عندما يغيبُ الوَعيُ ويموتُ الضمير
الضمير شعور أوجده الله في قلب الإنسان ليُميّزَ الخير من الشر ويُفرِّقَ الحقَّ عن الباطل، فإن كان حيّاً أيقَظَ صاحبَهُ، وإن كان ميّتاً لن يشعرَ بآلام الآخرين !!
هناك عوائل سورية يحملون جنسيات أمريكية يعرجون إلى إسرائيل لزيارة "الأقصى" قبل إتمام رحلتهم إلى سوريا للنزهة وزيارة الأهل !!
وعند وصولهم إلى القدس، يترَجّون السلطات الصهيونية بعدم ختم جوازاتهم الأمريكية حتى لا تسبب لهم مسائلة من الأمن السوري إن احتاجوا الدخول بها، وتتعاون السلطات الإسرائلية المحتلة مع زوّارها فتمنحهم تأشيرة (فيزا) دخول إلى فلسطين على بطاقة خاصة منفردة دون ختم جوازت السفر، مع أن اليهود لا يسمحوا بزيارة المسجد الأقصى إلا من كانت زيارته لصالحهم !
وعندما يغادروا إسرائيل ويصلوا إلى سوريا، يدخلوا بالجواز السوري كي لا يتعرضوا للمسائلة من السلطات الأمريكية بوجود ختم دخول سوريا على الجواز الأمريكي !!
إن أكثر الهيئات والمؤسسات والشخصيات الإسلامية المعتبرة مَنَعَت زيارة "القدس" لغير الفلسطينيين لما تحمل من تطّبيع مع العدو الصهيوني والإعتراف بسلطته والتكريس لها، كما إنّها خيانة للشعب الفلسطيني الممنوع من الزيارة، وإستهتار بدماء الشهداء والثكالى والأرامل واليتامى، حتى المَقدسيين (أهل القدس) ممنوعين من الزيارة إلا بقيود وشروط تضمن سلامة اليهود ومصالحهم.
وعندما يعود العوائل السورية إلى أمريكا بعد الزيارة المشؤومة لإسرائيل والنزهة بالشام ومشاهدة أكثر من 85 % من السوريين تحت خط الفقر، بلا أمن ولا وقود ولا دواء، يَتَشَدَّقُ أفرادها أمام الجاليات العربية بانتصار الأسد ويُسَبِّحوا بحمدهِ، ويُشيعوا أخباراً كاذبة بأنّ الناس سُعداء مبسوطين يعيشون بخير وأمَان، ليُبيّضوا وجهَ النّظام المجرم بأكاذيب، ويقلبوا الحقائق ليغدو الضّحايا مجرمين لتظاهرهم ضد الحكومة وتخريب البلد !!
لقد غاب وعيهم وماتت ضمائرهم وتلبّدَ احساسهم وعميَت ابصارهم فلم يشاهدوا جرائم الأسد التي ندَت منها جبين الإنسانية.
لقد أغمضوا أبصارهم عن مشاهدة تدّشين مبنى روسي بجامعة دمشق، وعرض منح دراسية للطلاب السوريين ليتابعوا دراستهم في موسكو، وتعليم البائعين مفردات روسية للتفاهم معهم !
لقد عَمِيَت أبصارهم عن احتلال إيران لمنطقة السيدة زينب وكفرسوسة وباب شرقي وببيلا وبيت سحم، وتدّخّلها في مناهج التعليم وتربية الطفل، وشراءها محلات كثيرة بأسعار خيالية في سوق الحميدية وإستيلاءها على محيط مقام السيدة رقية بالكامل، وإنشاءها "المجلس السوري الإيراني للأعمال"
لقد عَمِيَت أبصارهم عن مَنحِ بشار الأسد الجنسية السورية لآلاف الشيعة الأفغان، الذين هربوا من أفغانستان وعاشوا في مخيمات إيران قبل ان يرسلهم الحرس الثوري الإيراني (لواء فاطميون) لقتال النواصب (السوريون السنة) مقابل منحهم جنسيات سورية !!
لقد عَمِيَت أبصارهم عن احتلال روسيا وإيران لميناءي طرطوس واللاذقية بذريعة الآجار !
لقد عَمِيَت أبصارهم فلم يروا احتلال واستيلاء أمريكا لمنابع النفط والغاز في الشمال الشرقي السوري !
وصَمَّت آذانهم فلم يسمعوا باحتلال هضبة الجولان التي اعترفت امريكا بسيادتها لإسرائيل التي زاروها !
اليسَ عاراً أن يذهبوا إلى الشام ولا يصطحبوا شبابهم خشية عليهم من الأسد (باعترافهم) ثم يعودوا داعمين "أبو حافظ" ونظامه الذي جلب القوى العالمية لقتل شعبه ؟
أليسَ من القيَم (إن وجِدَت عندهم) أن يذهبوا بصمتٍ ويعودوا بصمت لكيلا يخدشوا مشاعر المهجّرين والمشرّدين الذين قتل الأسد آباءهم وأمهاتهم وابناءهم واغتصب نساءهم ؟
أتسائل دوماً هل يبقى الإنسان آدمي إذا غابَ وعيهُ وماتَ ضميرهُ ؟!
وسوم: العدد 828