هل استشير خبراء في اختيار اللغة الأجنبية المسعفة في تحصيل العلوم والمعارف في التعليم العالي أم أن الفرنكوفونيين غامروا بمستقبل المتعلمين؟
يعبر طلابنا في المعاهد العليا ببلادنا والذين يتابعون دراستهم في مختلف التخصصات العلمية المعاصرة والمتطورة عن الحاجة الملحة لتعلم اللغة الإنجليزية التي يعتمدها أهل المعمور في المجالات المعرفية والعلمية .
وقد يأسف ويتحسر بعض هؤلاء الطلبة بل وحتى كثير من أساتذة التعليم العالي في الجامعات والمعاهد العليا عن فوات فرصة تعلمهم هذه اللغة لأنهم فرضت عليهم اللغة الفرنسية فرضا ،فتلقوا تعليمهم بها ولكنهم لما خبروا الميدان العلمي والمعرفي في مختلف التخصصات وجدوا أن اللغة الفرنسية لا تجاري اللغة الإنجليزية في المضمار العلمي والمعرفي ، وصاروا يحسون أنفسهم عالة على من يتحدثون الإنجليزية .
فعلى سبيل المثال لا الحصر تتجدد يوميا المعلومات في مجال الإعلاميات باللغة الإنجليزية التي يستعملها معظم المنتمين إلى هذا الحقل العلمي المتطور باستمرار، وعلى هؤلاء تصدق مقولة " أصبح العالم قرية صغيرة " حيث يلتقي الأمريكي مع الإنجليزي مع الصيني مع الهندي مع الكوري الجنوبي مع غير هؤلاء في استعمال اللغة الإنجليزية . ومن أراد متابعة ما يحدث يوميا في الحقل المعلوماتي لا مندوحة له عن معرفة اللغة الانجليزية واتقانها كما يتقنها المتكلمون بها .
ومع علم الفرنكوفونيون عندنا بهذه الحقيقة ، فإنهم أقدموا على مغامرة غير محمودة العواقب بناشئتنا المتعلمة في مختلف أسلاك التعليم من خلال فرض اللغة الفرنسية عليهم في تعلمهم مختلف المعارف خصوصا العلوم الرياضية والفيزيائية والطبيعية والمعلوماتية مع حصص يتيمة للغة الانجليزية ابتداء من السنة النهائية في الطورالإعدادي ، والسنة الأولى في الطور التأهيلي ، وهي حصص لا تمكن المتعلمين من اتقانها ، وينتقلون إلى التعليم العالي لا يجيدون منها إلى بعض العبارات التي لا يمكن أن تسعفهم في تعاطي مختلف العلوم والمعارف في مختلف التخصصات ، ويواجهون بذلك متاعب كبرى في الرجوع إلى مصادر ومراجع تلك المعارف باللغة الإنجليزية .
وكان من المفروض أن يستشار خبراء في مختلف المجالات العلمية قبل أن يربط مصير الناشئة المغربية المتعلمة باللغة الفرنسية التي تتخلف عن ركب اللغة الإنجليزية في المجالات العلمية والمعرفية إلا أن ذلك لم يحصل لأن الطبقة الفرنكوفومية ليس من مصلحتها أن تتخلى اللغة الفرنسية للغة الإنجليزية عن مكانتها في بلادنا التي كان مستعمرة فرنسية ويجب أن تظل مقلدة لها بل تصون لغتها من التلاشي وقد صارت غير قادرة على مجاراة الإنجليزية في المجال المعرفي والعلمي بشاهدة أهل الخبرة والدراية والتخصص . ومعلوم أن التحول من تدريس العلوم والمعارف بالفرنسية إلى الإنجليزية يعتبر نكسة كبرى بالنسبة لهؤلاء الفرنكوفونيين الذي يستفيدون من رعايتهم اللغة الفرنسية في بلادنا.
ولقد انطلت حيلتهم على أولياء أمور المتعلمين الذين صاروا يحرصون على تلقي أبنائهم المعارف بلغة محتل الأمس دون أن يحسبوا حسابا لما سيواجهونه من متاعب خلال مرحلة تعليمهم العالي .
ويضيع من الناشئة المتعلمة عندنا وقت ثمين في تحصيل المعارف بلغة باتت في حكم الميتة حين تقارن باللغة الإنجليزية أو حتى بلغات أخرى كاليابانية والصينية والهندية والكورية والتركية .
وعلى أولياء الأمور الواعين منهم ، وعلى الطبقة المتنورة وعلى الخبراء أن يتحركوا بأسرع وقت ممكن لتصحيح الوضع قببل فوات الأوان ولمّا يمض وقت طويل على المغامرة التي أقبل عليها الفرنكوفونيون بمستقبل الناشئة المغربية المتعلمة التي هي رأسمال الوطن ، وهي عماد مستقبله .
وسوم: العدد 852