عام 2020
[ثم دخلت سنة إحدى وأربعين وأربعمئة وألف (1441هـ)، والذي وافق العام العشرين بعد الألفين بتاريخ العجم (2020)]
فيها: كادت أن تُشن حربٌ يتناحر فيها أهل الأرض بعد قتل الأمريكيين لقائد حرس الفرس، فكرّ الفرس بغارة عليهم، ولم يظفروا منها بأحد، ولم يلبثوا قليلًا حتى أردَوا طائرة من بلاد (الأوكران) قُتل فيها من قُتل من الفرس قبل غيرهم. وأرعد الفرس وأزبدوا حتى ظن الناس أنه أوان القتال الذي تفنى فيه العرب والفرس والعجم.
وفيها: اتفق حاكم الأمريكيين مع حاكم اليهود وحاكم الحَرَمَين وحاكم مصر وغيرهم على ما أسموه (صفقة القرن)، كي تُباع أرض فلسطين جهارًا ولم ينبس أحدٌ من حكام المسلمين ببنت شفة، فكانت حسرةً على المسلمين، ولم نرَ لتلك الصفقة نفاذًا، حتى يوم الناس هذا.
وفيها: نزل الترك على أهل طرابلس وكادت تقوم بينهم وبين أهل مصر وأهل طرابلس وقعة عظيمة، وحشد كلٌ حشده وعزم كلٌ أمره، وكادت تكون مقتلة عظيمة، لكن الله سلم، وكفى المؤمنين شر القتال، ومازال حال أهل طرابلس في كرب وغم إلى يوم الناس هذا.
وفيها: منعت الحبشةُ ماء النيل عن أهل مصر والسودان، بشيء لم يسمع عنه من أول الخليقة، حتى شمّرت الحرب عن ساقها، وأبت الحبشة إلا هلاك من دونهم عطشًا ولو لم يكن ذاك إلا بمقتلتهم جميعًا، وحكام أهل مصر والسودان في غيهم سادرون.
وفيها: استولى على حكم أهل السودان جماعة يسمون بـ(قحت)، ولم يألوا جهدا في طمس كل معلم من معالم الدين، وتحليل محارم المسلمين، وذهلوا بذلك عن حال الرعية، وحال أهل السودان في ضيق شديد، حتى لم يكد الناس يجدون أرغفة الخبز إلا بعد لأيٍ شديد، وصارت عملتهم رائجة لا قيمة لها بأفلس دراهم معدودة بحيث لا يستطيع الواحد منهم أن يبتاع بها ما يسد به رمقه.
وفيها: خرج الإنجليز من حلف العجم، فيما أسموه بالـ(بريكزت)، بعد مماطلات ومهاترات، وعويل كثير، ملؤوا الدنيا بها ضجيجًا وشغلوا الناس عن كثيرٍ من معاشهم.
وفيها: تنازل أحد أمراء الإنجليز عن الإمارة لزواجه امرأة من غير بني جنسه، وآثر هواه على المُلك، وشُغف الناس بأمره وأمر زوجته، وسار بقصص حبهم الركبان وضربوا بهم الأمثال حتى قالوا إنه قد نزل به ما نزل بقيس من ليلى!
ومات فيها من الصالحين من أهل مصر فوزي السعيد، بعد أن أذاقه زبانية حاكم مصر سوء العذاب، فالله يغفر له ويرفع بها قدره.
ومات فيها كذلك من أهل مصر، أحد علمائها وممن نافحوا عن بيضة الدين، محمد عمارة، وكانت له صولات وجولات في رد شبه الزائغين، وانتفع المسلمون به، فالله يخلف من يسد مسده.
ومات فيها من علماء أهل المغرب ومحدثيها وبقية مسنديها وملحق الأصاغر بالأكابر، عالم تطوان، محمد الأمين بو خبزة، وكانت جنازته مهيبة، اكتظت بها أزقة تطوان، حتى لم يوجد بها موطِئ قدمٍ.
وفيها مات أحد مبدلي الدين والملة، محمد شحرور، صاحب الهذر العجيب والأمر البور، وأضل من المسلمين من أضل، وقد أراح الله منه.
وفيها نفق أحد طغاة مصر وفراعينها، محمد حسني مبارك، ومن عجبٍ أن الرجل أذاق أهل مصر ألوان العذاب والمهانة والمذلَّة، ومع هذا كم وجدنا من باكٍ عليه كأنّه ما أذلَّه! واختلف الناس في أمره اختلافًا عجيبًا، مع وضوح طغيانه لكل ذي عينين، لكن الهوى يعمي ويصم، نسأل الله السلامة، والله يجزيه بما جازى أهل مصر.
وفيها هلك قائد حرس الفرس قاسم سليماني، المتقدم ذكره، وكان من شر الناس سيرة ومن أسوئهم سريرة، قد أذاق السنة من أهل الشام والعراق سوء العذاب، ولم نجد مسلمًا لم يفرح بهلاكه، حتى من الفرس أنفسهم، اللهم إلا شيعته، فالحمد لله على هلاكه.
وفيها نزل بأهل الصين مرضٌ عجيب، لم يسمع بمثيله، يقال له (الكورونا) حتى أصاب أكثر من مئة ألف في أقل من شهر، وقال أهل الطب أنه سيصيب أكثر أهل الأرض، حتى قيل: إنه سيصيب ثلاثة أرباعهم، ومات من جرّائه خلقٌ كثيرٌ، الله بهم عليم، ولم يدع ذلك المرض أرضًا من بلاد العرب والفرس والعجم إلا وحلَّ بها، وأصاب من أهلها ما أصاب، ومُنع الناس عن الحرم حتى لا يتفشى المرض فيهم، بل منعوا الرجل أن يسلم على أخيه، وأمه وبنيه، ومنعوا الزوج من تقبيل امرأته، والأم من تقبيل وليدها، حتى رأينا العجم تنتقب نساؤهم، كل ذلك مخافة المرض، وهذا والعام لم ينتصف وأهل الأرض في وله وهلع، وكأن الله أنزل سخطه بعباده ليذيقهم بما كسبت أيديهم ولعلهم يرجعون، وما ندري ما الله فاعلٌ بنا، ونسأله أن يعافينا ويعافي المسلمين ويحسن ختامنا أجمعين.
مستوحاة من قلم ابن الأثير في (كامله)
وابن كثير في (نهايته)
وسوم: العدد 868