شيء عن توصيف نظام الطغمة ...
عقاب يحيى
يكتب الأخ الأحمر العربي بعضاً من نقاط إعلامية ويطالب الالتزام بها في خطابنا الإعلامي.. وله الحق في ذلك..إذ أن توحيد الخطاب الإعلامي لدى المنتمين للثورة ضروري جداً.. وإن صعب ذلك وسط التشتت، والتعدد، والاختلاف في الرؤى والمواقف..
ـ مما يطالب به أن نتفق على تسمية النظام ب"نظام الأسد".. بدلاً من النظام السوري أو سواه.. ويحضرني هنا تاريخ طويل من التفاعلات حول الاتفاق على توصيف محدد، ودقيق لاسم وطبيعة النظام الذي قام ـ اواخر تشرين الثاني 1970 ـ بقيادة الطاغية الأكبر : حافظ الأسد، والذي كان، ولعوامل موضوعية كثيرة، محطة فارقة عن الذي كان قبله..
ـ سأتعب القارئ المتابع في قصّ بعض التوصيفات وصولاً لما يمكن الاتفاق عليه..
ـ في البداية كان الكثير يعتبره نظام الردّة..مع شقيقه"نظام السادات"، وكانت الردّة تعني : التراجع عن المشروع النهضوي، الوحدوي، التقدمي، الثوري الذي كان قائماً ـ بشكل ما ـ في مصر عبد الناصر، وسورية ما قبل الأسد. وباتجاه المصالحة مع الغرب من جهة، و"الرجعيات العربية" من جهة ثانية، ومع الصهيونية وكيانها الاستيطاني : إسرائيل .. من جهة ثالثة..
ـ وقوفاً عند التسوية السياسية مع إسرائيل.. انطلقت توصيفات جديدة بتسمية النظامين في سورية ومصر بنظامي التسوية، والخنوع، والخيانة أحيانأً.. خاصة بالنسبة للنظام في سورية الذي أعلن القبول المتواطئ، فالصريح بالقرار الأممي/242/ الصادر بعد هزيمة حزيران والذي كان مرفوضا من النظام السابق، والذي اعتبره كثيرون أنه سبب رئيس في تدعيم انقلاب الطاغية، والخلاص من" اصحاب الرؤوس الحارة"، خاصة بعد قرارهم بالتدخل المباشر في أحداث أيلول الأردن لنجدة الثورة الفلسطينية..المعرضة للذبح والترحيل.
ـ حين كانت الموجة اليسارية في أوجها.. تناطح الكلمات بتدقيق كبير من خلفية طبقية.. وبعد نقاشات طويلة ...كان هناك ما يشبه الاتفاق على تسميته ب"النظام البرجوازي البيرقراطي ـ الطفيلي".. وانهلنا كتابات خصبة في تعريف البرجوازية البيرقراطية والفرق بينها وبين البرجوازية العادية، والمنجة، وأضفنا الطفيلية كناية عن الطبقة الجديدة التي نمت على هامش القطاع العام.. والمتداخلة مع المسؤولين في النظام بشبكة مافيوزية قائمة على النهب ، والرشا، والمحاصصة...وارتاح البعض كثيراً لهذا التوصيف الطبقوي، وكان يمكن الإضافة إليه " اشكال متعددة من"راسمالية الدولة"، أو من التطور اللارأسمالي، أو شتى توصيفات أجنحة البرجوازية الصغيرة : اليمينية، والعسكرية، والعليا، والفاشية، والنهبية، و..إلخ ..
ـ لكن، وعبر نقاشات حادة لم تخل من صراعات كبيرة.. كان الجانب الطائفي واضحاً في النظام منذ تأسيسه : كتلة واضحة المعالم، وصولاً للانقلاب، فالمسار..وبحيث لا يمكن القفز فوق هذه الحالة بأي غربال طبقوي، كما كان يريد عدد من "الرفاق"، والأصحاب..وبرفض أي شيء يتناول جانبه الطائفي.. واعتبرناه نصراً كبيرا حين كرّسنا إضافة"الطائفي" غلى تلك الصفة الطبقية ـ الطبقوية، وكان على المقتنعين بهذا التوصيف أن يخوضوا نقاشات وصراعات ضارية لسنوات.. حتى جرى اعتماده، وبات عادياً عند الأغلبية..ذلك أن الموضعة الطائفية التي كانت ترهب ذهن البعض ـ لأسباب مختلفة ـ كانت أكبر من محاولات الهروب، والتبرير، أو اللجوء للتفسيرات الطبقوية للتغطية..آخذين بالاعتبار أن الخلاف ظلّ مستمراً حول حدود هذا البعد الطائفي، وحجمه، وتاريخه، ودوره، ومدى شموليته.. وهو خلاف ما يزال قائماً حتى يومنا هذا.
ـ البعض استخدم مراراً توصيف : النظام الأسدي، كناية عن الدور الطاغي، والساحق للطاغية الأكبر، ومعه عدد كبير من العائلة(الأسدي هنا لا تحيط بآل مخلوف ودورهم) .. وهناك من يختصر الأمر بنظام العائلة الأسدية، بينما يكتفي البعض باعتباره النظام الطائفي، وهناك من يصرّ على تسميته بالنظام النصيري.. كناية عن خلفية معينة لا تحتاج التفسير..
ـ عبر عدد من التوصيفات التي يتمّ تداولها.. فإني أميل ـ شخصياً ـ لتسميته بنظام الطغمة.. ويمكن بعدها إضافة ما تشاء من أوصاف : المجرمة . القاتلة. الحاقدة. الطائفية ..إلخ، ذلك أن هذا النظام هو أكبر من عائلة الأسد، وإن كان "الأسديون" قوة فاعلة فيه.. لدرجة أن كثيرين يعتقدون أنهلو سقط الأسد الوريث بأي طريقة لانتهى النظام خكماً.. لكني ارى أن مكونات النظام تتجاوز عائلة الأسد بالتحديد.. إلى..طغمة أقرب لتكوين العصابات، والمافيا..
بأمل أن يكون ذلك أقرب للتوصيف الصحيح..