2- الأدب الإسلامي س من حسن الشحرة وج من فريد البيدق
الأدب الإسلامي .. حوارات
بين يدي الحوار
1- حسن: الأدب الذي يكتبه أديب غير مسلم لكنه ملتزم أويحمل قيمة إنسانية... هل يعد أدبا إسلاميا؟
فريد: نعم، أخي الحبيب إذا لم يخالف في الأصول والفروع.
فلو افترضنا رواية غربية تقوم على سفينة وسط البحر بين ربانها وعمالها، وأن زمن الرواية الزمن الحاضر، وأن العودة إلى الزمن الماضي في استجلاب الذكريات لا يأتي بما يعده الإسلام معاصي، وأن الربان لديه أخلاقيات تضطره إلى معاملة الضعيف من عماله الذي عجز لسبب ما بما ينبغي لكرامة الإنسان، وليس بالإعدام لعدم النفع كما تقضي بعض الفلسفات، و... إلخ.
لو افترضنا ذلك فما المانع من اعتبار ذلك أدبا إسلاميا؟
ألم يقل الإمام محمد عبده فيما يروى عند زيارته الغرب: وجدت إسلاما بلا مسلمين!
2- حسن: وماذا عن العكس؟
فريد: نعم، أخي الحبيب؛ فالأديب المسلم صارت له مصطلحات لا تخفى على أحد، مثل: توظيف الجنس توظيفا فنيا، وتوظيف العري توظيفا دراميا، ومحاكاة الواقع ولا ينقل منه إلا العلاقات المحرمة بين الرجل والمرأة بتشعباتها، و... إلخ.
وكل هذا يعمل على إشاعة الفاحشة وتثبيتها وتحبيبها وفلسفتها أيضا؛ لأن الأديب يتناول عمله من منظور المتكلم ويجعل الغانية أو العاصي إسلاميا هو من يعبر ليعذر نفسه ويتهم المجتمع والآخرين، مما يجعل القارئ من دون وعي يتبنى موقفه.
ولقد استغل الأديب المسلم الرمزية في تناول الذات الإلهية بما يعرفه الجميع مما لا ينبع من التصور الإسلامي، وفلسف ذلك على أنه حيرة وشك؛ لأنه تبنى مقولة الغربيين حول الشك.
فهل نسمي هذا أدبا إسلاميا ولو كتبه شيخ الإسلام؟
3- حسن: مع الأخذ بالاعتبار أن الإسلام بمفهومه الشامل الواسع يحتوي مفاهيم وقيم لا حصر لها، وعليه ألا يصعب تأطير هذا المفهوم؟
فريد: لا، أخي الحبيب، لا يصعب التأطير؛ لأن المطلوب ليس فقها بفروعه ومسائلها التي أخبرنا عنها الدكتور علي جمعة مفتي جمهورية مصر العربية أنها ألف ألف مسألة ومائتا ألف وخمسون مسألة.
والمسألة سهلة ميسورة لكنها تتطلب مجتمعا إسلاميا على مستوى الدولة والشعب، حتى تكون نشأة الأديب نشأة إسلامية في تفاصيلها، وعندما يصير أديبا يكون مجتره أدبا إسلاميا.
ولو تتبعت نشأة الأدب في العالم العربي لعلمت أن ما يعانيه ليس قائما على معرفة بالغرب بل نتيجة لتمثل الغرب؛ فالبدء كان تعريبا للأدب في القصة والرواية والمسرحية، واستوت السوق الأدبية في هذه الأجواء. وعندما بدأ الأدب يأخذ مساره بعيدا عن المحضن الغربي كان إنتاجه كما تعلم وترى وتقرأ.
والمطلوب إتاحة المحضن الإسلامي في الثقافة والعلم والسياسة والتنشئة الاجتماعية، وعندما يتم ذلك لن يكون لاتساع الإسلام تأثيرا سلبيا كما جاء في السؤال.
4- حسن: وملاحقة شتى الأعمال والمدارس ونخلها وانتقاء ما يناسب الأدب الإسلامي؟
فريد: لا، أخي الحبيب، ليس الأمر أمر تجميع الإنتاج ثم إجراء غربلة له لفصل ما هو إسلامي عما هو غير إسلامي؛ فليس أحد مطالب بهذا. إنما الأمر أن هناك من لا يكتب غير الأدب الإسلامي لأنه ملتزم، تجد ذلك في أدب أدباء الإخوان المسلمين وغيرهم ممن يعبر عن همه الإسلامي وما يعتريه من تضييق وغير ذلك. وسيظل أمر الأدب الإسلامي ناقصا شأنه شأن كل ما يتمثل الإسلام ويستحضره حتى تعمل الشريعة في حياة الناس، وينشأ الناس على الإسلام حياة وتعبيرا وتفكيرا.
5- حسن: أم أن الأمر لا يعدو وضع أسس ومناهج معينة للسير عليها؟
فريد: لا، أخي الحبيب، لا قواعد ولا تنظير؛ فالأدب لا يعرف ذلك، ودونك مدرسة الديوان التي أصلت قبل البدء ثم خالفت بعد. وتعلم أخي الحبيب أن التأطير ينبع من واقع ليعمل على تغييره أو تعليمه من يبدأ فيه.
وتعلم أن الأدب الإسلامي لم يصبح حاجة إعلامية سائدة لسيطرة غير الملتزمين على مقدرات الإعلام؛ لذلك سيظل لأمد حديث الخاصة المهتمين فقط.
6- حسن: وهل ما زال الأدب الإسلامي يسير حسب ما أريد له أم طرأ عليه شيء من التبدل والتغير؟
فريد: هذا يستدعي استحضار تاريخ المصطح، والإلمام بواقعه الإنتاجي، وعقد الدراسات لمعرفة ملامح البدء واخصائص الراهن. وهذا غير متاح لي!
7- حسن: وهل له أعداء أو معارضون ؟وكيف يمكن الرد عليهم؟
فريد: نعم، أخي الحبيب، يوجد معارضون، ومعارضون إلى درجة العداء. وهذا معلوم في أي تغيير يُطلب من الناس أو من قطاع منهم فيه تغيير عادات تفكيرهم وحياتهم. ولما يجتمع مع طلب التغيير هذا كون الموضوع الإسلام يصير الأمر أكثر جذبا للمعارضة والعداء. وقد تعطيك حال الدول العربية في مجال تعريب الدراسات العلمية في الكليات العلمية، وفي مجال تطبيق الشريعة الإسلامية- شيئا من المعارضة هنا في هذا المجال الذي لا ينفصل عن تأكيد الهوية الإسلامية التي لا ترضي المنتفعين بما هو موجود الآن.
8- حسن: وكيف يمكن الرد عليهم؟
فريد: والرد عليهم بالاستمرار والإنتاج، وسيحقق تراكم الإنتاج إلى اجتذاب التأييد تدريجا.
9- حسن: ربما كانت أسئلتي غريبة وكثيرة لأني فعلا لدي قصور في فهم هذا الجانب ولدي اعتقاد وهو أن الأدب الإسلامي هو تلك الأعمال التي تخدمه أو تدعو للخير والفضيلة والحق
فريد: نعم ، أخي الحبيب. الأدب الإسلامي هو تلك الأعمال التي تخدمه أو تدعو للخير والفضيلة والحق بالوسائل الصحيحة. وهذا ما سبق تأكيده في إجابة أسئلة حوار الدكتور عبد الفتاح، وأسئلتك توضح أن الفهم صائب والاهتمام صادق.
وسوم: العدد 755