في ذكرى إعادة الأذان للغة العربية
هل عدنان مندرس رحمه الله؛ هو شهيد الأذان ؟. أم شهيد أتاتورك ؟. سؤال يبعث على الدهشة و اﻹستغراب؛ و رب متهم لي بالدفاع عن أتاتورك قبل قراءة كامل النص؛ أنا لست من المدافعين عن أتاتورك و ﻻ عن غيره؛ بل أريد قراءة التاريخ المشوه بتجرد؛ لنصل لحقائق؛ إذاً تعالوا ننظر في الأحداث التاريخية التالية :
* حزب الشعب الجمهوري CHP عام 1932م حظر الأذان باللغة العربية و فرضه باللغة التركية
* عام 1933م رئيس الوزراء عصمت اينونو أطاح برئيس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك و وضعه تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته عام 1938م
* اينونو أصبح الآمر و الناهي في الجمهورية التركية
* أتاتورك و رغم وضعه تحت الإقامة الجبرية بقي رئيسا شكليا؛ و جميع القرارات الحكومية صدرت بتوقيعه؛ لكن ليس بالقلم و المداد؛ بل بختم من تصميم خطاط أرمني استاتبولي بطلب من اينونو
* عام 1938م و بعد وفاة أتاتورك؛ اينونو استلم رئاسة الجمهورية و أصبح الرجل الأوحد في الدولة و أطلق عليه لقب Miili şef الزعيم الوطني
* اينونو عمل كل ما يمكن عمله من أجل أن تنسى الناس أتاتورك؛ و محى أثره؛ و رفع صوره من العملة الوطنية؛ و استبدلها بصور نفسه؛ حتى بات أتاتورك منسيا في ثنايا كتب التاريخ
* في الحرب العالمية الثانية 1939م - 1945م بقيت تركيا دولة محايدة؛ و أصبحت ملجأ ﻵﻻف الروس و الألمان و لرعايا سائر الدول الأوروبية
* في عام 1945م زادت أطماع الإتحاد السوفيتي و كاد أن يجتاح تركيا لضمها إلى اتحادها كما فعل بباقي الجمهوريات التركية الأخرى
* الولايات المتحدة الأمريكية التي ﻻ ترغب بوصول الدب الروسي إلى المياه الدافئة؛ عرضت على تركيا حمايتها بشرط : تبني النظام الديمقراطي التعددي
* اينونو قبل بالعرض الأمريكي على مضض
* لم يكن في دكتاتورية اينونو أحزاب سياسية؛ فأوعز إلى صديقه عدنان مندرس و بعض رفاقه في حزب الشعب الجمهوري CHP لتشكيل حزب شكلي باسم الحزب الديمقراطي DP لمنافسته في انتخابات 1946م
* انشق مندرس من حزب الشعب الجمهوري CHP و شكل الحزب الديمقراطي DP و اشترك في إنتخابات 1946م و فاز ببضعة مقاعد و أصبح زعيما شكليا للمعارضة
* الوﻻيات المتحدة الأمريكية لم يعجبها هذه الديمقراطية الشكلية؛ و طلبت ديمقراطية أكثر فاعلية
* رضخ كل من اينونو و مندرس لﻹمﻻءات الأمريكية
* في إنتخابات 1950م الأكثر ديمقراطية و المراقبة لأول مرة من اللجنة القضائية العليا المستقلة المشرفة على الإنتخابات YSK .. كان ﻻ بد ل مندرس أن يقدم شيئا جديدا للشعب؛ فوعد بإعادة الأذان إلى اللغة العربية
* في إنتخابات 1950م فاز مندرس فوزا ساحقا؛ و أطاح ب اينونو؛ و حول رئاسة الجمهورية إلى منصب فخري؛ و انتخب زميله جﻻل بايار رئيسا للجمهورية
* اينونو سكت و ليس بمقدوره إلا أن يسكت؛ لكنه بقي على علاقة وثيقة جدا بالولايات المتحدة الأمريكية؛ و يحذرها دائما من تمادي مندرس في الإصلاحات و احتمال تمرده عليها
* مندرس بدوره عمل كل ما بوسعه لمحو آثار اينونو؛ فرفع صوره من العملة المحلية و أعاد إليها صور أتاتورك؛ و رفع من شان أتاتورك؛ و نقل رفاته من استانبول و دفنه في أنقرة و بنى له نصبا تذكاريا ضخما؛ و حماه بقانون و هو المعروف بالقانون 5816 و هو ساري المفعول ليومنا هذا؛ و أدخل سيرة حياة أتاتورك في المنهاج التعليمي؛ و في كل مناسبة : هاجم اينونو و استصغر من شانه
* عام 1960م و بعد 10 سنوات و 13 يوما من حكم مندرس؛ قام الجيش بالإنقلاب عليه؛ و وضع هو و زمﻻؤه في السجن و حوكموا و أدينوا بالإعدام
* اينونو استلم رئاسة الوزراء؛ و حكم تركيا مجددا؛ و كانت حياة مندرس بين شفتيه؛ لكنه سكت بل حض على إعدامه انتقاما لنفسه؛ و كان دائما يقول : حذرت مندرس من التمادي و قلت له مصيرك الإعدام لكنه لم يصغ إلي
* عندما رفع مندرس الحظر عن الأذان بالعربية .. حزب الشعب الجمهوري CHP لم يعترض إطﻻقا .. بل سكت .. و أراد أن يتخلص من عار لحق به .. و من خطأ تاريخي فظيع يسند إليه.
* عندما رفع مندرس من شأن أتاتورك و نقل رفاته لأنقرة و بنى له نصبا تذكاريا و أعاد صوره للعملة المحلية و أدخل سيرته في المنهاج الدراسي و حماه بالقانون رقم 5816 .. اعترض حزب الشعب الجمهوري CHP بشدة
* و أخيرا :
الجواب عندكم ..
هل مندرس هو شهيد الأذان ؟.
أم مندرس هو شهيد أتاتورك ؟.
رحمه الله تعالى رحمة واسعة
#الدولة_العميقة_داوداوغلي
وسوم: العدد 830