منهج ومنجز
كل أمة وحضارة حتى ترتقي لا بد أن يكون عندها أمران: منهج ومنجز.
ونعني بالمنهج: مجموع القيم والفلسفات والضوابط التي تحكمها.
ونعني بالمنجز: الإعمار المادي والتقدم في مجالات الحياة كافة.
لقد ذكر الله سبحانه "الذين آمنوا وعملوا الصالحات"، في تلازم دائم في عشرات الآيات، فالإيمان والأحكام هو المنهج، وعمل الصالحات في إعمار الإنسان والمجتمع والحياة المادية هو المنجز.
مع الانتباه إلى أن العمل عندنا لا يقتصر على المنجز المادي فقط، بل يشمل المنجزات المادية. والمعنوية .
يقضي المسلمون وقتا طويلا في نقد المنجز السياسي والإقتصادي والعسكري والثقافي والتكنلوجي الغربي، بسبب غياب القيم والمنهج الرباني والمرجعية الإسلامية الضابطة له، وهذا النقد صحيح جدا، لكن الاقتصار على ذلك هو رؤية من زاوية واحدة للمشكلة، ومُعبّر عن حالة الهروب من المسؤولية، وإشكالية منهجية في تعامل المسلمين مع غيرهم من الأمم والشعوب والحضارات.
إن بناء الذات أولا منهج إسلامي عظيم، والانشغال بالغير ونقده ينبغي أن يكون حين يكون لدينا ثمة منجز مادي مثلهم، لكننا متميزون عنهم بالقيم والمنهج الرباني والمرجعية الإسلامية الفاعلة والضابطة لهذا المنجز المادي، أما الادعاء والفخر بأننا نملك المنهج دون المنجز فهذه هي المشكلة نفسها عند الغرب لكن بوجه آخر، مع إساءة هذا التصور للإسلام أساسا.
إن المنهج والمنجز متلازمان في الحضارة الإسلامية وأي حضارة، والمنهج بدون منجز مثل المنجز بدون منهج.
قمة الفوز حين يكون عندنا تمسك بالمنهج وتقدم في المنجز.
وقمة الخسران حين عندنا زهد بالمنهج وتراجع في المنجز.
وسوم: العدد 835