الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى تكرم الخطباء
جميل أن تكرم الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى الخطباء بجوائز خصصت للتباري على إنشاء أحسن خطبة وأجمل منه أن ما قامت به التفاتة تقديرمحمودة
كنت عاقد العزم على أن أنقل على موقع وجدة سيتي وقائع اللقاء الذي نظمه المجلس العلمي المحلي بمدينة وجدة والذي ترأسه فضيلة الاستاذ محمد يسف الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، وحضره رؤساء المجالس العلمية لجهة الشرق وفاس مكناس ،كما حضره مجموعة من الخطباء والمرشدات بمناسبة تكريم الخطباء الفائزين بجوائز المباراة التي أعلنت عنها الأمانة العامة والمتعلقة بإنشاء أحسن خطبة ،خصوصا وأن مدير الموقع لم يتسن له نقلها تصويرا كما جرت العادة لوجوده خارج الوطن ،لكنني حينما تابعت الوصف المباشر لمراسلة إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم للحدث قلت في نفسي : " قطعت جهيزة قول كل خطيب " . وعدلت عن نقل وقائع الحدث إلى حديث ثناء على هذه المبادرة الطيبة من الأمانة العامة التي تتجلى أهميتها الكبرى في الالتفاتة الكريمة إلى فئة الخطباء الذي ينوبون كما قال السيد الأمين العام وغيره من المتدخلين عن الإمام الأعظم .
ومعلوم أن فئة الخطباء لا تحظى باهتمام المجتمع كما يحظى بذلك غيرها من الفئات التي تخصص لها أيام ومواعيد ومناسبات للتعريف بها وبدورها والإشادة بها إلا أن الخطباء لا يثني عليهم أحد حين يصيبون ، ولكنهم إذا ما خطبوا بما لا تهوى الأنفس يجرحهم الناس تجريحا كما جاء في كلمة فضيلة العلامة الأستاذ مصطفى بنحمزة.
ولا شك أن مبادرة الالتفات إلى الخطباء والاهتمام بهم من طرف أعلى هيئة علمية تعد انطلاقة جديدة ونوعية في مسار رد الاعتبار الخطباء ، كما تعد تمكينا لمنبر الجمعة مما يستحقه من تبجيل واحترام ،علما بأن الأمة المغربية المسلمة الأصيلة تضع منابر الجمعة تيجانا فوق رؤوسها منذ القدم كما جاء في كلمة السيد الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى .
والخطباء لا يرغبون في التحفيز المادي بقدر ما يرجون التقدير المعنوي الذي يناسب مهمتهم النبيلة ، والدليل على ذلك أن غالبيتهم لم يشاركوا في المباراة التي نظمتها الأمانة العامة لأنهم تحرجوا من أن يظن بهم الرغبة في الجوائز وهم مع ذلك متواضعون يرون غيرهم أهلا لتلك الجوائز فلم يسمحوا لأنفسهم بمزاحمتهم.
وما يهم الخطباء هو أن تعاملهم الوزارة الوصية قبل غيرها المعاملة اللائقة بهم ، ذلك أنه كم من خطيب سرح سراحا غير جميل بسبب وشاية كاذبة ،علما بأن الخطباء عندنا لا يمكن الطعن في التزامهم بالثوابت ، وكل ما يبلغ الوزارة عنهم من وشايات تكون مغرضة حيث تؤول خطبهم تأويلات مجانبة للحقيقة ، ذلك أنه إذا تعرض الخطيب إلى انتقاد ما يتنافى مع الشرع من سلوكات في بعضوجوه الحياة ،يسارع الوشاة مباشرة أو عبر بعض وسائل إعلام مغرضة ومعرو كل من له علاقة بالتدين إلى تأليب الوزارة الوصية عليهم فيتم إعفاؤهم عوض توجيههم أو إعطائهم فرصة تدارك ما صدر عنهم مما لا تجيزه عليهم إن كان حقيقة مما لا يحسن تناوله في الخطب المنبرية . ومعلوم أنه في جميع القطاعات ينظر في ما يقع فيه التابعون لها من هفوات قبل أن إصدار الإجراءات التي تقتضيها معالجة تلك الهفوات إلا قطاع الوزارة الوصية على الشأن الديني فإنها تعزل الأئمة ،ولا تقبل لهم عذرا ولا تقدر لهم ظرفا، ولا تأخذه بعين الاعتبار .
وبالمناسبة أهيب بالوزارة الموقرة وبالأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى أن تجعل مراجعة قرار توقيف بعض الخطباء شكلا من أشكال تكريم كافة الخطباء في ربوع الوطن خصوصا ممن لم يسجل عليهم ما يمس بالثوابت بشكل أو بآخر ، وسيكون ذلك أجمل من إعطاء جوائز على إنشاء الخطب ، فكم من خطيب موقوف مشهود له بالاستقامة والتميز في فن الخطابة والدراية والعلم لو قدر له أن يشارك في المباراة التي أجريت لكان سباقا إلى الحصول على الجائزة قبل غيره ممن فازوا بها دون أن يكون قصدنا التقليل من شأن الفائزين .
ومعلوم أن أكبر خطإ يرتكب في حق منابر الجمعة هو أن يتم توقيف الخطباء خصوصا الذين يكون لهم تميز في ميدان الخطابة ، ويكون لهم التأثير الكبير في توجيه الناس إلى صالح الأعمال وإلى التدين الصحيح بعيدا عن الغلو والتطرف .
ولا شك أنه سيكتمل تكريم الخطباء إذا ما اتخذت الوزارة مبادرة ستحمد لها بإعادة من أعفي من الخطباء إلى منابرهم ، ويعول في ذلك على الله عز وجل أولا وعلى حكمة السيد الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى الذي أطرى في كلمته القيمة على الخطباء وهو ما يدل على صدق ما يكنه لهم من احترام وتقدير ،
كما يعول أيضا على فضيلة العلامة الأستاذ مصطفى بنحمزة الذي يعتبر قدوة الخطباء ومرشدهم وشيخهم الذي على نهجه يسيرون في خطبهم وبما ينصحهم يأخذون ، وهو أيضا يكن لهم الاحترام والتقدير الصادقين .
ونأمل أن يكون للخطباء يوم وطني يشد انتباه الرأي العام إلى ما يسدونه من جميل إلى الناس بما يعدون من خطب تكلفهم الجهد المعتبر الذي لا يقدره إلا من يكابد عناء الخطابة الدينية .
ونختم بشكر أصحاب هذه المبادرة الطيبة ،وعلى رأسهم فضيلة السيد الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى ، وفضيلة العلامة الأستاذ مصطفى بنحمزة ، وكل من ساهم من قريب أو بعيد في هذه الالتفاتة الكريمة، ونخصهم بصالح الدعاء .
وسوم: العدد 856