكما أرى أن القصيدة العمودية أثبتت أصالتها وجمالها على مر القرون، فإني أرى كذلك أنه لا مانع أن يكون بجوارها أشكال شعرية أخرى جميلة وبهية.
إن المعركة بين أشكال الشعر معركة موهومة، والاعتقاد بأن استعمال أحد هذه الأشكال هو نفي للشكل الآخر وحكم عليه بالإعدام اعتقاد خاطئ، فالشعر خبرة بشرية متراكمة، والقضية مسألة تنوع وخصب في صيغ الخطاب الشعري.
أما ما يسمى بشعر النثر الذي تخلَّى عن الوزن فهو من الكلام ما قد يحمل معاني شاعرية ولكنه لا يمت للشعر بآصرة النسب.. وأما الاحتجاج بالموسيقى الداخلية للكلمات فهو متاهة لم يخل سالكوها من الادعاء والتدليس.
شاعر سياسي
* الملاحظ في ديوانك "تراتيل للغد الآتي" اتخاذك موقف المهاجم للفراعين من الحكام وبأسلوب حاد، هل لنا أن نعرف الخلفيات لهذا الموقف الذي يجد صداه المحبب لدى قراء شعرك؟
** د. محمد: إن فراعين العصر الحديث أكثر قوة وجبروتاً وثقافة من فراعين العصر القديم، ومن العجب أنه في الوقت الذي تنحسر فيه الأنظمة الفرعونية الشمولية في أكثر من بقعة من بقاع المعمورة، تزدهر هذه الأنظمة في الكثير من ديار المسلمين، وبمباركة من نظام وحيد القرن العالمي الجديد.
لقد ماتت لغة الحوار- حتى بالقدر الضئيل الذي مارسه فرعون موسى- وأصبحت الرصاصة هي لغة التخاطب، وأخذ فرعون يتحكم بالماضي والحاضر والمستقبل.. ويتحكم بالرغيف الذي نقيم به أود عيالنا وبالأقلام والدفاتر التي يكتب بها أطفالنا صفحات مستقبلهم. لقد صادر فرعون الحب.. وصادر الإعجاب.. وصادر التصفيق.. وصادر الحياة نفسها لصالحه، وهو يحاول بما هيأت له التكنولوجيا من قدرات أن يعيد تشكيل وعينا بوجه مغاير للحقيقة.
إن السكوت في هذا الزمن لا يبرئ الذمة ولا يسقط الواجب. وكيف يمكن للشاعر المسلم أن يقف صامتا في زمن أصبح فيه إلغاء وجوده سياسة رسمية معتمدة؟
* ما رأيك في التزام الأديب عامة والشاعر خاصة؟
** د. محمد: الالتزام اختيار حر ينبع من إرادة الأديب وحريته، وهو شيء يختلف عن الشعارات التي يرددها أدباء القطيع حسب مشيئة راعي القطيع. وطالما اختار الأديب أن يكون مسلماً فإن التزامه يطالبه بأن يكون صادقاً في تصوير أهداف الحياة اللائقة بعالم البشر، ولا يرضى بالواقع في لحظة ضعف، بل يسعى لتحسينه ورفعه إلى مستوى الالتزام.
ويجب أن نفرق هنا بين الالتزام الديني الثيوقراطي بمفهومه الغربي الذي أثقلت كاهله علاقة نكدة بين الله والإنسان، وبين الالتزام الإسلامي، إذ لا تناقض في حس المسلم بين ما هو إنساني وما هو رباني، فالإسلام هو الدين الوحيد الذي سوَّى العلاقة بين الله والإنسان في منظومة بديعة من الأفكار والشعائر والعقائد. لذا فإن التزام الأديب الإسلامي لا يشكل خروجاً على طبيعة الأدب، قدر ما يصحح العلاقة بين الدين والأدب.
* هل من خصومة بينك وبين النقاد؟ ولماذا لا نقرأ لك في الصحف والمجلات الأدبية؟
** د. محمد: آمل أن تكون مجلة الأدب الإسلامي، واحة حقيقية في صحراء النقد الذي يعيشه الشعر الإسلامي.
وقد نشرت العديد من القصائد في المجلات والجرائد السعودية مثل الفيصل والمجلة العربية والمسلمون والندوة وكذلك في مجلة المجتمع الكويتية ومجلة الإصلاح الإماراتية وفي مجلة البيان اللندنية. وكذلك العديد من القصائد في مجلة الغرباء التي كانت تصدر في لندن.
الشاعر ليس نبياً
* ما تعريفك للشعر؟ وما تعريفك للشاعر؟ فقد كثرت الدواوين وكثر الشعراء في هذا العصر.
** د. محمد: هذا سؤال صعب، والجواب عليه أصعب، وقد حير الباحثين منذ أقدم العصور ولا استغراب أن يتعدد تعريف الشعر بتعدد الشعراء. ولكني أذكر هنا ما ذكرته في مقدمة ديواني "أشواق الغرباء" من أن الشعر تعبير بالكلمة والإيقاع عن تجربة ينفعل بها ضمير الشاعر. وهو إشراقة خيال تمد جسراً إلى عالم الحقيقة.. حيث يلتقي الحق والصدق في قمة عالية من قمم الجمال.
وليس الشاعر آلة للمديح والهجاء أو الوصف ولكنه كما يقول المفكر الإسلامي محمد قطب قطرة في نهر الحياة تحس بأهداف النهر في المضي والتدفق والإرواء والحياة.. وهو نفحة من روح الله تلبَّسَتْ بجسده وأعطته مزماراً من مزامير داود يعزف عليها لكي تؤوِّبَ معه الجبال. وهو موكل بالجمال في هذا الوجود.. جمال الكون والطبيعة والمشاعر.. وجمال القيم والنظم والأفكار..
ويشطح الخيال ببعض شعراء الحداثة فيحمّلون الشعر ما لا تحمله طبيعته ويجعلون منه اختراقاً لجلدة العالم ونفاذاً إلى تخوم اللانهاية، ويريدون أن يعطوا له نفس النبوة التي تتسامى بالناس إلى عالم الحقائق الأزلية ويجعلوا من الشاعر إنساناً ذا رؤيا بخلق عوالم جديدة بطريقة جديدة.
إن هذه هي مهمة الأنبياء وهناك فرق شاسع بين مهمة الأنبياء ومهمة الشعراء وليس في ذلك انتقاص لقدر الشعر بل إبعاد له عن مجال الادعاء وتمشٍّ مع قاعدة التيسير في الخلق!
وهل يعيب الأسد ألا يملك أجنحة للطيران.
طبيب البصر وشاعر البصيرة
* هل ثمة صلة وصلات بين محمد وليد الشاعر ومحمد وليد طبيب العيون؟
** د. محمد: الشعر والطب قبستان لاهبتان من قبسات الحياة.
وخَلْقُ العين معجزة مذهلة.. فالذاكرة البصرية تحتفظ بالمعلومات خلال سني العمر كله في ملفات دماغية (تدعى التلافيف الدماغية) تفوق أجود ما عرفته أجهزة الكومبيوتر وتنقل الإحساسات عبر مليون سلك عصبي تجتمع في العصب البصري الذي لا يتجاوز قطره مليمتراً واحداً.
إن طبيب العيون يعايش هذه المعجزة كل يوم، يشعر بعظمة الله سبحانه وتعالى تملأ قلبه.. وقد أشار القرآن الكريم إلى العين كإحدى النعم الكبرى التي أنعم الله بها على الإنسان فيقول في سورة البلد:
(ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين وهديناه النجدين).
وكأنه سبحانه يشير إلى دور البصر والكلام.. في اختيار الإنسان بين الخير والشر..
ولئن كان طب العيون يتعامل مع حاسة البصر.. إن الشعر الملتزم يتعامل مع احساسات البصيرة.. وبين هذه وتلك وشائج كبيرة.. فنظرة العين هي مفتاح الحب والبغض والفرح والحزن ورسائل العين تبوح بالرغبة والقبول أو الصدود والإعراض، وإن جمال بيت شعر أحمد شوقي المشهور:
نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء
لا يستطيع أن يخفي ما وراءه من حقائق نفسية واجتماعية خطيرة، ولذلك طالب القرآن الكريم الإنسان بغض النظر حتى لا يقع في الحرام. وقد أعربت عن شعوري نحو الطب والأدب، في قصيدة تحمل هذا الاسم الذي قلت في بعضها:
خلق القلب أديبا لم يكن يوماً طبيبا
غير أن الله لما قسم الطب نصيبا
عشق الشعر فؤادي فاكتوى النار لهيبا
وتراه والهوى ألبسه بُرْدا قشيبا
يحمد الطبَّ ولكن يعشق الشعر الحبيبا
وآمل أن تتاح لشاعرنا المبدع في المستقبل فرصة إعداد كتاب عن العين في الشعر العربي يخرج من مرحلة الجمع التي قام بها العديد من المؤلفين، إلى مرحلة التحليل والنفاذ إلى المعاني الجمالية والفلسفية في هذه الأشعار.