الحج المبرور باب العصمة الإلهية
يقول الله تعالى : (إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ (96) فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ، وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ ) 97/ آل عمران . بيت الله الحرام المبارك ، هو مَعلَمٌ للهدى والتوحيد ، وفي بيئته الربانية آيات بيِّنات لمَن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، والإيمان بما ورد فيه من الله نجاةٌ وفوز ، والصد عنه وعن آياته ، وعن أوامر الله كفرٌ وخسران .
وفريضة الحج عصمة إلهية للعباد الذين آمنوا بالله ، واتبعوا هَدْيَه ، وهذه العصمة تمنع من المعاصي ، ومن اقتراف المهلكات ، وبها يجتنب العبد المؤمنُ كلَّ ما يؤدي إلى ماحرَّم الله سبحانه ، حيثُ حرمان العصاة من رحمة الله ورضوانه . فالذين أدبروا عن شريعة الله وعن اليوم الآخر ، وانفضُّوا عن بيئة الهدى وعن الصالحات من الأقوال والأعمال ، فأولئك هم أهل الخســـــران في الدنيا والآخـــــــرة . ( قَدْ خَسِرَ الذينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ الله ... ) 31/ الأنعام . ففي الأرض مازال من هؤلاء المكذبين الكثير ، غرَّتْهم الدنيا بزخرفها الزائل ، فرأوا في الحياة مكان لهوهم وتمتعهم بالموبقات وحسب ، وما أصاخوا لنداءات الوحي التي جاء بها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على توالي العصور ، وهؤلاء المكذبون في قبضة تهديد الله لهم : ( وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَّا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا ۖ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ) 70/ الأنعام . ولعل موسم الحج أوسَعَ بقدسيته وآثاره على الذات البشرية بابَ التوبة للناس ، فلقد هـزَّ في جوانحهم تلك الأشواق إلى ماعند الله من نعيم أبدي ، ودعا الذين لانت قلوبُهم لذكره جلَّ وعلا ، إلى الشروع بعمر جديد ، عمر من غير ذنوب : ( وما يتذكر إلا مَن ينيب ... ) 13/ غافر . وقد هيَّأ اللهُ للخلقِ مَن يذكرُهم ويدعوهم إلى الإنابة ، ولعلهم يستمعون ولا يدبرون : ( وياقوم مالي أدعوكم إلى النجاة ... ) 41/ غافر . إنها دعوة فيَّاضةٌ بالمودة والإخاء من قِبَلِ الدعاة الصالحين والعلماء العاملين لئلا يُرَدُّ المبطلون على أعقابهم خاسرين .
يقول صلى الله عليه وسلم (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) متفق عليه، إنه كرم الله وعفوُه ، حيثُ لايبقى ذنب على مَن أدَّى فريضة الحج ، بل وجعل جزاءَه الجنة يوم القيامة ، يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) متفق عليه. والحج تعظيم لله وطاعة له سبحانه وتعالى ، فمَن أدبرَ نقضَ عهدَ الله ، وحُرم من فضله ، يقول سبحانه : ( لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ... ) .
الحج موسم رحمة وعلى الإنسان أن يتفاعل مع هذا الموسم الجليل ، وينتهز هذه الفرصة السانحة الغالية قبل أن يُدرك الموتُ الإنسانَ ، وعندئذ لاينفع الندم ، وقد يتعقب شدوَك هذا أيُّها المشتاق لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولتلك البقاع الطاهرات في هذه الأيام المباركات : وجهٌ حائرٌ يودُّ أن يأنسَ بطيف ظليل يلوذ به ، ويدرك في أفيائه قيمة الحياة التي ماكانت إلا قاعة اختبار للأنفس التي تبحث عن الحقيقة التي لم تزل تتلألأ في وجوه المؤمنين الأبرار ، فرب نفس أنهكتْها الليالي الحالكات المفعمات بالأسى تجد في هذا الموسم الخروج من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان ، وينطلق ملبيا يرجو عفوَ الله . وربما كان تائها في عوالمَ يمرحُ فيها إغراءُ الحياة ، تجتذبه النزوات من كل مكان ، ولكنه شعر آخر المطاف بأنه في تيه وفي حيرة من أمره ، تناديه حنايا فؤادِه للعودة إلى حقول الأنس بالله وقد خلت مساراتُها من الكآبات والتجهمات . ولعله يصحو ليجد مكانته الأثيرة لروحه التَّوَّاقةِ لانبلاج أنوار الهداية ، وقد انحسرت عنه ظلمات الضلالة التي كانت تكتنف حياته ، وليشعر ــ ولأول مرة في حياته ــ أنه أكبر من أن تستغله النُّخب التي جنَّدها إبليس لإغواء بني آدم ، فهذه المنحة أو العصمة الإلهية تعصف بكل ما وجده من بطلان العابثين الذي سدُّوا منافذ التفكير القويم والاعتبار من أحداث الزمان . فلم يعرف عنهم مجتمعُهم عقيدةً ربانية تسمو بنفوسهم ، ولا سلوكا على نهج النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، ولا ثورة نفسٍ تغيِّرُ ما أصابها من حب الدنيا ، فأحيت هذه المنحة الرجولة الحقيقية في صدره ، الرجولة التي تجدد صفات المؤمنين ، ومزايا المتقين الأبرار ، ففي معجم الرجولة تجد المروءة والشجاعة والحكمة وغيرها من المفردات الغاليات التي لاينكرها ضمير حي ولا عقل قويم . وسوى الرجولة فهي الهرطقات والانتفاشات الفارغة ، وهي باطلة زائلة لاتقوى على طمس قيم الحج وبقية فرائض الإسلام العظيم . إن الرجولة تقضي أن تتغلب الروح الطاهرة على متطلبات الجسد الحيوانية ، وتنتشل صاحبَها من مستنقعات الإثم ، ومن براثن الغفلة ، إلى بيئة الهداية والعصمة حيث الطهر والسمو وترويض فورة الجسد ، كي لاتجره عربة الخذلان إلى مهاوي الهلاك ، إن الموقف المهيب في مناسك الحج دعوة صارمة للتخلي عن المثبطات التي تحول دون إدراك العبد مقامَ العبودية لله سبحانه وتعالى ، فتنحسر أمواج الإغراءات عن مطارف روح تعالت على الباطل وعلى الزخرف مهما كان ، وفي أي مكانة وُجِد . وهذا هو انتصار العبد الصالح على نفسِه وهو من أجلِّ الانتصارات . لأنه يعني أن الله قَبِلَ أوبتَك إليه ، فاظفر بهذا الوسام الرباني ، وعش مطمئنا مع الفائزين الأوابين ، وهذه عاقبة مَن رضي أمر الله ولم يجانبْهُ في دنياه ، فالذي يشرد عن هُدى الله سيندم أشدَّ الندامة ، ولكنْ هيهات فقد فات الأوان في ذلك اليوم . ومثل هذا لم يكن شجاعا ، بل كان إمَّعةً يهرول خلف أصحاب الأهواء من المفلسين من القيم التي جاء بها الأنبياء عليهم صلوات ربي وسلامه ، ستصفعه يدُ الندم ، وتحرق قلبَه لوعة الأسف ، ولكنْ هيهات فقد فات الأوان ، أجل لقد فات الأوان ... لقد ركن إلى أهل الإثم الذين كانوا يستهزئون بآيات الله ، أغراهم استكبارُهم ، وأغواهم البهرج المزيف الذي أبدعه لهم إبليس ، فنالوا مصيرهم ، ومعهم هذا الإمَّعة ، فكانوا من الخالدين في جهنم ، يقول الله تبارك وتعالى : ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاك أَثِيم (7) يَسْمَعُ آيَـتِ اللهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَاب أَلِيم (8) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَـتِنَا شَيْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً أُولَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (9) مِن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يُغْنِى عَنْهُم مَا كَسَبُواْ شَيْئاً وَلاَ مَا اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ 10/الجاثية . أجل من ورائهم جهنم ، وياله من مشهد أصحابه المبلسون المبطلون الذين ما أصغوا إلى صوتِ النُّبُوَّات ، ففي آذانهم وقرٌ ، وفي أبصارهم وبصائرهم العمى ، وهل ينجو يوم النشور إلا مَن اتبع أحكام الشريعة المحمدية ، وجانب أكاذيب الدجالين ، يقول سبحانه : ( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) 18/ الجاثية .
في هذه الأيام المباركات من أيام فريضة الحج تدعو شجاعةُ النفوس أصحابَها إلى تلبية مَن نادى في أعماق السنين أن هلموا إلى موسم المغفرة ، إلى بيت الله العتيق ، إلى مِنى ومزدلفة وعرفات والمشعر الحرام ، وإلى الطواف حول الكعبة المعظمة ، والسعي بين الصفا والمروة ، وإلى زمزم ... إلى ذكرِ الله والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عيه وسلم ، أقول : تدعو شجاعة النفوس أصحابَها لمجافاة الباطل وأهل الباطل أعداء القيم الإسلامية ، قبل أن تجف في عينَيْ هذا الشجاع نضرة الفطرة وزهوَ الفطنة ، ولا يدفنهما في مقابر الغفلة والإثم وطاعة شياطين الإنس والجن ، فإن مَن فاته قطار الرضوان يكون مخالفا لقانون الحياة الفاضلة ، وهو بالتالي جبان رعديد وإن كان من أبطال المصارعة الأشداء ، فليس القوي ــ هنا ــ بالصرعة ، ولكنه الشجاع الذي غلب هوى نفسه ، ومَنَعَ انهيارَ جدارِ القيم بل فرائض الدين الإسلامي الحنيف ، وتركها تتداعى حول السراب الخادع من فتنة الحياة الدنيا . وراح يلهو مع الشيطان ، وربما لم يكن يعلم أن الشيطان الرجيم هو الذئب الجسور الذي افترس شجاعته وإيمانه وأرداه في قيد الشقاء ، وربما لم يكن يعلم أن هذا الذئب الجسور هو المُنْظَرُ فلا يموت حتى يوم القيامة ، ومن فضل الله على خلقه أنه جعل الجنة ونعيمها لِمَن يعصي هذا الذئب : ( إبليس ) اللعين . وأما الشجاع فقد انتصر على نفسه وعلى الشيطان فعاش حقيقة الإيمان ناصعة جليَّة في صدق عبوديته لله ، وفي عذوبة سلوكه ، ونقاء سريرته ، فلن يخشى شيئا أبدا مهما كانت الظروف وتقلبت الأحوال . فالإيمان واليأس ضدَّان لايجتمعان ، والإيمان بالله ينفي الحزن الأعمى ، ويدفع نوبات القلق المزعج ، ولا يدع موئلا للفوضى النفسية تجتاح سكينة الروح ...
الضَّالُ ــ ونسأل الله له الهداية ــ لاينام ملءَ جفنيه ، ولو شعر بالسعادة الطارئة في ليالي الملذات المحرمة ، إنه فَقَدَ البصيرة التي تسكن حنايا القلوب ، ولهذا ينال منه اليأس ، وربما تفجَّر بركانا لايُبقي عليه ، لأنه فَقَدَ مرة أخرى التدبير وأسباب النجاة ، لقد قيَّدتْه الغفلة ، وحرمته من الحرية التي منحها الله له ليفكر ، فما أراد أن يكون من أولي الألباب ، وإلاَّ لانطلقَتْ قدماه على مدارج وعيه ، تسعفه شجاعتُه ورجولتُه التي وصفناها قبل قليل . وبحريته هذه يغيِّر ما بنفسِه فيجدها على بوابة الرحمة والرضوان ، ويكون ممن أجابَ دعوةَ ربِّه ، ولبَّى حنين نفسِه إلى العالَم الأسمى ، يقول تبارك وتعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) الأعراف/ 172، 173 .
ونذكر في هذا المقام مارواه الإمام أحمد والحاكم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أَخَذَ اللهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ ، فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلًا ، قَالَ : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ، أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) .ألا إنها حقائق تقشعر لها الأبدان ، وتخشع منها القلوب ، وتفيض العيون بالدمع الهتون ، يعود إليها المؤمن والمؤمنة إلى وعي قلبٍ مرهف ، ليتم السمو في حاضر هذا الإنسان ، ولعله يشعر بأنه على سفر ، ليكون زاده شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمَّدًا رسولُ الله ، وإقامَ الصلاة ، وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان ، وحج بيت الله إن استطاع إليه سبيلا . فيكون من الأخيار الذين اجتباهم ربُّهم لدار رضوانِه .
أليست هذه مكافأة ربانية ! حقا إنها مكافأة ربانية غالية ، أغلى من الدنيا وما فيها ، تغريك بأن تتغنى روحُك في أفيائها مدة العمر ، وتشعر بحيوية لم تعهدْها من قبل في حياتك ، إنها انغماس في جنة الشعور برضا الله ، وبلذة الفوز الذي أصبحت ــ أيها المسلم الفائز ــ أسيره ، وهل أغلى من هذا الأسر الجميل الذي تفوح مغانيه برصيد من الفرح لاحدود له . وهل أسمى من هذه الأمنية التي سيُستقبلُ بها على أبواب الجنة ! لا أجد قلبَ مَن لم يعشْ هذه الأجواء في دنياه إلا وقد انحسرت أفراحه الحقيقية ، وتصحرت دنياه تلك ، فجبان خائر القوى مَن لم يُجبْ داعي الله في ليلة ظلماء ، أو في فجر تغشاه الرحمات والبركات ، فأين مَن يحبون مناجاة الله آناء الليل وأطراف النهار ؟ أين شجاعتهم التي ينتصرون بها على الأهواء والإغراء ، إن المهابة من رب الخلق سبحانه تعني قوة التغلب على موانع الوصول إليه جلَّ وعلا ، أيها الإنسان الحائر المبتلى بالآثام والأوزار ، والمغموس في عالَم الخطايا كن شجاعا وتقدم إلى ربك الرحيم الرحمن ، واسألْه القبول فإنه لن يردك خائبا وحاشا لأرحم الراحمين . يقول الله تبارك وتعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ) 53/55/ [الزمر . وهذا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم يحثنا لأداء فريضة الحج ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة ( رواه ابن ماجه ، ويبيِّن ماللحجاج وهم وفد الرحمن من خير عميم ، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الغازي في سبيل الله، والحاج والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم) رواه ابن ماجه . والحج من أفضل الأعمال ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سُئِل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: (إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: (جهاد في سبيل الله (، قيل: ثم ماذا؟ قال: (حج مبرور ) متفق عليه. ويبقى الحج المبرور باب العصمة الإلهية ، والمنحة الأثيرة للمؤمنين والمؤمنات , فطوبى لِمَن إلى الله أناب ، وبشرى لهم في الدنيا ويوم يقوم الحساب .
وسوم: العدد 836