أحمد جرار ..
هم لم يغتالوه , هو قرر أن يكون شهيدا ..
أنا لم أشاهد في حياتي أجمل منه وأوسم منه وأحلى منه ...كانوا يقولون لنا : أن نجوم الغناء والتمثيل أصبحوا كذلك لأنهم الأوسم ..خسئوا , كل رجال العالم يا بن عمي وأخي ..تنهار وجوههم أمام وسامتك المفرطة ...أتدري يا أحمد جرار ؟ بماذا تختلف أنت عن النجوم في عالمنا العربي ..أنت لا تغازلك البنات , أنت أكبر من ذلك ..من يغازلك هو الصباح والندى في فلسطين , وفلسطين الحانية تمنت قبلة منك على خدها ...صفاقس هي الأخرى تحبك , وبغداد تعشقك ..وتتمنى لو أنك شربت في ظلالها شايا معتقا , وعمان مالت جبالها حين رأت عيونك ..
يا بن عمي وأخي ..قل لي من أي طينة قدت هذه العظام ؟ قل من أي صباح سرقت أمك لك هذه العيون ؟ ومن أي شمس عربية نسجوا لك اللحية الجميلة ...فقط قل لي أخبرني على أي غيمة ولدتك أمك في فلسطين ؟ ....قل لي أخبرني فأنا لا أرثيك المراثي لا تليق بك , ولكني أعلنك جبلا من الفداء ...ونجما عالميا فيما بعد : ستنسخ صورك على قمصان الشباب وستصبح شعارا لثورة جديدة ...صدقني أن (تشي جيفارا) يغار منك , (ماوتسي تونغ) هو الاخر يتعلم منك ..على الأقل (تشي جيفارا) كان العالم كله مساحات هروب له ..وأنت حشروك في بقعة صغيرة من فلسطين ...ولكن قلبك كان أوسع من عالم ضاق بنا جدا جدا ...
لست أرثيك , لا تليق المراثي بك يا بن عمي وأخي فأنت أكبر منها ..ولكني أعلنك , سيد الرجال كلهم ...وتذكر أن شعر الغزل في العالم العربي سيكون حكرا عليك فقط ...ستكتبه الصبايا على الأكف , وربما فيما بعد وشما على اليد ...والزيتونات في جنين ..اللواتي شهدن تخفيك الجميل بين أغصانهن ,أضناهن الشوق فهناك زيتونة يقال أنها ذبلت حين (تعربشت) على غصونها ..ويقال أن زيتها انسدل على التراب دمعا ..كيف حولت الشجرة لعاشقة , والأرض قصيدة حب ..كيف فعلتها يا بن فلسطين الحانية ؟ ..
بقيت طوال الأيام العجاف التي مرت أتابع أخبارك يا أحمد الفلسطيني ...وتمنيت لو أني خبأتك , أنت لا تليق بك الأماكن القديمة والبيوت المهجورة , صدقني ما يليق بك هو الجدائل والأهداب فهناك بنات في عالمنا العربي تمنت واحدة منهن ..لو أنها وضعتك في جديلتها ..وخبأتك تحت المنديل الأبيض , ويممت شطر مكة في صلاتها ..وتجوز الصلاة يا بن عمي وأخي وصديقي , حين يكون دم الشهيد ..كحل العين , وعطر المصلي .
أحمد جرار ...الان سيستقبلك ياسر عرفات , وسيمنحك وسام الثورة ومحمود درويش كتب فيك قصيدة , دلال المغربي هي الأخرى ستهديك سلاحها فقد صعد معها حين استشهدت ...وأبو جهاد هناك أيضا هو الاخر ..وسيطبع على جبينك قبلة الثورة ..والشيخ أحمد ياسين فرغ من صلاته للتو...فقبل يده , يستحق هذا النبيل الجليل أن تقبل يده ...وفلسطين هي التي سترفعك للسماء , هي أمك هي شرفك هي الدنيا ....وهي الحانية , النبيلة , والجميلة ..سترفعك على أكفها فأنت القرار , وأنت المستقبل وأنت الدرب ..ونهجك هو الحل ..
لست أرثيك , ولكني أرثي حالنا ..لقد عريتنا يا بن عمي وأخي وكل الفداء ...
نقلا عن الرأي
وسوم: العدد 759