أساءَ تدبيرَه ، فأكلتْ حنطتُه شعيرَه !
أحد المزارعين ، أنتجت له أرضُه محصولاً جيّداً ، من الحنطة والشعير، فأصابته الحَيرة، حول مايصنع بهذا المحصول ، كلّه ! فهداه تفكيره ، إلى شراء فرس أصيلة ، فباع الشعير، واشترى بثمنه فرساً ! وحين احتاجت الفرس ، إلى العلف ، صار يعلفها ، من الحنطة ، حتى نفدت الحنطة ، ولم يعد يجد علفاً للفرس ، فجاعت ، وطال جوعها ، حتى ماتت ! فبدأ يقلّب كفّيه ، ويقول : ياناس ، من سوء تدبيري ، أكلت حنطتي شعيري !
إن فنّ الإدارة ، هو فنّ الحياة ! فالإدارة عملية متكاملة ، تشمل الحياة ، كلّها ؛ فهي تشمل: إدارة الأموال والأعمال ، والرجال والأوقات والأزمات.. وغير ذلك ، ممّا يتعلّق بإدارة شؤون الحياة ، بشتّى صورها ، وسائر مواقعها ومؤسّساتها ، وبحسب أولويات كلّ منها !
المؤسّسات الربحية ، من : شركات ، ومحلاّت تجارية ، ومصارف مالية .. وغيرها ، يأتي في مقدّمة اهتماماتها ، تحصيل الأموال ، وتنميتها ! والرجال موجودون فيها ، لتحقيق هذا الهدف ! فإذا دخلت إحداها ، في ضائقة مالية ، اضطرّت ، إلى تسريح بعض موظّفيها ، توفيراً للمال ، الذي يأخذونه ، على شكل رواتب وعلاوات .. ونحو ذلك !
أمّا القبائل والأحزاب ، والتجمّعات البشرية ، التي على شاكلتها ، فيأتي الرجال ، في مقدّمة اهتماماتها وأولوياتها ؛ لأنهم ، هم ، الذين يشكّلون البنى الأساسية ، للقبائل والأحزاب ، وما في حكمها ، ولا يُعَدّ صرفهم ، من مواقعهم ، مجدياً ؛ لأنه يؤدّي ، إلى تفكّك هذه المؤسّسات البشرية ! فإذا احتاجت أموالاً ، فهؤلاء الرجال ، يقدّمون لها الأموال ، من أموالهم الخاصّة ، أو ممّا ينجزونه من أعمال ، أو ممّا يحصلونه ، عبر علاقاتهم مع الآخرين ، وبالتالي ؛ فإن الأموال تأتي ، في درجة متأخّرة ، عن الرجال !
إضافة إلى أن الرجال ، هنا ، هم الذين يديرون الأمور المتنوّعة ، من : أعمال ، وأوقات ، وأزمات ، ونحوها !
وهكذا يتّضح ، أن العملية التكاملية ، في الإدارة ، أساسية ، في عمل كلّ مؤسّسة ، حسب واقعها ، وموقعها في حياة الناس !
ولو حدث خلل ، في ترتيب الأولويات ، في أيّة عملية إدارية ، فسيحصل ، مع الجهة ، التي ترتكب الخطأ ، المؤدّي إلى الخلل ، كما حصل ، مع صاحب المثل ، المذكور أعلاه: من سوء تدبيري ، حنطتي أكلت شعيري !
وسبحان القائل : ومَن يُؤتَ الحكمةَ فقد أوتيَ خيراً كثيراً.
وسوم: العدد 834