من صنوف الكُرات : صنفٌ للّعب به ، وصنفٌ للّعب بغيره ، من خلاله !

كرات الرياضة ، بأنواعها : كرة القدم ، والسلّة ، واليد ، والطاولة ، وغيرها.. صُنعت ، للّعب بها !

وكرات لَعب الأطفال ، الزجاجية ، التي تسمّى الدُحَل : صُنعت ، للّعب بها !

وكرات الثلج ، كذلك : تُصنع ، للّعب بها !

أمّا الكرة ، التي لا تصنع للّعب بها ، في الأصل ، بل يصنعها صاحبها ، لطعامه ، هي كرة (الجُعَل) ! وتصنع من فضلات الدوابّ ، يَصنعها ، ويكبّرها ، ويصقلها .. لتسهل دحرجّتها ، فيدحرجها ، إلى وكره ، بقدميه الخلفيتين ، ليدّخرها لطعامه ، فيأكلها ، عند الحاجة !

كرة الجُعل هذه ، التي تصنع من فضلات الدوابّ ، يَصنع خبثاء البشر، مثلها ، من حَصائد الألسنة البشرية ،

للعبث ، بأصحاب هذه الألسنة ، التي غالباً ماتكون ، منفلتة ، من أزمّتها العقلية ، وتغرف من الكلام ، ماتراه نافعاً لها: مادّياً ، أومعنوياً ؛ ولا سيّما، الكلام الذي تظنّه ، يرفع من شأنها ، في مواجهة ، من تراهم أعداء لها، أوخصوماً ، أو منافسين ! فتُكثر، من تمجيد الذات ، و شتم الآخرين ، والحطّ من شأنهم ، والتقليل من أهمّيتهم! وكثيرا مايصل التهوين والتحقير، إلى أسَرهم وأقاربهم ، ومَن يلوذ بهم .. واتّهامهم بتهم شتى ، وتحدّيهم ، في كل مجال ، من مجالات المنافسة و..!

وألسنة كلّ فريق ، من الخصوم ، أوالمتنافسين ، تكيل لخصومها ومنافسيها ، بقوّة وحرارة ، ماتظنه يسقطهم، ويرفع من شأن أصحابها .. وهكذا !

ويقوم أصحاب الأهداف المختلفة ، العابثون بالفريقين، بتجميع حصائد الألسنة، لدى كلّ فريق، ليصنعوا منها، كرات ، يدحرجونها، بين هذا الطرف وذاك ! وكلما ازداد الصراع حرارة، كبرت الكرة ، التي تنمّيها ألسنة الخصوم.. وهكذا..!

ودحرجةُ الكرة ، من فريق إلى آخر، ليزيد عليها الفرقاء ، خُبثاً ، أو حرارة .. فنّ خاصّ ، يحتاج إلى مهارة ، وخبرة ، في تأجيج الصراعات والمخاوف والأحقاد ! ومن المهارة ، أن ينقسم المؤجّجون ، إلى فريقين : كلّ منهما ، يتولّى التأجيج ، لدى أحد الطرفين المتخاصمَين ! ويتعاون الطرفان العابثان ، المؤجّجان..فيما بينهما، في ابتكار أفضل الوسائل ، لجعل كل فريق ، أشدّ حقداً وحَنقا ، على خصمه ، لاستثمار هذه المشاعرالمقيتة ، لمصلحة المؤجّج !

وقد تصل الأمور، في بعض الأحيان ، إلى التحريض على القتال ، والوعود : بالمساعدات المادّية والمعنوية، ضدّ الطرف العدوّ، أو الخصم ، أو المنافس ..!

وكثيراً ماكانت مخافر الشرطة ، في بعض الأرياف ، تنقسم ، إلى قسمين : كلّ قسم ، يدعم فريقاً ، من الخصوم المتنافسين ، ليحصل منه ، على المال والهدايا .. ونحوذلك !

كما أن الحكومات المستبدّة ، قد برعت ، في التفنّن ، بهذه اللعبة ؛ فهي تمارسها ،على شعوبها ، لتمزّقهم ، وتجتذب بعضهم ، إلى صفّها ، كيلا يتّحدوا ضدّها ! وهي لعبة قديمة معروفة ، مارستها قوى الاستعمار، كثيراً، لتمزيق أمّتنا ، إلى فئات متناحرة ، وطوائف متباغضة ، وأعراق متحاربة .. على مبدأ : (فرّقْ تَسُدْ) !

واللعبة ، ذاتها ، مارستها الأحلاف الدولية ، في سنين مضت ؛ إذ كان كلّ من الحلفين (الناتو) و (وارسو)، يتظاهر، بدعم طرف ، ضدّ جيرانه ، من حكّام الدول الصغيرة ، المنافسة لدولته ، ويمدّ كلّ حلف كبير، حلفاءه الصغار، بالسلاح ، الذي يقوّيه ، في مواجهة خصومه ، الذين قد يكونون ، من ملّته الدينية ، أوفئته العرقية ، أو نحوذلك !

واللعبة ، اليوم ، تمارسها بعض الأطراف ، بطرائق مشابهة ، إلى حدّ ما ؛ إذ انقسم بعض العرب ، إلى فريقين: أحدهما مُوال لإيران ، داعمةِ المقاومة والممانعة ، والتصدّي .. والفريق الأخر، مع أمريكا ، التي تتظاهر، بعداوة إيران ، وتَعد العرب ، الخائفين من التمدّد الإيراني ، بالدعم والمناصرة ، والدفاع عنهم ، في مواجهة عدوّهم الشرس ! ودخلت ، اليوم ، إسرائيل ، على خطّ الصراع ، لتكون : ظهيراً ، وسنداً ، وحليفاً ، للعرب، الخائفين من إيران !

وهكذا ، تلعب الشياطين ، بالتافهين والمغفّلين ، من حكّام أمّتنا : المجرمين ، منهم ، والبائسين..على السواء!

وسوم: العدد 816