نهر العاصي يصب في نهر التيبر منذ زمن بعيد

هذه العبارة وردت في القصيدة الهجائية للشاعر الروماني اللاتيني جوفنال(بابل ) وفيها يتذمر من التواجد الحمصي الكبير في عاصمة الامبراطورية الرومانية روما فالعاصي عنده يرمز إلى حمص والتيبر إلى روما. 

كيف حصل هذا التواجد للحماصنة في روما ؟ 

في العام ١٨٧ م أرسلت الحكومة الرومانية القائد سبتيموس سيفروس إلى حمص لاخماد الفوضى والقضاء على الفساد فيها وقد نجح في ذلك.  وقد تعرف هناك على الكاهن باسيونوس الحمصي المسؤول عن معبد(إيلا غابال )أو إله الشمس وكان موقعه مكان الجامع النوري الكبير حيث كان هناك حجر أسود كبير مخروطي الشكل تتم الصلاة له. 

وكان للكاهن ابنة فائقة الجمال والذكاء ومتعددة المواهب اسمها جوليا دومنا أعجب بها سيفروس إعجابا شديدا وانتهى الأمر إلى زواجه منها بعرس أسطوري. 

في العام ١٩٣ م تم تعيين سيفروس امبراطورا على روما وأصبحت جوليا دومنا سيدة القصر الامبراطوري وأصبحت بشكل فعلي تدير الدولة الرومانية مع زوجها. 

استدعت جوليا دومنا إلى روما أختها(جوليا ميسا ) وابنتي أختها(جوليا سوميا ) و(جوليا مامة ) وأحاطت نفسها بعدد كبير من المفكرين والعلماء والأطباء السوريين. 

بعد مقتل زوجها استلم امبراطورا ابنها كاراكلا وبعده استلم(أفيتوس ) ابن جوليا سوميا امبراطورا على روما ، وكان هذا من المتعصبين لمدينة أمه حمص فأمر بعبادة إيلا غابال أو إله الشمس في جميع أنحاء الامبراطورية وأمر بنقل الحجر الأسود من مدينة حمص إلى روما إلى موقع تشغله الآن كنيسة سان سباستيان ، وقد رفع هذا الإمبراطور من شأن حمص إلى مصافي متروبوليت المدن الكبرى وأصبحت الثانية في ولاية سورية بعد أنطاكية. 

وبعد مقتله تم تعيين( الإسكندر سيفر ) ابن جوليا مامة امبراطورا وبموته انتهى حكم الأسرة السيفيرية وانتهى المسلسل الحمصي في أعظم امبراطورية عرفها التاريخ وكانت بدايته جوليا دومنا التي أغفلتها كتب التاريخ المدرسية في بلادنا ، ولم يسمع بها معظم السوريين حتى الحماصنة إلا من خلال مطعم في حي بستان الديوان حمل اسمها. 

فلصاحب المطعم جزيل الشكر والخزي والعار لكتبة التاريخ في بلادنا.

وسوم: العدد 799