مجازركم لن توقف ثورتنا
عابدة فضيل المؤيد العظم
قال: "سيدي بقي معي برميل واحد، فأين ألقيه؟" أجابه: "في أكثر الأماكن اكتظاظاً بالمدنيين"... قصة تناقلتها المواقع وأظنها صادقة وتتوافق مع وحشية النظام الذي يقتل الشعب عن سابق عمد وتصميم، ويجهز له المجازر كل يوم، ويبتدع فيها ويتفنن وكل يوم هو في شأن؛ فيوماً يقتل ذبحاً بالسكاكين ويوماً بالكيماوي، ويوماً بالحرق كما فعل قبل عام في المليحة. كان يوماً مأساوياً لن ينساه الناس، انتظر -فيه- الطيران تجمع المواطنين للحصول على المازوت، فلما وصل عددهم إلى المئات قصف المحطة بقذيفة فأشعل النار في النار، فاحترق الواقفون في الصف وتحولوا إلى أشلاء متفحمة، وكانت المجزرة الأشد عنفاً، وغصت المستشفيات بالمصابين... مجزرة محزنة ومروعة استشهد فيها سبعون فيهم نساء وأطفال.وما أوقح النظام حين يدعي ملاحقة الإرهابيين ومحاربة الضالين، ويصور للعالم أنه المغلوب على أمره وأن جنده هم المحقون. ثم يقتل المدنيين الآمنين ويخرب ديارهم وأموالهم. لقد حكمنا النظام أربعين سنة أو يزيدون فهل احترم مقدساتنا؟ أما دنس مساجدنا وحاصر من يصلي فيها؟ ومنع الدروس وحلقات العلم؟ أما حاول زعزعة الدين في ديارنا؟ أما دنس وآذى علماءنا؟ وسرق دورنا وأموالنا بأيدي أتباعه... فصبرنا عليهم وهم لصوص ومخربون ومدعون كاذبون، فجاؤوا للعالم يبكون ويشكون وهم الذين لم يتركوا لأهل سوريا مدينة يستقلون بها بعيداً عن قهرهم واستبداهم. يا ويحهم نصبوا مناراً من دم، وأوقعوا العداوة والبغضاء بين الناس، ولن تتوقف مجازرهم لأنهم مجرمون مستبدون، ولكننا سنوقفها بأيدينا حين نردي النظام ونتخلص منه، وإنا على هذا الطريق ماضون وأقسمنا بالله أن يفنى الأسد وأن نسترجع البلد.كثرت المجازر، ولكن لن تستطيع دول الأرض كلها أن تبيد الشعب السوري أو تذله، ولا تخافوا أن يبيدوا أرضه وأمواله فسوريا كبيرة وخيراتها كثيرة ولا يدمرها إلا أمر الله وقدره. ولقد كان الناس يظنون أن استخبارات النظام من أقوى الاستخبارات، وإنها تعرف حركاتنا وسكاتنا، حتى لقد ظن ناس منا أنها تعلم السر وأخفى وأنها تسمع النجوى. فها هي ذي فوجئت بالثورة المباركة، ولم تستطع استخباراتها أن تُحسَّ بها أو تقضي عليها، وهي تتمدد كل يوم وتحرز نصراً. فلا تجزعوا ولا تخافوا وإن بغوا وقتلوا نحن إلى خير ما في ذلك شك، ولا تيأسوا إن لم تروا بوادر النصر بين أيديكم، ولا تحزنوا إن رأيتم العالم قد تآمر علينا؛ فقد نيمونا أربعين عاماً فنمنا... ولكننا فتحنا أعيننا وعرفنا ظواهرهم وخفاياهم وتيقنا أننا نستطيع أن نقف أمامهم، وقد لا نملك ما يملكون من الأسلحة والعتاد ولكننا أكثر عدداً وأقوى إيماناً وعندنا وعد من الله بالنصر. وإن كنتم في شك من هذا فتعالوا انظروا كيف صمدت الثورة ثلاثة أعوام، وها هم أبناء سوريا قد هجروا أهلهم ولبسوا لأمتهم وحملوا السلاح وهبوا للثأر من سنين طوال قضيناها في الصبر والانتظار. ولن ندعهم وحدهم يُوَاجهون بالقصف والدبابات والمدافع والرصاص والغاز الخانق وهاتيك الأهوال والمصائب، ولن نراهم في الأخبار المصورة ونسمع عنهم في الإذاعات، ولن نُعجب بالجيش الحر ونُصفق له. بل سنكون كلنا هناك معهم في ساحات القتال بأنفسنا أو بأموالنا أو بأقلامنا. لقد بدأت الأمور ترجع إلى نصابها، وانزاحت الغشاوة فرأى الناس الحقائق على طبيعتها، وما أزاحها إلا الثورات، أعنى شبابها وأبطالها وقادتها وشرفاءها، وافتضحت الطائفة العلوية وبانت حقيقتها وصغر المجتمع الدولي في عيوننا جميعاً وزاد صغاراً، وصارت تصريحاتهم هزأة ولم يعد يصدقها إلا القليل من المساكين، حتى دعايتهم وإعلامهم أصبحت موضع شك وتردد. نحن في ثورة عالمية عظيمة كشفت عن القضية التي أخفوها لسنوات "الهلال الشيعي"، وأظهرت حقيقة النظام الحاكم وفضحت جرائمه وعمالته وكفره وظلمه وعدوانه، وعرت العالم الغربي وفضحت مؤمراته وحرصه على مصالحه حين يريد إجبارنا على مفاوضات تشل أيدينا وتلغي وجودنا وتكرس تبعيتنا له، يدعونا إلى المفاوضات مع الفجرة القتلة، وأي سلام بيننا وبين من أهلك حرثنا ونسلنا. أيها المسلمون لقد كتب الله لهذه الثورة الاستمرار والقوة، وسخر لها خيرة الشباب والعقول المفكرة من داخل سوريا ومن خارجها، فانتظروا قليلا وإنا لمنتصرون، وإن جند الله هم الغالبون.