عَود على بَدء : مكارمُ الأخلاق ، ونصيبُ العرب منها !
قال رسول الله : (إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق) ! فهل كان ، في الجاهلية ، شيء اسمه : مكارم أخلاق ؟ أجل ؛ ومن أهمّها :
برّ الوالدين : فقد اشتهر العرب به ! وثمّة أمثلة كثيرة عليه ، لدى مشركي قريش وغيرهم ! ولقد كان الآباء ، من مشركي قريش ، يضطهدون أبناءهم ، لاعتناقهم الإسلام ، فما تندّ عن أحد الأبناء ، إشارةُ معصية لوالده ، أو والدته ؛ وقد نزلت آيات قرآنية ، تحضّ على طاعة الوالدين ، فيما لا يخالف عقيدة الإسلام !
الكرَم : وممّن اشتهر به حاتم الطائي ! وهو من أهمّ مكارم الأخلاق ! وقد أطلق النبيّ سراح قبيلة طيّء، بشفاعة ابنة حاتم، لأن أباها كان يحبّ مكارم الأخلاق، كما ورد في السيرة النبوية!
نجدة الملهوف : وقد نشأ في مكّة ، قبل الإسلام ، حلف اسمه : حلف الفضول ، لنجدة أصحاب الحقوق ، وإنصافهم من آكلي حقوقهم ! وقد رُوي في السيرة النبوية ، أن النبيّ أشاد بهذا الحلف ، وقال : لو دُعيت إلى مثله في الإسلام ، لأجبت !
العفّة عن محارم الجار: قال عنترة بن شدّاد ، وهو شاعر جاهلي مشهور:
وأغضّ طرفي ، ما بدتْ لي جارتي حتى يُواري جارتي مأواها
المحافظة على عزّة الجار والمستجير: وقد ظهر ذلك ، جليّاً ، في صيانة نساء النعمان بن المنذر وسلاحه ، حين قتل كسرى النعمان ، وطلب نساءه وسلاحه ، فأجارت قبيلة بني شيبان النساء ، وامتنعت عن تسليم السلاح لكسرى ، فنشبت حرب ذي قار، التي انتصر فيها العرب على الفرس ، وهي أوّل حرب ، يحصل فيها مثل هذا النصر!
ذوبان النزعة الفردية الشديدة ، لدى الإنسان العربي ، في الروح القبلية الجماعية : فكان الفرد يحمل في أعماقه ، روح قبيلته ، وينصهر في هذه القبيلة ، برغم نزوعه إلى التميّز والتفرّد ، واستقلالية الرأي والقرار! فكأنه أمّة في فرد ؛ فهو يضحّي بنفسه، وما يملك ، لنصرة القبيلة ، ولكسب ثناء القبيلة ! وقد وَظفت الدولة الإسلامية، النبوية ثم الراشدية ، هذه الروح المميّزة ، في محاربة أعدائها ، وفي تحميل أبنائها ، أفراداً ، المهمّات الجسام ، فضلا عن مهمّاتهم ، في الإطار العامّ للدولة !
إزاء هذه الصفات النبيلة ، الآنف ذكرُها ، لا يسع العاقل ، إلاّ تَمثّل الآية الكريمة : (الله أعلمُ حيث يجعل رسالتَه) .
أمّا النقائص الفردية ، الموجودة لدى بعض بعض الأفراد ، كالنذالة والخيانة ، والعمالة للأجانب أعداء الأمّة ، والجُبن والشُحّ .. أمّا هذه النقائص ، فهي موجودة ، لدى الكثير من الأفراد ، في سائر الأمم ، ولا يحتجّ بها عاقل ، ليتّهم بها العرب ، بصفتهم أمّة !
وسوم: العدد 874