الأمة بين ولائها العاطفي للرسول صلى الله عليه وسلم وبين ولائها العملي له!
جميل أن تغضب الأمة لرسولها ، وأن تهب في وجه الشاتمين والمنتقصين ! فهي تثبت على الرغم مما ألمَّ بها من ضعف ، وحلَّ فيها من إذلال ، أنها ما تزال مرتبطة به ، موالية له ! وقد ظهر ولاؤها العاطفي أشد ما يكون ! وشارك في ذلك العلماء والمفكرون ، والأدباء والإعلاميون وعامة المسلمين ، كلٌّ بالوسيلة التي تمكنه من التعبير عن تلك العاطفة الصادقة .
وسواءٌ أَعتذرَ المنتقصون التافهون أم لم يعتذروا ، فإن العظمة المحمدية لم تتأثر إلا كما يتأثر الجبل الشامخ حين تصر عنـزة على نطاحه ،وكان مَثلُهُم كما قال الشاعر:
كناطحٍ صخرةً يوماً ليُوهِنَها فلم يَضِرْها وأوهى قَرْنَه الوَعلُ
وكم كنا نتمنى لو أن هذا الولاء العاطفي تجسد في ولاء عملي واقعي في الرد على كل منتقص ومتطاول على الإسلام ورسوله .
والسؤال : أليس من حق الرسول صلى الله عليه وسلم علينا أن نغضب أيضا للكتاب الذي أُنزل عليه ، مصدقا لما بين يديه وقد نُحِّيَ في كثير من مظاهر حياتنا عن العمل به تربية وتشريعا ومنهج حياة !؟
أو ليس من حق رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغضب لسنته التي أصبح المتمسكون بها في كثير من بلاد المسلمين عرضة للاستهزاء والسخرية ؟؟
-أو ليس من حق رسول الله صلى عليه وسلم أن تغضب الأمة لما يلاقيه المحبون لدينه ، والمتمسكون بشريعته ، وهم يتعرضون للسجن والإرهاب ؟!
-أليس من حق رسول الله صلوات الله عليه أن تتمعَّر وجوه أمته ، وهي تسمع الشتائم يقذف بها هنا وهناك ، ويُستهدف بها أصحابُه ، وخير القرون ، وقمم الجيل الفريد ؟
- ثم أليس من حق الرسول صلى الله عليه وسلم على الأمة أن تأطِر الظلمة أطرا؛ وقد فجروا في حقها ، واستباحوا كرامتها ، وما زالت كلمة الفاروق مدوية تعلمها كيف يجب أن تكون : ( متى استعبدتم الناس ، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)؟
- أو ليس من حق رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأمة أن تعلن ولاءها للإسلام ودعاته ، ولو كانوا ضعافا مضطهدين ؛ لأن الحق أَوْلى أن يُتَّبع وأن تعلن براءتها من كل من يعادي الشريعة تعطيلا وإبعادا و استخفافا ؟
- أو ليس من حق الرسول صلى الله عليه وسلم على الأمة أن تقاطع الإعلام البذيء ، والتوجيه الرديء ، وهو يدعو إلى الإباحية ، وقد مارسها ؟! وإلى التجاوز على القيم والثوابت وقد استهان بها ؟
- ثم أليس من حق رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، على الأمة أن تقول للمُتنفذين فيها : لا تحكمونا بغير ما أنزل الله ، فنحن نؤمن بالإسلام شاملا كاملا ، فلا تجعلوه أجزاء وتفاريق ؟!
- أليس من حق رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأمة وقد ضرب لها المثل في الثبات على الحق ، ومقارعة الباطل أن تضرب على يد الذين أوجدوا في سفينة المجتمع ألف خرق وخرق ، فتركتهم وما يفعلون وهي تنظر إليهم في سلبية لا تُحسد عليها ؟
وأخيرا : متى تجمع الأمة بين ولائها العاطفي للرسول صلى الله عليه وسلم ، وبين ولائها العملي له ؟ لتكون بذلك خير أمة أخرجت للناس قولاً وفعلاً ؟!!
وسوم: العدد 807