دور «أم بي سي مصر» في إفساد عمل الذباب الإلكتروني

ليس شراً كله، فيتحرك أحياناً فيبطل عمل الذباب الإلكتروني!

فبعد ساعات من انتشار صورة الجسر، أو الكوبري، الذي أضحك الثكالى، كان عمرو أديب، المذيع في القناة السعودية «أم بي سي مصر»، التي تبث من القاهرة، بدون ترخيص، يستضيف عبر الهاتف الجنرال المسؤول عن هذه العملية العسكرية الكبيرة، فأفسد الدفاع عبر هذا الذباب الذي يقوم على الإنكار، وأنها ليست صورة من مصر، أو أنها صورة قام الإخوان في الخارج بتزييفها، فكل ما يفضح أهل الحكم، ينكرون وجوده وينسبونه للإخوان في الخارج!

هذا أسبوع عمرو أديب، ولا ريب، فهو الحاضر الوحيد من الأبواق الإعلامية، وكانت بداية هذا الأسبوع عندما تصرف على أنه المتحدث الرسمي باسم مالك مصر، وعليه فقد استنكر ما كشفه العائدون من الخارج، من أن أماكن الحجز المخصصة لهم، هي صندوق زبالة، وقد وثقوا هذا بالصوت والصورة!

وكانت حملة الذباب الالكتروني تقوم أيضاً على الإنكار، فهذه صورة غير حقيقية، وقد روج لها الإخوان بهدف الإساءة لنظام الحكم، بيد أن عمرو أفسد عليهم خطتهم، واعترف أنها صورة حقيقية، وزاد على هذا أن من لا يعجبه الحجر في أماكن فيها صراصير، فليبق عنده، في إهانة للمصريين، وتصوير لمصر على أنها «عزبة»، مملوكة للمذكور، فما هو الوضع الدستوري له، ليتحدث على أنه مالك لمصر، أو ممثل للمالك؟!

لقد بدا هذا الصخب في المعالجة، يستهدف تجاوز أمرين: الأول، ما نشر كويتياً أن دولة الكويت تحملت فاتورة سفر المصريين العالقين لديها على طائرات مصر للطيران، وأنها دفعت مصاريف الحجر الصحي المقررة لهم في فندق خمس نجوم. والثاني هو صورة المصري المسحول، والمنسوبة عملية سحله للسلطة السعودية!

الأداء الإعلامي في ليلة إرسال أول طائرة كان يقوم على أن المهمة تتحملها الدولة المصرية، وهو ما أدهشني حقاً، لأن الكويت كانت قد عرضت في البداية أن تتولى هي ذلك بطائراتها، ورفضت القاهرة بحجة أنها غير مستعدة لاستقبال هذا العدد الضخم من العالقين؟!

وقلت ساخراً إن مصر للطيران سترسل «فواتير» عملية النقل إلى الحكومة الكويتية. وبعد سويعات من المهرجان الإعلامي، في برنامج أحمد موسى، وعبر المواقع الإلكترونية التابعة للنظام، عن أن مصر هي من تحملت تكلفة السفر، وهو ما فهم من تصريحات لرئيس الحكومة، كانت الفضيحة أن الكويت دفعت من حر مالها.

رئيس الحكومة، كان قد أعلن كذلك، أن الحكومة ملزمة في الحجر الصحي مجاناً في بيوت الشباب وفي المدن الجامعية، وأن من يريد أن يقضي فترة الحجر في الفنادق فعلى حسابه، قبل أن يُنشر كويتياً أن الكويت هي من تحملت ذلك أيضاً، فهل حصلت الحكومة المصرية على النفقات، وألقت بالمصريين في الحجر الصحي، الذي هو أقرب للسجن في قذارته، على النحو الذي شاهده العالم صوتاً وصورة؟!

قال الذباب

لقد اختفت الحكومة المصرية، كما اختفت الأبواق الإعلامية، فلم تعارض ما أذيع كويتياً، وإن تركت مهمة الانكار تقوم بها اللجان الإلكترونية، الأمر نفسه حدث في واقعة السحل، الذي لم تقم أي جهة رسمية، سواء في مصر أو في المملكة بتوضيح الأمر، وتم تركه ضمن المهام المكلف بها الذباب الإلكتروني!

في البداية قال الذباب إن الصورة لا تخص مواطنا مصرياً في السعودية، ولكن في الكويت عندما تمرد المصريون العالقون هناك، لكن تم الرد عليهم بفيديو مفحم، فهذا الشباب سبق له، أن أطلق بثاً مباشراً يدعو فيه المصريين العالقين في السعودية للتظاهر أمام السفارة المصرية هناك حتى تعيدهم الحكومة كما بدأت في إعادة المصريين العالقين في الكويت!

وواصل الذباب الإلكتروني الإنكار، وبعد ساعات كان عم الفتى يذيع بثاً مباشراً عبر منصات التواصل الاجتماعي، يعترف فيه أنه عم «حسام المسحول» في المملكة، كما أن صحيفة سعودية نشرت بالبنط العريض استدعاء النيابة للشاب صاحب الفيديو، هنا تغيرت خطة الدفاع، وبدأ الذباب الإلكتروني يشير إلى أن من قام بالسحل هو أمن السفارة أو القنصلية المصرية، وذلك للتخفيف من حدة المهانة التي جرت، فمنسوب الغضب سيقل إذا كان الفاعل مصرياً وليست الشرطة السعودية!

ولم تقم أي جهة إعلامية مصرية، أو أي مسؤول حكومي، بذكر شيء عن هذه الواقعة، فقد ترك الأمر برمته للذباب الإلكتروني، وإن حاول أديب أن يقفز على كل هذا بحديثه المهين عن المصريين، وتصرفه على أنه «خولي الجنينة»، المتصرف فيها في غيبة صاحبها، وقد أعلن أن المصريين الذين لا يعجبهم الحجر في أماكن فيها صراصير، فلا يأتوا إلى مصر.. هكذا!

بيد أن منصات التواصل الاجتماعي، نشرت فيديو لنجله العائد من لندن على نفقة الدولة المصرية، من مقر حجره في فندق «الميرديان»، وهو يشيد بمستوى الخدمة والاهتمام، ويعلن أنه لم يدفع شيئاً، وإذ قام برنامج «المسائية» في «الجزيرة مباشر» ببث هذا الفيديو، فقد تصرف عمرو أديب على أنها الحرب، فـ»الجزيرة» تسيء إلى ابنه، وعرض على الشاشة تبرعه لصندوق «تحيا مصر» بمبلغ ربع مليون جنيه عداً ونقداً، ثمناً لهذه الإقامة!

الإفلات من الضرائب

هذا المهرجان الذي نصبه، لم ينف أن ابنه جاء على حساب الدولة، وأن اقامته لمدة أسبوعين في فندق كان أيضاً على نفقة الدولة، وباعتراف ابنه نفسه، في حين أنه يخير الآخرين بين الإقامة، حيث تقيم الصراصير والحشرات، أو البقاء حيث هم، والفيديو الخاص بابنه، ليس مزوراً، سواء بثته القناة القطرية بشكل مباشر، أو نقلاً عن منصات التواصل!

أما تبرعه بهذا المبلغ فلا ينف الواقعة، وهي أن الحكومة التي سارعت لجلب ابنه من لندن، كما جلبت الفنانتين يسرا ولبلبة من بيروت على نفقتها، تركت المصريين البسطاء في دول الخليج للضياع!

تكلفة عملية الشحن والإقامة لنجل المذكور لا تتجاوز خمسين ألف جنيه، وكونه دفع خمسة أضعاف هذا الرقم لصندوق «تحيا مصر»، تبرعاً، فهذا الأمر يخصه، وبعض رجال الأعمال، الذين نعرفهم بالاسم يتبرعون لهذا الصندوق مقابل التهرب الضريبي، فهل دفع عمرو أديب الضرائب المقررة قانوناً على قيمة التعاقد الذي وقعه معه المندوب السامي السعودي في القاهرة تركي آل الشيخ للعمل في قناة «أم بي سي مصر»، التي تبين أنها تبث منها بدون ترخيص، وهو يخبط على كتفه، ويقول له لقد صرت أغلى إعلامي في الوطن العربي؟!

وإذا كان أديب يجد متعة في إبراز الوثائق التي تخصه، فلعل الوثيقة الأهم من تبرعه الكريم لصندوق «تحيا مصر»، هي الوثيقة التي تفيد فيها مصلحة الضرائب أنه سدد ما عليه قانونا لصالح الدولة!

لا بأس، فكما أفسد عمرو أديب على الذباب الالكتروني دفاعه في واقعة «الحجر غير الإنساني»، والذي يقوم على الإنكار، فقد أفسد عليه دفاعه في موضوع الكوبري الذي يلامس البنايات وشرفات المنازل باستضافة الجنرال المسؤول عن الهيئة التي قامت بانشائه، والذي مثل فضيحة أضحكت الثكالى ومثلت دعاية سلبية للعقلية العسكرية، ستضرر منها كثيراً، وكانت خطة دفاع الذباب الإلكتروني تقوم على الإنكار، وأنه صورة مزورة يقف خلفها الإخوان، تماماً مثل الفيديو الخاص بمقر حجر المصريين العائدين من الكويت!

وإن قال عمرو، إن الصورة نشرت في الخارج في البداية، فالجنرال اختزل الأمر في شرفة واحدة، وقال إن هناك مسافة تقدر بخمسين سنتيمترا بين الكوبري والشرفة، وقال غيره بل ثلاثين سنتيا، والصورة تكشف أنها ملاصقة لها، والأمر ليس مرتبطاً ببناية واحدة، ولكن في كل البنايات التي مر أو من المقرر أن يمر بجوارها هذا الكوبري، وفي حال إذا ما صدقنا الجنرال فهل هذه مسافة مناسبة؟!

لقد توالت الاعترافات، وكان أهم اعتراف أنتجته عقلية عسكرية متغطرسة، هو ما قاله وزير النقل (الجنرال) أيضاً والمسؤول السابق عن مشروعات الجيش كامل الوزير، من أن الكوبري لازم، ولن يُنظر لعمارة أو عمارتين!

وبعيداً عن عمرو، لقد تحول الكوبري إلى موضوع للتندر في العالم أجمع، ووصل ذلك إلى الصحافة الألمانية، ليرى الكون كله عبقرية العسكري في طبعته الجديدة!

وقريباً من عمرو، فقد كان عليه أن ينسق مع الذباب الإلكتروني حتى لا يفسد عليهم جهدهم!

لقد صاروا أضحوكة الأمم!

أرض- جو:

• كُتب اسم تامر مرسي، منتج اللحظة التاريخية، في عمل واحد، خمس مرات، وهو ما تمكنا من حصره، بقي أن ينشر اسمه على قصر الاتحادية، باعتباره المنتج الأوحد في دولة الحاكم الأوحد!

• بعد أن كان المسجد الحرام هو الخلفية في الآذان في القنوات التليفزيونية المصرية، صارت الخلفية من نصيب مسجد «الفتاح العليم»، في العاصمة الإدارية الجديدة، المسجد الأكبر في مسابقة أكبر مسجد وأكبر سور، وأكبر كنيسة، وفي كل القنوات المصرية على نحو كاشف بأن هناك تعميما صدر بذلك. وبالتالي لن يكون مدهشاً، لو تم الحج اليه بعد كورونا. ولا ننسى أنه في رمضان الماضي دخل القوم موسوعة غنيس في تنظيم أطول مائدة رحمن في العاصمة المذكورة، فكانت كورونا، حيث أغلقت المساجد، ومنعت الموائد!

وسوم: العدد 877