صح لسانك يا إبراهيم؟!

أشاد المدعو أوفير جندلمان، المتحدث باسم السفاح النازي اليهودي "نتنياهو"، بالصحفي المصري الموالي للحكم العسكري إبراهيم عيسي بعد أن وصف الفدائيين الفلسطينيين بالإرهابيين. وقال "جندلمان" في تدوينة له مرفقا بها مقطع فيديو لـ"إبراهيم عيسى" وهو يتحدث في حلقة من برنامجه "حوش عيسى" الذي يقدمه على قناة "أون إي": "صح لسانك يا إبراهيم". كان إبراهيم عيسى قد قال في برنامجه: "إنه لا يجب خلط السياسة بالرياضة، متهمًا الثقافة العربية بأنها أول من قامت به!".

وأضاف: "العمود الفقري البائس في القضية الفلسطينية، هو استخدام العنف والإرهاب بدعوى أنه مقاومة للاستعمار وأمريكا وإسرائيل، وهذا كان عنوان عملية ميونيخ"- يقصد قتل فريق كرة القدم الذي أرسله النازيون اليهود للمشاركة في دورة الألعاب الأوليمبية بمدينة ميونيخ في ألمانيا!.

ترافق وصف إبراهيم عيسى للفلسطينيين بالإرهاب، مع مجموعة من الأحداث والمواقف والقرارات التي كانت تحتم عليه، أن يتريث في وصم الفلسطينيين بالإرهاب:

أولا- إعلان الإرهابي الصليبي دونالد ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس، بوصفها عاصمة للقتلة النازيين اليهود.

ثانيا- وضع المجاهد إسماعيل هنية ومجموعة من رموز المقاومة الفلسطينية ومنظمة حماس على قائمة الإرهاب.

ثالثا- قيام العدو النازي اليهودي بقتل فلسطينيين على الهواء مباشرة أمام العالم لأنهم يحتجون على قرار ترامب الخاص بالقدس، واعتقاله لأطفال وشباب فلسطينيين والحكم عليهم بعقوبات قاسية ، ومنهم عهد التميمي ووالدها.

رابعا- اغتيال الشهيد أحمد جرار وآخرين، والتباهي بعملية القتل على ألسنة المتحدثين الرسمين والوزراء والسفاح الأكبر نتينياهو!

خامسا- قيام سلاح الجو النازي اليهودي بقصف مواقع عسكرية سورية بالقرب من دمشق مرات متعددة، مع ما يصحب ذلك من خسائر بشرية ومادية وعسكرية.

كان الأولى بإبراهيم عيسى- مدارة لشعبه على الأقل- أن يبحث في الإرهاب النازي اليهودي على مدى قرن من الزمان، إن لم يقنعه الإرهاب اليهودي الراهن؛ ليذكّر الناس ببعض جرائم القتلة النازيين اليهود مثل: تفجير الأرجون لفندق الملك داود، وقتل الكونت برنادوت الوسيط الدولي، ومذابح دير ياسين، وكفر قاسم وجنين، ومجزرة قانا بمخيمات اللاجئين في حماية الأمم المتحدة بلبنان، ومذبحة روح شاكيد للجنود المصريين الأسرى، ومدرسة بحر البقر وغيرها من عمليات أقل ما يقال عنها إنها إبادة نازية للعرب والمسلمين.

ولكن إبراهيم فيما يبدو تخلى عن صورته الثورية النضالية المزيفة التي أكل بها المن والسلوى، وركب الهامر وعرف الملايين (الحلال!)، فأراد أن يشارك مجموعة (الإنسانيين) أصحاب المشاعر المرهفة من أتباع النظم العربية المنبطحة، مثل أولئك  الذين زاروا القدس والنخاسون يبيعونها في سوق الرقيق الدولي، وقيل إنهم من جمعية مستقلة، وتبعهم شخص قيل إنه من أسرة حاكمة، وقبلها زار مسئول خليجي  كبير معبدا يهوديا في أميركا ليقدم قرابين المودة والمحبة لمن يحتلون فلسطين العربية المسلمة، ويعيثون فسادا بمقدساتها ويدنسون حرماتها!

أراد إبراهيم- فيما يبدو- أن يشارك لوثة التطبيع التي أصابت نفرا قيل إنهم إعلاميون عرب ذهبوا إلى الأرض المحتلة ليعبروا عن تعاطفهم مع القتلة الغزاة، ويلوموا الضحايا الفلسطينيين الذين لا يحبون السلام!

وقد نشرت معاريف العبرية 9/2/2018، تقريرا وافيا يمكن الرجوع إليه لمن يطلب المزيد عن زيارة الصحافيين العرب التسعة إلى فلسطين المحتلة، ووصفت الزوار بـ «الوفد الاستثنائي»، منهم العراقي مهدي مجيد من حلبجة، والمغربية سميرة بر، فيما فضل صحفي من أصل لبناني يقيم في الولايات المتحدة ويعمل في شبكة إعلامية باللغة العربية ألا يصرح باسمه، لكنه قال لـ"معاريف": «يفوّت العرب الكثير من الفرص للعلاقة مع الكيان الصهيوني، لأننا لا نتلقى الصورة الحقيقية عما يحصل هنا…».

ويقول صحفي من دولة في شبه الجزيرة العربية يعمل منذ سنين في ألمانيا وطلب عدم ذكر اسمه: «في نظري فإن المكان الذي يبث أكبر إلهام كان عند زيارة «ياد فاشيم»… حتى أنا، كصحفي في دولة غربية، لم أكن واعيا لكل قصة الكارثة. في نظري ينبغي أن تكون هذه مهمة إسرائيل لاطلاع الناس على ما حصل للشعب اليهودي، المعاناة الهائلة التي عاشها كي تكون له في النهاية دولة. هذا ما لا يعرفه الكثير من الناس في العالم العربي، وليس لأنهم لا يريدون أن يعرفوا، بل لأن أحدا لا يروي لهم».

وكان لافتا ما قاله الصحفي السوري الذي لم يكشف عن اسمه «هذه هي المرة الأولى لي في الكيان الصهيوني بالطبع، ولكني لا أشعر أنني غريب تماما، فقد جئت من دولة مجاورة» ويضيف: «في مدخل المطار رأيت صورة طفلة سورية تعالجها طبيبة عسكرية، مجندة، وهذا ما أذهلني… هذه الصورة تمثل دولة تريد أن تساعد أكبر قدر ممكن من الناس في سوريا… زيارتي في المرة الأولى هي امتنان مني لمساعي الكيان للسلام في سوريا»

وكان أغرب ختام لتقرير «معاريف» بتعليق المغربية سميرة بر: «هذه الأرض كانت لكم منذ تاريخ طويل. نحن لا ننسى الكارثة. عندما كنتُ في «ياد فاشيم» رأيت صورا من الكارثة، والتشبيه المزعوم مع ما يحصل الآن في المناطق! (أي المناطق الفلسطينية المحتلة) لا يمكن أن يكون. لا توجد أي صلة… عندما كنا عند الحائط الغربي، لم يتحدث أحد معنا ويسألنا إن كنا مسلمين أو مسيحيين». وتعلن الست سميرة المغربية أنها ستقف دوما إلى جانب الغزاة القتلة.

من الصعب أن تطلب من إبراهيم عيسى أن يقف موقفا إنسانيا مجردا، ومن الصعب أن يتذكر أن الغزاة اليهود القتلة حاولوا مباشرة قتل إسماعيل هنية ثلاث مرة بصورة مباشرة وغير مباشرة، ومن الصعب على إبراهيم عيسى أن يقرأ تصريحات القاتل اليهودي يوفال ديسكين الرئيس الأسبق لجهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك) عن ولعه باغتيال الفلسطينيين ولو كانوا مع أطفالهم، وتجنيد العملاء الذي يقومون بالاغتيالات أو يرشدون إليها.

إبراهيم عيسى ينسى أن الغزاة اليهود القتلة جاءوا من شتى أرجاء العالم ليطردوا الشعب الفلسطيني إلى الشتات، ويقتلوا من يقاوم بلا رحمة، ويحولوا الضفة والقطاع إلى زنازين أشد بشاعة من ياد فاشيم، ويطبقوا أساطيرهم في فضاء مستباح!

الله مولانا. اللهم فرّج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!

وسوم: العدد 761