وجاء دور الإسلام 1
د. فوّاز القاسم
لقد كان العالم قبل الإسلام ، شرقيه وغربيه ، عربه وعجمه ، يعيش في ظلام دامس ،حتى جاءت رسالة الإسلام ، والتي حوَّلت العرب الوثنيين ، المفرّقين ، المتنازعين فيما بينهم ، إلى أمة واحدة ، بل خير أمة أخرجت للناس :
(( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ...)) (110) سورة آل عمران.
فآمنوا بهذه الرسالة الخاتمة ، وحملوها إلى العالم ليفتحوا القلوب والعقول والضمائر ، بنور الإسلام ...
ويطهِّروا العالم من الكفر والفسوق والعصيان ، فانتشر الإسلامُ في أرجاء المعمورة خلال القرن الأول الهجري ، بعد أن بذلوا من أجل ذلك الغالي والنفيس ، وقدموا التضحيات الجسام ...
وقدموا السعادة الأبدية للبشر ، والارتقاء الروحي والمادي ، واستمر الصراعُ بين الحق والباطل في مدّ وجزر ، فعندما كان المسلمون يتمسّكون بدينهم وقرآنهم تمسكاً صحيحا كان النصرُ دائماً حليفهم ، وعندما كانوا يتخلَّون عن دينهم وقرآنهم كانت الدائرة تدور عليهم ،إلى أن سقطت الخلافةُ الإسلامية ( العثمانية ) وسيطر أعداء الإسلام على العالم الإسلامي فكريا وعسكريا واقتصاديا ..
فتخلَّف المسلمون وصاروا في آخر الركب .
ومن الجدير ذكره بأن الحضارة الغربية والشرقية لم تقدّم للبشرية سوى الدمار والهلاك والشر ...
ففي الوقت الذي قدّم المسلمون للعالم في سيادتهم الأولى : السعادة ، والخير ، والسلام ، والأمن ، والأمان ، والطمأنينة ، والعلم النافع ، والطهر والعفاف .
فإن المدنية الغربية المعاصرة لم تقدّم غير : الشقاء ، والشرَّ ، والحروب ، والقتل ، والدمار، والخوف ، والرعب ، والعلم الضار ، والملاهي ، والموبقات ، والعهر ، والفحش ، والشهوات ، والمنكرات .
ولقد خيَّم على العالم اليوم البؤس والشقاء والتعاسة - بالرغم من التقدم العلمي الهائل ، حيث سخّروا علمهم في شقاء البشرية بدلاً من إسعادها ، وتفنّنوا في صناعة أسلحة الموت والدمار الشامل ، ونشر الرذيلة ، وترويج المخدّرات ، وتجارة الجنس ، فطغت مدنيتهم في الجانب المادي الربحي الرأسمالي ، على حساب الجانب الإنساني ، والروحي ، والقيمي ...
ولذلك فقد شهدنا من يسمي نفسه بالعالم الحرّ والمتقدّم يحتل بلداناً ضعيفة ، ويبيد شعوباً بأكملها ، ويدمّر حضارة عمرها آلاف السنين ، كل ذلك من أجل مطامعه الأنانينيّة الرخيصة ، بل من أجل برميلٍ من النفط ...!!!
ثم ، استدار الزمان كهيئته يوم جاء الإسلام لأول مرّة ، وبدأ وعي المسلمين يكبر ، وبدأ صبرهم على القهر والظلم والعبودية ينفد ، فاختطّوا طريق : الوعي ، والمعرفة ، والجهاد ، والاستشهاد ، لنهضتهم ، بدلاً من : الجهل ، والذلّ ، والتخلّف ، والجبن ، والانبطاح ...
وهذه هي الخطوة الأولى في طريق التغيير الذي وعد القرآن أمتنا به :
(( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ )) الرعد 11
وهاهم شباب الأمة الصيد الأماجد من أهل العقيدة والتوحيد ، يغيّرون من الجهل إلى الوعي ، ومن الضعف إلى القوّة ، ومن الجبن إلى الشجاعة ، ومن الخور والاستسلام إلى التضحية والاستشهاد ...
فأبشري يا أمّة الإسلام ، وأبشروا يا شباب التوحيد بتغيير الله لواقعكم من الذلّة إلى العزّة ، ومن الغثائيّة إلى التمكين ، ومن العبوديّة إلى الحريّة ...
هذا هو وعد الله ، وهذا هو قدره ...
(( إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ )) آل عمران 9