اضحكي عليه
العلاقات الزوجية
قالت: أريد أن أشتكي إليك زوجي!
قلت: ماذا تشتكين فيه؟
قالت: لايقبل نصحي.
قلت: بم تنصحينه؟
قالت: بأشياء كثيرة.
قلت: وماذا يشتكي هو فيكِ؟
قالت: يزعم أني طويلة لسان.
قلت: عرفت إذن لماذا لايقبل نصحكِ.
قالت: لماذا لايقبل نصحي؟
قلت: لابد أنكِ تنصحينه بأسلوب غير حكيم وهذا يرفضه أكثر الرجال حين يصدر عن زوجاتهم.
قالت: ماذا تعني بالأسلوب غير الحكيم؟
قلت: ما عبَّر عنه زوجك بطول اللسان.
قالت: هل صدَّقته في أن لساني طويل؟
قلت: هل تنتقصينه في نصحكِ وتواجهينه بعيوبه وأخطائه؟
قالت: ماالذي جعلكَ تظن ذلك؟
قلت: اتهامه لكِ بطول لسانكِ.
قالت: هل تراني طويلة لسان بنصحي له؟
قلت: ليس بنصحكِ له ولكن بطريقتكِ فيه، لماذا لاتضحكين عليه؟
قالت: أنا لا أضحك عليه!
قلت: أعلم؛ ولهذا سألتك لماذا لاتضحكين عليه، ولم أقل لماذا تضحكين عليه!
قالت: تريدني أن أضحك عليه؟
قلت: قصدت لماذا لاتدارينه في نصحك بدلاً من مواجهته وانتقاده؟
قالت: وكيف يعرف خطأه إذا داريته؟
قلت: بالملاطفة والمودة.
قالت: لم أفهم! كيف أنصحه بملاطفة ومودّة؟
قلت: اذكري لي شيئاً مما تشتكينه فيه.
قالت: تأخّره المتكرر في العودة ليلاً.
قلت: وماذا كنتِ تقولين له في نصحك حتى يرجع مبكراً إلى بيته؟
قالت: أقول له أحياناً: أريد أن أعرف لماذا تُفضِّل أصدقاءك على زوجتك وأولادك؟
قلت: وماذا تقولين أيضاً؟
قالت: الأولاد يحتاجون متابعتك لهم وأنت تتركهم لي وحدي مع أن مسؤولياتنا تجاههم مشتركة.
قلت: وماذا أيضًا؟
قالت: أحيانًا ألومه وأتهمه بإهمال واجباته تجاه أسرته، وأنه لايصلح أن يكون أبًا.
قلت: هذه العبارات هي التي جعلته يصف لسانك بأنه طويل ومن ثَمَّ يرفض نصحك.
قالت: لكني أقول الحق..
قلت: لايكفي أن نقول الحق ليقبل منا الآخرون نصحنا لهم.
قالت: كيف؟
قلت: النبي (ﷺ) لايقول إلا الحق، ورغم هذا خاطبه الله سبحانه: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ أي: لو كنتَ فظًّا غليظ القلب لتفرّقوا من حولك، وابتعدوا عنك، ولم يسمعوا كلامك، ولم يقبلوه.
قالت: وماذا كان عليّ أن أقول لأنصحه بترك السهر خارج البيت والعودة إليه مبكراً؟
قلت: الأولاد يسألون عنك كثيرًا ولايريدون أن يناموا حتى تأتي إليهم لتُقبِّلهم ويُقبِّلوك.
قالت: وماذا يمكن أن أقول له أيضًا؟
قلت: رغم أن الأولاد معي فإني أشعر بوَحْشة شديدة لأنك لستَ معي.
قالت: هذا جميل؛ لكن هل يجوز أن أقول له هذا إذا لم أكن أشعر به حقيقة؟ أليس هذا كذبًا؟
قلت: ليس كذبًا محرّمًا.
قالت: كيف يكون كَذِبًا ولايكون مُحرّمًا؟
قلت: عن أمّ كلثوم بنت عقبة قالت: (ماوجدتُ النبي (ﷺ) يُرخِّص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها). صحيح مسلم.
قالت: والعبارات التي نصحتني بقولها هي مما يُحدِّث به الرجل امرأته وتُحدِّث به المرأة زوجها.
قلت: نعم، بارك الله فيكِ.
قالت: جزاك الله خيرًا، سآخذ بنُصحك وأُغيِّر أسلوب نصحي لزوجي.
وسوم: العدد 759