الاستدراج الشيطاني ، في ميادين الفكر، أخطرُ منه ، في ميادين الشهوات الحسّية !
الشياطينُ ؛ شياطينُ الإنس والجنّ: يُوحي بعضُهم إلى بعض زخرفَ القول غُرورا !
ميادين الشهوات الحسّية ، واضحة ، يعرفها عقلاء البشر، جميعاً ، رجالا ونساء ! والمسلمون العقلاء ، يعرفون حلالها وحرامها ، ويُستدرَج ، إلى الحرام منها ، الكثيرون ، بدوافع شتّى ، من أهمّها : قوّة الشهوات ، الدافعة إلى إشباع الحاجات الأساسية ، لدى الناس ، كحاجات الطعام والشراب والجنس .. ونحوها !
والعفّة عن الحرام ، هنا ، والانزلاق إليه ، متاحان للجميع ، بشكل عامّ ، وكلّ عاقل ، يُقدم ، أو يُحجم ، بحسب قوّة الدوافع ، من حاجة وشهوة .. وبحسب قوّة الروادع ، وبحسب قوى: عقلِه ودينه وورَعه .. و غير ذلك !
أمّا ميادين الفكر، فالاستدراج فيها، أخطر، بكثير، منه ، في ميادين الشهوات الحسّية ، وذلك؛ لأمور، عدّة ، من أهمّها : أنّ الفِكر، حالة غامضة ، تعتمد الدوافعُ والموانعُ ، فيها ، على قوى: العقل ، والفهم ، والخبرة ، والثقافة .. وغير ذلك ! وهذا ، كلّه ، لايملكه ، إلاّ القلّة من الناس! وهو الميدان الخاصّ ، لأخبث الشياطين ، من شياطين الجنّ والإنس !
فهم يزيّنون الفكر والضلال ، بأسماء برّاقة ، شتّى ، يبتكرونها . ومصطلحات طريفة ، لمّاعة، يخترعونها ، أو يستوردونها ، من غيرهم !
ومن أهمّ ذلك : حرّية التفكير، هكذا ، بإطلاق المصطلح ، دون قيود ، أو حدود !
وتشمل حرّية التفكير، هذه ، لدى هؤلاء ، كلّ شيء ، دون النظر، في كونه مقدّساً، أو عادياً! لذا ؛ يخوض هؤلاء، في ميادين العقائد، دون رادع ، باسم هذه الحريّة ، كما يخوضون ، في قضايا القوانين ، والتشريعات الدينية ؛ فيُحِلّون منها ، مايريدون ، ويحرّمون ، مايحلو لهم تحريمه ! ومن ذلك ، قضايا : الحدود ، والزواج ، والطلاق ، والمواريث .. ونحو ذلك !
لقد استُدرج ، في التاريخ الإسلامي ، عدد كبير من الناس ، عبر مصطلحات ، شتّى ؛ فشكّلوا مذاهب ، شتّى ، منها : مذهب التشيّع ، الذي طوّره أصحابه ، فجعلوا منه ، ديناً ، قائماً بذاته، لا يَقبل الله ديناً ، سواه !
ومنها : مذهب المعتزلة ، الذي ثَقفَه بعض خلفاء بني العبّاس ، ففرضوه ، على الناس ، ردحاً من الزمن ، واضطهدوا العلماء ، الذين لايؤمنون به !
ومنها مذاهب : القدرية ، والجبرية ، والمرجئة ..!
ويقصد: التحكيم ، بين عليّ ومعاوية، الذي وُلدت، على أثره ، بدعة الخروج على الإمام عليّ!
أمّا اليوم ، مع انتشاروسائل التواصل ، بين الناس ، فالكارثة أوسع! فقد امتلأت هذه الوسائل، بالضلالات المقيتة، تحت أسماء : التطوير، والتنوير، والتحديث .. فصار الدجّال الفلاني ، مفكّراً كبيراً .. وصار الملحد الفلاني ، منظّراً عظيماً .. وصارت خزعبلاتهم ، تُضَخّ ، في وسائل الإعلام المختلفة ، والكثرون من الناس ، من أصحاب الضحالة الفكرية ، والجهل بالإسلام وأحكامه.. يحملون لهم ، من التبحيل ، مالا يحملون، لأعظم علماء الإسلام!
وسوم: العدد 811