هل عرفت النخَب العربية ، حقوق نفوسها ، لتعرف حقوق شعوبها ؟
العلاقة بين الشعوب ونُخبها ، قديمة ، جدّاً ، ومستمرّة ومتجذّرة ، على امتداد الزمان والمكان! وأيّة نظرة متأنّية ، متفحّصة في تاريخ البشر، عامّة ، تُظهر هذه العلاقة ، بوضوح وجلاء ، على اختلاف النخب والشعوب ، والأزمنة والأمكنة والبيئات ، والظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية !
النخبة : هي المَلأ ، وهي عِلية القوم ، وهي أصحاب الحلّ والعَقد ، وهي الرموز، الواقعة في مواقع القدوة !
ولو جاز تشبيه الشعب بالقطيع ، لكان أقرب شَبه له ، هو قطيع الغنم ، الذي يقوده الراعي، وحوله المراييع ، وهي خراف مدجّنة ، تلتفّ حول الراعي ، وفي أعناقها أجراس ! فإذا تحرّك الراعي ، تحرّكت المراييع ، فصوّتت في أعناقها الأجراس ، فسمعها القطيع ، وتحرّك باتجاه الراعي ، أو في الاتجاه ، الذي يحرّك الراعي مراييعَه ، فيه ! فالراعي ، في المجتمع البشري ، هو الحاكم ، والنخبُ هي المراييع ، التي يوظّفها الحاكم ، في مساعدته ، بقيادة الجماهير، وهي صلة الوصل ، بينه وبين شعبه !
حقوق النخب : حقّ النفس ، عامّة .. وحقّ النفس في الموقع العامّ .. وحقّ النفس في الموقع القيادي.. وحقّ النفس في موقع القدوة ..!
الحقوق والواجبات المتبادلة ، بين الشعوب والنخب : تساؤلات شديدة الأهمّية ، لا بدّ من الإجابة عليها ، لتوضيح صورة العلاقة الصحيحة ، بين الشعوب ونُخبها !
مَن يقدّم نفسَه للآخر، أوّلاً : الشعب يقدّم نفسَه لنُخبه ، أم النُخب تقدّم أنفسَها ، لشعوبها ؟
مَن عليه قيادة الآخر وتوجيهه ، نحو الحقّ والخير والصواب : النُخبة تقود الشعب وتوجّهه ، أم الشعب يقود النخبة ويوجّهها ؟
مَن عليه التضحية ، بالمال والوقت ، والجهد والنفس ، قبل الآخر، ومِن أجل الآخر: النخبة تضحّي قبل الشعب ، ومن أجله .. أم الشعب يضحّي ، قبل النخبة ، ومِن أجلها؟
مَن عليه احترامُ إرادة الآخر، وطموحاته ، وتطلّعاته ، قبل الآخر: النخبة ، أم الشعب ؟
مَن عليه تفقّد حاجات الآخر، والسعي إلى سدّها ، والنظر إلى مشكلاته ، ومحاولة حلّها : النخبة ، أم الشعب ؟
مَن عليه ، أوّلاً ، مجابهة المشقّات والمصاعب ، والأخطار الصحّية والأمنية والسياسية ، وتحمّل الأذى والسجن والتشرّد ، وضيق العيش ، قبل الآخر ، ومِن أجله : النخبة ، أم الشعب ؟
وأخيراً : مَن المؤهّل ، للإجابة على هذه الأسئلة ، كلّها : النخبة ، أم الشعب؟
وسوم: العدد 846