يقولون لنا : لو بدّلتم جلودَكم ، كلّ يوم ، لعرفناكم ، وقتلناكم !
كان يزور صديقه ، بين آونة وأخرى ، في بلد غير بلده ، فيكرمه الصديق ، غاية الإكرام ، وهو يقول لصديقه : أتمنّى ، أن أراك ، تزور بلدنا ، وتكرمني بزيارة ، لأردّ لك ، بعض الجميل، الذي تغمرني به ، كلما زرتك ! فيردّ عليه الصديق ، مجاملاً : إن شاء الله .. أو: إن كتب الله لي، زيارة بلدكم ، أو نحو ذلك !
وكتب الله ، لذلك الصديق الكريم ، زيارة البلد ، الذي يقيم فيه صديقه .. فدلّ ه بعض الناس ، على بيته ، وطرق الباب ، وهو يتوقع ، أن يأخذه صديقه ، بالأحضان ، لِما كان يرى ، من تلهّفه على زيارته !
وحين فتح له الباب ، نظر في وجهه ، مليّاً ، وسأله ، باستغراب : من أنت !؟
قال الصديق الزائر، بلهفة : أنا صديقك فلان ، في البلد الفلاني ، أما عرفتني !؟
فسأله ربّ البيت ، باستغراب : ومن فلان ؟ وما البلد الذي تتحدّث عنه ؟ أنا لا أعرفك ، ولا أعرف البلد الذي تذكره !
قال الصديق الزائر: لعلك نسيتني ، أو تغيّر عليك شكلي .. فخلع بعض ملابسه ، لعلّ صاحبه يتذكّره ، أويتذكّر شكله ! وكلما خلع قطعة من ملابسه ، ازداد إنكار ربّ البيت ، له .. ثم قال له:لاتتعبْ نفسك ، ياهذا ، لوخرجتَ من جلدك ، ما عرفتك !
هذه حكاية قديمة ، يرويها بعض كتب الأدب ! بَيدَ أنها متكرّرة ، أبداً ، بأشكال مختلفة ، وفي ظروف متباينة !
أعداء الإسلام ، الذين يحقدون على الإسلام ، ذاته ، بصفته ديناً ، يكرهون كلّ منتمٍ ، إليه ، أيّاً كانت طريقته في التفكير، أو منهجه في اعتناق دينه ؛ ولا سيّما مايسمّونه : الإسلام السياسي ! وهم يتحيّنون الفرَص ، بل يصنعونها ، للقضاء على الإسلام ، وسائر معتنقيه ، بشتّى السبل، وبكلّ وسيلة متاحة لهم !
وقد غيّر، بعضُ المحسوبين ، على الإسلام السياسي ، أسماء تنظيماتهم ، أو جماعاتهم ، ونحَّوا عنها ، كلّ مايشير، إلى اسم الإسلام ، لعلّ أعداء الإسلام ، يقتنعون ، أن هؤلاء الإسلاميين ، هم: أناس معتدلون ، ديموقراطيون ، براغماتيون .. يؤمنون بالحضارة ومنجزاتها ، وبالعلم ومكتسباته ! إلاّ أنّ أعداء الإسلام ، يرصدون ، كلّ حركة من حركاتهم ، وكلّ كلمة يقولونها .. ويقولون ، لهم ، تصريحاً ، أو تلميحاً : لو غيّرتم أسماءكم ، كلّ يوم ، وجلودكم ، كلّ ساعة .. لن تغيب ملامحكم عنّا ، لذا ؛ نقبلكم ، ولن نقبل منكم شيئاً ! وسنسعى إلى تنحيتكم ، من الساحة ، بكلّ وسيلة متاحة ، لنا ، وبكلّ أسلوب ، نراه مناسباً : بالقتل المباشر، بأيدينا .. أو بأيدي وكلائنا، الذين هم حكّامكم !
فهل ترك هؤلاء الأعداء ، بديلاً ، للإسلاميين المعتدلين ، الذين يحبّون أن يعيشوا ، في بلادهم أعزّة كرماء ، وهم يحفظون قول ربّهم ، عزّ وجلّ ( ولن ترضَى عنك اليهودُ ولا النصارى حتى تتّبع ملّتهم ..) !؟
أجل ، تركوا بديلاً واحداً ، لكلّ مَن لديه : حسّ إنسانيّ ، وحسّ إيمانيّ ، ومروءة ، وكرامة .. هذا البديل ، هو قول الشاعر:
وسوم: العدد 788