أيفعلها يومًا؟؟
هنادي نصر الله
ما كنتُ يا سادة أحسدكم على مركباتٍ فخمةٍ تركبونها؛ تُريحْ ظهوركم وتستريحُ أنفسكم من عناء التنقلِ؛ فلا تشعرونَ إن كنتم تسيرون في شوارع الضفة المحتلة أو تجتازون الحواجزَ وتقطعوها بتسهيلٍ مريحٍ من جيش الإحتلال الإسرائيلي لتصلونا..!!
ليس من طبعِ غزة أن تحسدَ الأثرياءَ من أبناء العالم؛ أومن أبناءِ جلدتها؛فعزةُ نفسِ أبنائها أقوى من أن يُدغدغَ عواطفهم إنسانٌ جاء ليشتريهم ببعضِ كلماتٍ وبأنصافِ حلولٍ ومواقف..!!
جلستُ اليومَ أعدُ متاعكم الذي جئتمُ به إلينا؛ وقلتُ بشيءٍ لا يخلو من الحسرةِ أليس أثمانُ " مركباتكم" الكبيرة والكثيرة هذه تسدُ رمق كثيرين مشردين عندنا؟؟
مابالُ كلُ واحدٍ منهم وقد جاءَ إلى مدينتنا الفقيرة بأغلى ما لديه؛ وكأنه جاءَ إلى حفلةٍ لاستعراضِ أجمل ما لديه؛ ثم أنتم عندما حللتُم؛ نزلتم في أفخم فندقٍ لدينا" المشتل" فلِم لم تجتمعوا على أنقاض منازلِ المكلومين؟ لِمَ لا تتحدثوا عن أهمية الإعمار من بين الدمار؟ لِم لَم تُعلنوا اليوم الصيام حدادًا على أحوال الجوعى المتعطشين للنورِ وللمياه وللحرية وللدواء؟؟
ضاع وقتُنا ونحن نلتقطُ لكم الصور؛ ونحنُ نسأل بعضنا البعض؛ متى ينتهي اجتماعكم؛ فإذ بآذان المغرب يؤذن دون أن ينتهي اجتماعكم؛ فماذا عن قراراتكم؟ هل جاءتْ بخفي حنين؟ أم أن الخفَ أصبح في عصرِ الكيل بمكيالين عزيز المنال؟؟
ثم قلتُ لنفسي بعد أن طفح الكيل؛ إلى أحلام اليقظةِ اذهبي؛ وتخيليه يأكل العدسَ مع أبناء المخيم؛ أو يوقد النار مع ربة المنزل لتخبز خبزها؛ فيأتي غبارُ النارِ على " ربطة عنقه" فلا يُبدي أي تذمر، ويقولُ " فداكِ يا غزة" ثم يواصل المسير؛ ليرى مسجد خزاعة وقد دُمر؛ فيتركَ مركبته الفخمة؛ ويسيرُ حتى يواري الغبارُ معالم حذائه، ويصدحُ بنفسه" الله أكبر" فيؤم المصلين ويخطبُ بهم؛ وقد أعلنتْ مشاعره كم أنه تأثر..
ثم يواصل فإذ به يرى جرحى بالآلاف وقد اصطفوا ليُحييوه ويستقبلوه بأنصاف أجساد؛ بأقدامٍ مبتورة؛ بأيدٍ تُصافحُ رغم الجراح؛ فتدمعُ عينه، ثم يُعاتب نفسه، كم حرمها من الأموال؛ كم سلبها ميزانيتها، كم همشها، كم اضطهدها؛ فيعلن ندمه وأسفه، ويهاتفُ رئيس السلطة أبو مازن، ليخبره بقولٍ ثابت" لقد جئتُ يا سيادة الرئيس إلى غزة بناءً على طلبك وأمرك؛ لكنني الآن أقول لكَ لن أغادرها إلا وهي عزيزة شامخة وقد لُبيتْ كل مطالبها؛ فلا خير فينا إن قصرنا بحق غزة"..
صحوتُ من أحلام اليقطة؛ وصوتُ هاتفي النقال يُناديني؛ليسألني منتج النشرة" هل انتهى اجتماع الحمد الله مع الفصائل أم مازال الإجتماع سيد الموقف..؟؟؟