يومية سيدي حاج الشريف
معمر حبار
تعوّد صاحب الأسطر، أن يشتري كل مطلع السنة الهجرية ، يومية خاصة بذلك العام، لتتخذ وسيلة تربية، وتعليم، وتوجيه.
اشترى اليومية الخاصة بعام 1435 هجري، وحين احتاج لكتابة التاريخ في مقالته، طلب من الإبن الأكبر، أن يخبره بالتاريخ الهجري لذلك اليوم، لتكون الأسطر تأريخا لأسطر، وشاهدة على ذلك اليوم.
الابن أخبر الأب، بالتاريخ الميلادي فقط، لكن الأب طلب منه أن يتفقد اليومية التي اشتراها البارحة، إذ بالابن يجيب الأب، بصوت كله انكسار وحياء، إن اليومية التي اشتريتها، لايمكن استغلالها الآن، إلا بعد انتهاء العام الميلادي 2013، أي بعد انقضاء 03 أشهر من السنة الهجرية، لأنه لايمكن استغلال التاريخ الهجري، إلا بعد انقضاء السنة الميلادية السابقة، وابتداء السنة الميلادية الجديدة، ولايهم بعد ذلك في أيّ شهر هجري، تزامن مع أول يوم من السنة الميلادية الجديدة.
رفض الأب هذه المرة، أن يعلّق على الدواعي والأسباب التي أدت بتبعية التاريخ الهجري للتاريخ الميلادي في حياتنا اليومية. فقد أفرد لها مقالا بعنوان: "كيفية احترام الأشهر القمرية"، بتاريخ: الإثنين 17-23 محرم 1433 هجري الموافق لـ 12-18 ديسمبر 2011 م.
رأى الأب أنه من الضروري، أن يعود بالذاكرة، أربعة عقود إلى الوراء، ليعاود الجلوس مع شيخه وسيّده الإمام حاج الشريف، رحمة الله عليه، ورضي الله عنه وأرضاه، حين كان الشيخ هو الوحيد المشرف على اليومية. فقد كان ينزع الورقة الخاصة بذلك اليوم، ويعيد قراءتها على رواد المسجد بصوت مرتفع، ثم يبدأ في شرح مايتطلب شرحه، رغم أنها كانت بسيطة سهلة، فيزيدها وضوحا، بما أنعم الله عليه من سهولة الألفاظ، ونقاء الصدر، وحبّه لعمله.
وبعد مرور 4 عقود ، مازال الطفل، يمسك باليومية، ويعيد قراءتها على مسامع أبناءه، ويشرح مايجب شرحه، وربما استعان بأبناءه في شرح بعض المصطلحات العلمية الدقيقة، فهم أحسن منه في هذا الجانب.
إن اليومية وسيلة كغيرها من وسائل التقريب والتوجيه، لكن الوسيلة حين تُقرنُ بعشق التلميذ لشيخه، وحنينه للعقود الماضية، واستحضاره بشوق للطفولة، التي كانت الأرضية الخصبة للتربية والتعليم على يد من ربّاه وعلّمه، تصبح الوسيلة في هذه الحالة، تاريخا ينير الحاضر، ويدفع للمستقبل. ورحم الله سيدي الحاج الشريف، الذي غرس في الطفل، كيفية استخدام الوسيلة الحسنة، للغاية الأسمى والأحسن.