مَن ليس لديه مايبحث عنه ، فلابدّ له ، من البحث ، عن نفسه !
لابدّ للإنسان ، من شيء ، مادّي أو معنوي ، يبحث عنه ، في أيّة مرحلة ، من مراحل عمره ، وفي أيّ عمل يعمله ، وفي أيّ شأن ، من شؤون حياته ! ومَن ليس لديه ، مايَبحث عنه ، فلابدّ له، من البحث عن نفسه ، ذاتها !
ثمّة حاجات ، يبحث عنها الناس ، جميعاً ، ومِن أهمّها : الطعام والشراب ، والأمن والمأوى .. وقد تضاف حاجات معيّنة ، لبعض الناس ، مثل الحنان ، وما يتّصل بالراحة النفسية !
في مراحل العمر!
الطفل الرضيع : يبحث عن الطعام ، في صدر أمّه ، أو في رضّاعة الحليب .. وحين يكبر قليلاً، يضاف إلى البحث عن الطعام ، البحث عن اللعب ! ومثله ، أوقريب منه ، اليافع !
الشابّ : يبحث عن النجاح في دراسته ، إن كان طالباً ، وعن النجاح في عمله ، إن كان له عمل، وإن لم يكن له عمل ، بحث عن عمل !
الكهل : يبحث ، عن تزويج أبنائه وبناته ، بما يناسب كلاًّ منهم ، كما يبحث عن دراسة بعضهم وعن العمل لبعضهم .. وعن أشياء كثيرة ، تتعلق به ، وبأسرته !
الشيخ : يبحث عن الاستقرار، بين أولاده وأحفاده ، كما يبحث عن حلّ بعض المشكلات ، التي لديه ، أولدى بعض أولاده وأحفاده ..!
في العمل : التاجر يبحث عن الربح .. والموظف يبحث عن الترقية ، وزيادة الراتب .. والمهنيون : المهندس والطبيب ، والمحامي والصحفي .. يبحث كلّ منهم ، عن النجاح في عمله، والتفوّق فيه !
في الحاجات :
المريض يبحث عن الشفاء .. والفقير يبحث عن المال .. والعزب يبحث عن الزواج .. والمسافر يبحث عن العودة إلى بلده .. والخائف يبحث عن الأمن .. ومن لا ولدَ له ، يبحث عن الولد.. !
ابتلاء الله للناس :
لاتكتمل لأحد ، حاجاته كلّها ، ولا يجد كلّ امرئ ، كلّ مايبحث عنه ؛ فلا بدّ من نقص ، في بعض الحاجات ، ولا بدّ من تعب ، مُجدٍ أو غيرمُجدٍ ، في البحث ، عن بعض الضروريات والكماليات ! إلاّ أن الذي خلق الموت والحياة ، خلقهما ، ليبلو الناس بهما ، ويرى أيّهم أحسنُ عملاً ، وأيّهم أكثر صبراً ، وأيّهم أشدّ جزعاً ! لذا ؛ يبتليهم ، بنقصِ بعض مايبحثون عنه ، وقد قال سبحانه:
(ولنَبلونّكم بشيءٍ من الخوفِ والجوعِ ونقصٍ من الأموالِ والأنفُسِ والثمراتِ وبَشّر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبةٌ قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون * أولئك عليهم صلواتٌ من ربّهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) .
هذا فيما يتعلق بالامورالمادّية , وما يتّصل بها ، من شؤون دنيوية ! أمّا حاجات الروح وما يتصل بها ،فلها شأن آخر! فمن أحسّ بنقص لديه فيها ، عاش غريباً ، عن نفسه ، ولو كان مغموراً بنعم الدنيا ! فهذه تريح الجسم ، وقد تريح النفس ، مؤقتاً ، إلاّ أن صاحبها ، يظلّ يحسّ بفراغ كبير، في أعماقه ، حتى يرتوي من حاجات الروح ! فإن حصل على بعضها ، اشتدّ نهمه إلى المزيد منها !
وسبحان القائل : (ونفسً وما سوّاها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكّاها * وقد خاب من دسّاها * ) وتزكية النفس، في الدنيا ، تجعلها نفساً إنسانية سويّة، سامية ، تصبر على النقص، في كثير من الحاجات الدنيوية الأساسية ، بلهَ الكماليات !
وسوم: العدد 861