إن كان هذا هو عقلك فقد استرحت!
يقولون لك: توقف عن الكتابة والنقد؛ حتى لا تحدث فتنة، وينصحونك بعدم مهاجمة السيسي ونظامه؛ فقد انتهت القصة، ويطالبونك بالحكمة والعقلانية؛ فالمحنة أكبر من قدرتنا، ويخوّفونك بالظالمين من حولك، وما يمكنهم أن يفعلوه بك.
يا هؤلاء.. ما أجمل أن أعيش نذلا!! أعيش لنفسي آمنا في سربي، منشغلاً بحياتي وآمالي، لا أشاهد قنوات إخبارية، ولا أعكر صفو مزاجي بأخبار مؤذية، أتابع التافهين والتافهات والمغنيين والمغنيات، وأُدمن ألعاب الفيديو، أو مشاهد مباريات الكرة حتى لجزر الواق واق!!
لكن.. أين أنتم من قول الرسول صلى الله عليه وسلم : "ما من امرئٍ يخذُلُ امرَأً مسلمًا في موضعِ تُنتهَكُ فيه حرمتُهُ، ويُنتقَصُ فيه من عِرْضِهِ، إلا خذلَهُ الله في موطِنٍ يُحبُّ فيه نُصرَتَهُ، وما من امرئٍ ينصُرُ مُسلِمًا في موضعِ يُنْتَقَصُ فيه مِن عِرْضِهِ، ويُنتهَكُ فيهِ من حُرمتِه إلا نصرَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ في موطنٍ يُحِبُّ فيه نُصرتَه" [رواه أبو داود].
حرماتنا تنتهك في مصر وسوريا والعراق واليمن والصين وفلسطين، وفي كل بلاد الإسلام، أين من ينتصر لهؤلاء المظلومين الثكالى؟!
أين من ينصرهم بكلمة حق، أو رفع ظلم، أو إغاثة ملهوف، أو نجدة أسير؟!
ألا سُحقًا لحياة نحيا فيها ليموت الدين والشرف..
ألا سُحقًا لحياة غايتنا فيها نفسي نفسي، وأنا ومن بعدي الطوفان..
ألا سُحقًا لحياة نبيع فيها جنة عرضها السماوات والأرض بدنيا أصلها التعب والكدر..
قالها حارس السجن لإمام أهل السنة أحمد بن حنبل وقت محنته، وقد عذّب تعذيبًا شديدًا، قال له: يا إمام.. إنّ عندك عيالاً؛ فخَفْ عليهم، فقال له: إذا كان هذا هو عقلك فقد استرحت!!
فكم فينا من مستريح العقل متعب القلب، وكم فينا من متعب العقل مستريح القلب..
اللهم أجعلنا من أهل الثانية، واكفنا شرَّ الأولى..
وسوم: العدد 834