لكلّ عَصر بلاؤه .. ولكلّ حاكم وكلاؤه وعملاؤه !
لو حَكم الشيطانُ شعباً ما ، لوجَد الكثيرين يخدمونه ، ويتزلّفون إليه ، من بني الإنسان، من أبناء الشعب ، ذاته ، ومن أبناء الجيران !
أهذا عجيب ؟ لا ؛ إذا تذكّرنا ، أن الشياطين ، ليسوا ، كلّهم ، مخلوقين من نار؛ فبعضهم مخلوق من طين ، من أبناء آدم ، أنفسهم !
يقول ربّنا ، تبارك وتعالى :
(وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون).َ
ونظرة عجلى ، إلى تاريخ أمّتنا ، توضح لنا ، مدى استعداد بعض البشر، للتعاون ، مع أخبث الشياطين ، وأشرسهم ، وأقساهم عداوة لشعوبهم ، وأشدّهم تدميراً لأوطانهم !
وبعض هؤلاء الأنذال ، صار مضرب مثل ، في السقوط الخلقي والخيانة ، مثل أبي رغال ، دليل أبرهة الحبشي ، الذي أعدّ جيشه ، لهدم الكعبة ، في غزوة شرسة ، كان للفيل فيها ، شأن مميّز، فسمّى ربّنا،عزّ وجلّ، أصحابَها: أصحابَ الفيل، وأنزل فيها قرآناً، يتلى، إلى يوم القيامة!
عصور المَغول والتتار : لقد غزا المغول والتتار، بلاد المسلمين ، في مرحلة ، من مراحل ضعف الأمّة ، فوجدوا ، من المحسوبين ، على هذه الأمّة ، مَن يقدّم لهم ، أنواعاً مختلفة ، من الخدمة والعون ، في مستويات متنوّعة ، من مواقع السلطة ، ومواقع الخدمة ؛ سواء على سبيل التجسّس ، لهؤلاء الغزاة ، ضدّ أبناء الأمّة ، التي ينتمي إليها الجواسيس .. أم على سبيل ، تقديم النصح والمشورة .. أم على سبيل ، إرخاص النفوس وإذلالها ، بالتسابق ، إلى أشدّ الأعمال حقارة ودناءة ؛ إرضاء ، لنزوات الغزاة المحتلّين ! وكان من أبرز عملاء هولاكو ، قائدِ التتار، الرافضيُّ ابنُ العلقمي ، الذي كان وزيراً ، للخليفة العبّاسي ، فتآمر مع هولاكو ، مستغلاًّ موقعه، في الوزارة ، للإطاحة بالخليفة والخلافة ! وهلك مئات الألوف ، من أبناء المسلمين ، في بغداد، من جراء هذه الخيانة، التي صار صاحبها مضرب مثل، في الخسّة والغدر، على مدار التاريخ!
عصور الغزو الصليبي : وقد كان في مراحل غزوات الفرنجة ، لبلاد المسلمين - وهي الغزوات التي سمّيت: الحروب الصليبية - كان في هذه المراحل ، بعض المحسوبين على الأمّة ، من كبار القادة والزعماء ، يتعاونون مع الفرنجة ، ليساعدهم هؤلاء ، في الاستيلاء على السلطة ، في بلادهم ، أو في تثبيت مواقعهم ، في الحكم ، إذا كانوا حكّاماً وهُدِّدت سلطاتهم بالزوال ، من قبل أشخاص آخرين ، من أبناء ملّتهم !
عصور الاستعمار الحديث : وهذه العصور لاتختلف ، كثيراً ، عن العصور التي سبقتها ؛ من حيث تسابق الخونة والعملاء ، وضعاف النفوس .. إلى خدمة المستعمرين ، والتزلّف إليهم ، ومساعدتهم ؛ بالنصح والمشورة ، وسواهما .. للهيمنة على الشعوب والأوطان ، التي ينتمي إليها الخونة والعملاء!
عصور الحكم الوطني: أمّا هذه العصور، فحدّث عنها، ولا حرج ؛ إذ لايجد العملاء والمنافقون، غضاضة ، في التعامل ، مع الحكّام الطغاة المجرمين ، مهما بلغت شدّة إجرامهم ، وقسوتُهم على شعوبهم ! لماذا !؟ لأنهم حكّام وطنيون !
وسوم: العدد 834