سيتم تمديد فترة المفاوضات
جميل السلحوت
رغم التصريحات المتشنجة والغاضبة التي تصدر من الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، التي تصدر من كلا الطرفين، إلا أن المفاوضات التي ستنتهي الفترة المحددة لها في 29- نيسان الحالي سيتم تجديد فترتها الى نهاية العام الحالي على الأقل. وذلك لأن كلا الطرفين لن يستطيعا الصمود أمام الضغط الأمريكي، وان كانت الضغوط مركزة على الجانب الفلسطيني أكثر من الجانب الاسرائيلي، وذلك لأن "كنوز أمريكا واسرائيل الاستراتيجية" في العالم العربي تمارس هي الأخرى من وراء الكواليس ضغوطا على الجانب الفلسطيني، كي يرضخ لمتطلبات أمريكا واسرائيل التي تربطهم بها علاقة " أخوة متينة"نصفها معلن، والنصف الثاني خجول للتماهي مع موقف الشعول العربية. بينما تؤكد أمريكا يوما بعد يوما أنها لم ولن تكون وسيطا محايدا في المفاوضات، بل إن "وساطتها" تشكل كسبا للوقت كي تنفذ حليفتها اسرائيل أطماعها الاستيطانية التوسعية على الأرض، وبالتالي تفرض سياسة الأمر الواقع التي تحميها القوة العسكرية، وما مشاركة اسرائيل في المفاوضات إلا من باب العلاقات العامة كي لا تصطدم مع الرأي العام العالمي الذي يرغب بانهاء الصراع الذي طال أمده. فهل ينجح الموقف العقلاني للقيادة الفلسطينية في تغيير قواعد لعبة المفاوضات في ثلاثة الأسابيع القادمة من خلال اشراك قوى أخرى في الوساطة، مثل روسيا والصين ودول الاتحاد الأوروبي للجم الانحياز الأمريكي لاسرائيل، ومن خلال تحديد مرجعية قانونية للمفاوضات؟ خصوصا وأن المفاوضات الثنائية تعتمد على حسب رأي الأمريكان "على ما يتم التوصل اليه بين الطرفين المتفاوضين، وليس لتطبيق قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي؟ والاجابة على هذا السؤال مشكوك بإيجابيتها لأكثر من سبب منها: الانشقاق على الساحة الفلسطينية الذي يضعف الموقف الفلسطيني ويخدم أعداءه، وبسبب التخاذل العربي الرسمي الذي يصل الى درجة الفضيحة المدوية.
وفي ظل عدم التوازن في معادلات القوة بين طرفي الصراع فان تمديد المفاوضات الى نهاية العام الحالي، أو الى ما لا نهاية لن يسفر عن أية حلول، لأن السياسة الاسرائيلية القائمة على الاستيطان والتوسع تنظر الى الحلول من خلال قذائف طائرات الفانتوم والسكاي هوك والأباتشي، ومن فوهة مدافع دبابات الميركفاة وغيرها، التي تتمترس خلف مخزون كبير من أسلحة الدمار الشامل بما في ذلك الأسلحة النووية، ونظريتهم القديمة الجديدة هي ما لا يمكن تحقيقه بالقوة يمكن تحقيقه بقوة أكبر، والمراقب لتصريحات مسؤولين كبار في الجانب الاسرائيلي، بمن فيهم وزراء وأعضاء كنيست ردا على تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبعض القيادات الفلسطينية، لن يحتاج الى كثير من الذكاء ليفهم منها مدى استهتارهم بالفلسطينيين بشكل خاص، والعرب بشكل عام. بل ان بعض هذه التصريحات يصل الى درجة الوقاحة التي لا تليق بالعمل الدبلوماسي. فهم لا ينظرون الى الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية ومن ورائهم العرب كشركاء في المفاوضات يمكن تحقيق السلام معهم، بل يرونهم كرهائن وكتابعين ما عليهم سوى تنفيذ الأوامر التي تصدر اليهم، وإلا فان البديل هو العصا الغليظة التي ستقهرهم وستسكتهم صاغرين.
ومن الأمور التي لم تعد عجيبة في هذا العصر هو أن من يخالف الأجندة الاسرائيلية من الفلسطينيين والعرب، فان تهمة ممارسة الارهاب جاهزة لالصاقها به، وفي مقدمتهم الرئيس محمود عباس الذي أفنى عمره داعيا وعاملا للسلام العادل والدائم. وانتخبه شعبه بناء على برنامجه السياسي السلمي. بينما اسرائيل التي تواصل احتلالها للأراضي العربية، وتمارس الاسايطان فيها، وتقتل وتدمر وتخرب وتعتقل وتعذب وتحاصر وتُجوّع، وتهدد أمن دول وشعوب المنطقة بريئة من هذه التهمة.
وبالتأكيد فان اسرائيل ومن ورائها أمريكا لن تغير سياستها، ما لم يغير العرب موقفهم وسياساتهم، فأمريكا ترى مصلحتها في المنطقة من خلال اسرائيل قوية وعرب ضعفاء، وقد ارتضت اسرائيل والعرب ذلك. فأمريكا واسرائيل اللتان تخوفتا من ثورات "الربيع العربي" في بداياته، زال خوفهما بعد تجيير ذلك"الربيع" لمصلحتهما.