هندسة الوعي الجماهيري(7)
ترويض العقول لاستثمار الأمل
تكرّ الأعوام عامًا بعد عام، ولا تزال سنّة التدافع بين الحق والباطل تتجلى بصور مختلفة ومظاهر متعددة، فالحرب مفتوحة على كافّة المحاور، والجبهات كلها مفتوحة، والثغور شاغرة من المرابطين في أغلب الميادين، وقد استثمر أعداؤنا هذه الحروب النفسية في تسويق ثقافة اليأس داخل الصف المسلم.
فصناعة اليأس باتت هي الصناعة الرائجة والأكثر فتكًا في النفوس والعقول المسلمة، وذلك لتعميق الإحباط والانتكاس ومن ثم قبول التبعية للمشاريع الغربية سواء كانت مشاريع اقتصادية أو عقدية حاقدة على الاسلام، أو مشاريع سياسية بأشكالها المختلفة سواء الشيوعية منها أو الرأسمالية الغربية أو الديمقراطية الليبرالية الأمريكية أو الباطنية الخمينية أو الحوثية الموظفة كأداة لصناعة الطائفية وبعث روح المنظومة المجوسية من جديد.
العلاقة بين الحق والأمل أزلية:
لقد ارتبط الحق والأمل بروابط عدّة، منها:
1. رباط مصدرية التلقي
2. رباط غاية الوجود
3. آليات الاستثمار لهما
4. منهجية العمل في بيئة الضعف.
إن العقول والقلوب التي أصابها اليأس والإحباط، هي عقول غافلة عن السنن الربانية في النصر والتمكين، هي عقول لم ترتقي لمستوى الوعي بحقيقة الرسالة الخالدة، بل هي عقول عاجزة عن فهم حقيقة الحياة.
فالأمل هو مادة الحياة ولا حياة بلا أمل، فالأمل بإمكانية النصر، وبالانعتاق من أغلال الطغاة، والتحرر من الغزاة، وتحقيق النقلة النوعية يجعل الأمة تبذل كل ما بوسعها لتحقيقه، ومن ثم تتبدد كل هذه الخرافات والأوهام والتصورات الخادعة والتي جعلت أبناء الأمة مستسلمين للواقع الذي فرضته عليهم طائرات التحالف، وحلف الناتو، ويهود، وعمائم الانتكاسة الحقيقية حيث معايشتها بمعناها الحقيقي بعيدا عن ارهاصات الانتكاسة الخمينية.
سينتصر الاسلام حتمًا، بل نعيش الانتصار الآن، ولا تغركم مظاهر الاستضعاف الظاهرة على المسلمين.
أليس فشل الشيوعية وانكسار المشروع الأمريكي في بلاد الأفغان انتصار للإسلام وإن كانت مآلات الانتصار لم تحقّق المطلوب.
أليس افتضاح الباطل أمام الناس كبيرهم وصغيرهم نصرًا كبيرًا؟
أليس التفاف الناس حول الحق وتمسكهم به انتصارًا كبيرًا؟
ليس من الانصاف ربط الانتصار بمظاهر التمكين المادية، فتمكن الحق من النفوس هو بداية التمكين الحقيقي.
لقد انتصر الاسلام يوم أن تعرّض لجحيم الحروب الصليبية الديمة والحديثة، فبعد كل محنة منحة، والتمكين يكون عقب الابتلاء...
فهذا شعاع الإسلام ينشر ضياءه في أوربا كلها، فهناك الملايين من المسلمين في انجلترا وفرنسا وألمانيا...
وهذه الجيوش الروسية والأمريكية والإيرانية مازالت تعاني من روح الثبات عند مسلمي سوريا والعراق.
إن عودة شباب العراق لفكرة الخلاص من أتباع إيران تمثّل أقوى دلالات ومظاهر اليقين في انتصار الاسلام.
لسنا نعاني من الهزيمة النفسية ولكننا نعاني من العشوائية وعدم استثمار الجهود المبذولة.
لسنا نعاني من جَلَد الفاجر فحسب، بل من عجز الثقات وأهل الحق.
رهاننا الرابح يتمثّل في حسن التعامل مع اليقين الذي يملأ قلوب من نحب.
نراهن على العمل المنهجي المقترن بالأمل الذي يسكن في قلوبنا.
واليوم اشرقت شمس الانتصار على النفوس المؤمنة، ولم يبق إلاّ ثلّة قليلة لم تدرك النور وهؤلاء من غرقى التبعية والتغريب.
لن ينكسر هلال مآذننا، بل سوف تنهزم كل المفاهيم المسمومة والأفكار الذليلة التي يبثها الأعداء تحت سطوة الحق والوعي والحكمة.
وسوم: العدد 792