في عزلة الكورونا
في عزلة الكورونا الإجبارية في البيت، يقترح الكثيرون استثمارها أسريا، من خلال تلاوة القرآن والعبادات الجماعية وتعليم الأسرة وقضاء الوقت في القراءة والبرامج النافعة، وكل ذلك جميل ورائع وحسن.
لكن قبل ذلك كله فإن أسرنا تحتاج:
إلى التعبير عن عواطفنا وحبنا لهم.
وإلى بثنا للأمن بينهم.
وإلى التواصل الودود معهم.
نستعيد الذكريات معا.
ونسرد الحكايات والمواقف الجميلة الماضية معا.
ونقلب صفحات ألبومات الصور في الزمن الغابر معا.
ونتبادل التجارب والخبرات معا.
ونكثف الحوار البريء المفتوح معا.
وننشر الضحكات حول المائدة دون رقابة معا.
ونعمق مشاعر الأبوة والأمومة والأخوة معا.
ونسمع هواجس مشتركة لم نكن نسمعها من قبل معا.
ونمسح كل شوائب وخلافات الماضي مما علق في النفوس من قبل معا.
عندها سنعرف كم شدتنا الحياة المادية قبل ذلك للانغماس في تفاصيلها !! .
وكم خسرنا من لحظات جميلة لو عشناها من قبل لكانت زادا ووقودا للعقول والأرواح أكبر مما نتصور!!.
وكم نسينا أقرب الناس إلينا من زوجة أو أخ او أب أو أم أو ولد او قريب وكأننا اليوم نكتشفهم من جديد!!.
وكم هي لذة التواصل مع الأهل والأحبة أكبر من لذة قضاء الاوقات في مواقع التواصل الاجتماعي فيما يفيد وفيما لا يفيد!!.
هم لا يريدون علومنا وفكرنا وتوجيهنا فقط، بل مشاعرنا وحبنا، وحكايات الماضي الجميل، والحاضر المطمئن، والمستقبل المأمول، ممن يحبونه ويثقون به.
هي فرصة أن نندمج دون تحفظ، وأن نتواصل دون قيود، وأن نتصرف بعفوية وتلقائية دون تعقيد، وأن نخلع عنا هالة الموجهين والمرشدين، لنكون أصدقاء محببين ورفقاء ودودين، في عزلة تحتاج للأنس والمحبة والود أكثر مما تحتاج للاوامر والتوجيه.
متعكم الله تعالى بمن تحبون، وحفظكم وهم مما تخافون .
وسوم: العدد 868