كلمات عربية ونظائرها في اللغات السامية...
د. محمد عقل
معنى تُخوم:
تُخوم مفردها تَخْم وتُخْم وتُخُم وتعني المعالم والحدود الفاصلة بين أرضين، يقال :" قطع مسافة كبيرة حتى وصل إلى تخوم الصين"، أي حتى وصل إلى حدود الصين، ويقال: "جعلتُ سِرّه على تخوم قلبي" كناية عن عدم إغفاله ونسيانه، و"فلان طيّب التخوم" أي طيب الأصول والأعراق، وتستعمل الكلمة اليوم للدلالة على المناطق الواقعة على جانبي الحدود السياسية بين دولتين؛ وكلمة تخم كلمة سامية قديمة بمعنى الحد الفاصل بين أرضين، ويقابلها في اللغة العبرية كلمة תחם التي اشتقت منها كلمات مثل: תחום, מתחם, תוחם, תחימה.
الفرق بين الصنم والوثن والزلمه:
كان الناس في الجاهلية يعبدون الأصنام والأوثان لتقربهم إلى الله زلفى، قال ابن سيده: الصنم يُنحت من خشب ويُصاغ من فضة ونحاس والجمع أصنام، وهو ما اتخذ إلهاً من دون الله، وقيل هو ما كان له جسم أو صورة، فإن لم يكن له جسم أو صورة فهو وثن. قال ابن عرفة: ما تخذوه من آلهة فكان غير صورة فهو وثن، فإذا كان له صورة فهو صنم: خشب أو حجر أو فضة يُنحت ويُعبد، والصنم: الصورة بلا جثة، ومن العرب من جعل الوثن المنصوب صنماً، وقد وردت كلمة (صيلم) في التوراة في سفر التكوين الأول:27: וַיִּבְרָא אֱלֹהִים אֶת הָאָדָם בְּצַלְמוֹ, בְּצֶלֶם אֱלֹהִים בָּרָא אֹתוֹ, بمعنى خلق الله آدم على صورته، على صورة الرب خلقه، ومنها دخلت صيلم إلى الآرامية فقالوا زَلْمَثا ( (zalmatha، بمعنى رجل له صفة آدم في الرجولة، وكلمة زلمه رائجة في سورية ولبنان وشرق الأردن وفلسطين.
معنى شانئ وأبتر:
شَنَأ- يَشْنَأُ فهو شانِئ بمعنى كره وأبغض بغضاً شديداً وتجنب، يُقال: "شَنَأ جارَه غيرةً منه": أبغضه مُكِنّاً له عداوة، وجاء في القرآن الكريم :" إنّ شانئكَ هو الأبتر"، بمعنى إن مبغضك هو الأبتر. وفي اللغة المحكية نقول: "شنت القطة أولادها"، أي تجنبتهم وتركتهم. وكلمة شنأ كلمة سامية قديمة بمعنى كره وأبغض، ويقابلها في العبرية الفعل שנא الذي اشتقت منه كلمات مثل: שנאה, שונא. أما كلمة بتر فتعني قَطَعَ، والأبتر المقطوع الذي ليس له بنون، وفي الآية الكريمة المقطوع من رحمة الله، ويقابلها في اللغة العبرية الفعل בתר الذي اشتقت منه كلمات مثل: בתר, בתרים, ביתור. وهذا يدل على أن الجذر(ب.ت.ر) موجود في اللغة السامية الأصلية(الأم) التي انبثقت منها اللغة العربية والعبرية.
معنى المرء والمرأة والمروءة
ورد في نقش نمارة المؤرخ في سنة 328 ميلادية، وهو كتابة على قبر امرئ القيس بن عمرو ملك الحيرة ما يلي:"تي نفس مر القيس.." أي : "هذه روح امرئ القيس" ما يدل على أن كلمة (امرئ) في اللغة العربية القديمة قد خلت من الهمز. كثر استخدام كلمة (مر) في التلمود للدلالة على شخص مهم وأحياناً للدلالة على كاتب التلمود نفسه، وهو لفظ يتضمن الاحترام وأحياناً المحبة، أما في اللغة الآرامية السريانية فإن كلمة (مار) تعني (سيد أو رب)، ومن نفس الجذر جاءت كلمة مار للدلالة على القديسين حيث يقال مار جرجس، مار بطرس؛ ومنه مريم أو ماريم: وهو اسم علم عبري، سرياني، شائع وموجود في العهدين القديم والحديث ويعني "السيدة" أو "سيدتي". وفي اللغة العربية المروءة هي كمال الرجولة والإنسانية ومجمل الصفات المثالية التي يتصف بها السيد من خلق جميل، وأدب رفيع، وحلم وأناة، ورجاحة عقل، ونخوة وشجاعة، وكرم وسخاء...إلخ من الصفات المحمودة التي امتاز بها العربي الأصيل أي المَرْء؛ وامرأة، أو مَرْأة أو مَرَة مشتقة من المروءة بمعنى السيدة الكاملة، وهناك من يلفظ الهمزة واواً في كلمة مُرُوءَة فتصبح بعد الإدغام مُروّة. وكلمة מרות في العبرية تعني السيادة أو السلطة.
الجذر السامي(ج- ن-ن)يفيد معنى الستر، فيقال في اللغة العربية:
جَنَّ الشيء: سَتَره، وجَنّه الليل ستره.
الجِنّ: نوع من العالم سموا بهذا الاسم لاستتارهم عن الأبصار، وهم الجِنّة.
الجنين: الولد في بطن أمه لاستتاره فيه.
الجَنن: القبر الذي يستر فيه الميت. الكفن الذي يغطى به جسد الميت.
الجَنَان: القلب لاستتاره في الصدر.
الجُنُون: استتار العقل وذهابه، ومنها المجنون.
المِجَن: الترس الذي يستتر وراءه المحارب، يقال قلب له ظهر المجن أي عاداه.
الجُنّة: ما واراك من السلاح واستترت به، السلاح الواقي، وفي الحديث: "الصوم جُنّة" أي يقي صاحبه مما يؤذيه من الشهوات.
الجُنة: غطاء تغطي به المرأة رأسها ووجهها.
الجَنّة: الحديقة ذات الشجر والنخل والعنب، وهي دار النعيم في الآخرة فكأنها سترة واحدة لشدة التفافها وإظلالها.
وقد أخذت اللغة العبرية الحديثة الجذر السامي" ג-נ-ן" واشتقت منه كلمات كثيرة مثل: גנן, גונן, מגננה, מגן ، بينما انحصر استعمال هذا الجذر في العربية في المعاني الموجودة في المعاجم القديمة، وانحسر فلم تتوالد منه معانٍ مستحدثة.