عندما تحكم العصابة

أحمد القاعود

بينما كانت ثماني أسر لضحايا من جنود وضباط القوات المسلحة غارقة في الحزن على فقدان ذويها الأسبوع الماضي، كان العقيد أحمد محمد علي المتحدث الرسمي للقوات المسلحة يستمتع بالحفل الغنائي الذي يحيه مطرب ‘ الذوات ‘ والطبقة الراقية عمرو دياب وزميلته المطربة جنات، أثناء افتتاح فندق تابع للقوات المسلحة.

قبل أسبوع راح ستة من شباب مصر ضحية عمل غادر، ظهرت روايات كثيرة حول هوية الجناة، كان أكثرها لفتا للانتباه هو وقوع الحادث انتقاما لقيام ضباط شرطة بقتل اثنين من البلطجية في فرح شعبي، إلا أن سلطة النظام، فضلت الاستسهال، وحملت الحادث كالعادة لجماعة الاخوان المسلمين التي لم يعد لمنتسبيها مكانا سوى القبور او السجون. 

ورغم أن الشباب مجندون بالشرطة العسكرية فإن ذلك لم يمنع أحمد علي من الذهاب الى الحفل والتقاط الصور التذكارية مع معجبيه. قبل الحفل بيوم واحد كانت أسرتا عميد وعقيد من خبراء المفرقعات بالجيش تنتحبان كمدا وحزنا على فقدان ابنيهما، وهما بالتأكيد كبيران في تراتبية الجيش. ومع ذلك كان العقيد الوسيم يحتفل بالفندق الفاخر مع المطربين والمطربات الذين جاءوا ترفيها لأفراد القوات المسلحة الباسلة،التي تخوض حروبا طاحنة نيابة عن الشعب المصري.

الأسبوع الماضي أيضا كشف عن زيارة وفد من ضباط بالجيش إلى الكيان الصهيوني، قيل تارة انها لحث حلفائهم الصهاينة للتدخل لدى الولايات المتحدة لاعادة 10 طائرات أباتشي، رفضت أمريكا اعادتها بعد اجراء عمليات صيانة لها، وقيل ايضا انها لتدعيم العلاقات والتنسيق الأمني ضد الارهاب، اي عمليات المقاومة ضد إسرائيل.

خلال أقل من عام قتل الجيش المصري بمساعدة مؤسسة الشرطة الارهابية آلاف المصريين العزل، الذين لم يرتكبوا جريمة سوى المطالبة بحريتهم وكرامتهم، وحرق جثث العشرات ورميها في أكوام القمامة. وبخلاف عمليات القتل والارهاب التي تمارسها السلطة من خلال القتلة المنتسبين إليها، اعتقل عشرات الالاف، معظمهم تعرض للتعذيب وشردت أسرهم والكثير منهم مطاردون. 

وهنا يجب التساؤل: عن ماذا يدافع الجيش المصري؟ وأي وطن يحمي؟ وأي عقيدة يؤمن بها؟ وإلى من يوجه سلاحه؟ 

الواقع يقول ان الجيش المصري يعمل ضد مصر وشعبها، ويقوم بالوكالة بما كان يخجل من فعله أعداؤها إذا ما قرروا يوما احتلال أرضها. فاسرائيل صديقة للجيش المصري والاثنان عدوان للشعب الفلسطيني ويعملان على حصاره وقتل أبنائه؟ وأيضا للشعبين المصري والسوري، وكل الأحداث والوقائع تؤكد ذلك، حتى الخطاب الاعلامي الذي يفترض فيه الخداع، والتضليل، أصبح أكثر وقاحة ومحرضا على فلسطين باعتبارها عدوا، ومؤيدا لاسرائيل باعتبارها صديقة. 

وبغض النظر عن الاختلاف في الرؤية حول طبيعة دور الجيش المصري وعقيدته، فإن ما يحدث يؤكد أننا أمام حكم عصابة إجرامية، لا يهمها سوى بقائها وبقاء النظام الذي تدور في فلكه، وهو نظام قائم على الفساد والخيانة ومستعد لارتكاب الفظائع في سبيل بقائه، حتى لو ضحى بمنتسبيه، ليس صغار الجنود فحسب وإنما كبار الضباط أيضا.. ولا يجد أي غضاضة في الرقص والطرب على جثث شهدائه.

كل المعايير اختلت والموازين انقلبت في عهد الانقلاب، ففي أعرافهم ووفقا لتفسيراتهم أصبحت الوطنية ضد الوطن، والفجور قمة التدين، والاقصاء هو لم الشمل الوطني، وحرق المساجد وقتل المسلمين هو محاربة الارهاب، والسرقة هي حماية أموال الشعب، والنصب باستخدام الكفتة في العلاج هو التطور العلمي، وتحول مصر إلى مسخرة العالم وأضحوكة الدنيا هو المعنى الحقيقي لعبارة ‘أد الدنيا’ التي وعدهم بها قائد الانقلاب، وتسليم قناة السويس للامارات هو الوقوف ضد المطامع القطرية، وتدخل شيوخ القبائل في الامارات والسعودية هو الاستقلال الوطني. 

المهم أن سيادة المشير جعل الرئيس الأمريكي باراك أوباما ينام مع أذان المغرب، وفي سبيل هذه العبارات التي تجاوزت المعنى الحقيقي لكلمة مهزلة، علينا أن نضحي بمصر وشعبها في سبيل هزل ومهازل سيادته.

الشعب المصري الصامد في الميادين والذي يمثل كتلة قوية ووحيدة لفئة متماسكة من كافة الطبقات والأطياف، هو الأمل في سحق العصابة الحاكمة التي داست على كل القيم والمعاني، وضحت بالشعب وأبناء مؤسساتها ورقصت عل جثثهم جميعا ولم تراع مشاعر أي منهم في سبيل بقائها. 

هذه العصابة التي أعادت في شهور قليلة نظاما يريد أن يسيطر على مقدارت الوطن ويجعله تابعا ذليلا للكيان الصهيوني، يجب أن يعمل الجميع إذا كان يحب هذا الوطن وهذه الأرض على استئصالها وإلى الأبد، فلا حرية بها ولا رخاء معها.