الوعي بين : الزيف ، والانحراف ، والتشوّه ، والخُمول !
مفهوم الوعي : جاء في مقاييس اللغة : الواو والعين والياء ، كلمة ، تدلّ على ضمّ شيء ! ووعَيت العلمَ ، أعيه وَعياً ! وأوعيتُ المَتاع في الوعاء ، أُوعيه ! وفي لسان العرب : الوعيُ حفظُ القلب الشيءَ ! وعَي الشيءَ والحديثَ ، يَعيه وعياً ! وأوعاه : حَفظه ، وفَهمه ، وقَبله ، فهو واعٍ ! وفلانٌ أوعى من فلان ، أيْ : أحفَظ وأفهَم ! وفي الحديث الشريف (نضّر الله امرأ سمَع مقالتي فوَعاها ؛ فرُبّ مبلَّغ أوعى من سامع !
فالوعي في اللغة : يدلّ على فهم الشيء ، وحفظه ، وفقهه ، والإحاطة به !
في علم النفس : يشير مصطلح الوعي ، أوّلاً : إلى حالة اليقظة العادية.. ويشير، ثانياً، إلى قدرة الإنسان المتميّزة الخاصّة ، على الشعور بذاته ، وتمايز ذاته ، عن الآخرين ، وعن الأشياء والكائنات الأُخرى !
أمّا علم الاجتماع : فقد شرع في التركيز، على أن الوعي : نتاج لتطوّر فيزيولوجي، لمُخّ الإنسان ، ولقدرة الإنسان ، على العمل وابتكار اللغة ! وأن الوعي ، بهذا الشكل، يصبح النتاج المباشر، لتفاعل المعرفة المكتسبة ، فردياً أو اجتماعياً ، مع الدماغ .. وبالتالي ، يصبح اللاوعي ، جزءاً من الوعي ، ويتبادلان ، في الوقت ذاته ، التأثير والتأثّر !
فالوعي - من ناحية عامّة – معرفة ، يكتسبها الفرد ، من مجتمعه ، ومن تفاعله معه! وتترسّخ هذه المعرفة ؛ بحيث تصبح مركوزة ، في اللاوعي ، أيْ : في العقل والشعور الباطن ، لدى الإنسان ! ثمّ هي معرفة ، قابلة للنموّ والتطوّر !
قال تعالى : (وتعيَها أذنٌ واعية ) . أيْ : حافظة ،عقلت عن الله ، ماسمعت !
والوعي أنواع كثيرة : صُنّف في كلّ منها مجلّدات ، وكُتبت فيه بحوث كثيرة ودرامات ! وحسبنا أن نذكربعضها ؛ فمنها : الوعي العامّ ، والوعي الفردي ، والوعي الجماعي ، والوعي السياسي ، والوعي التربوي ...!
وعلى ضوء ماتقدّم ، وعلى ضوء ما فعلته ، وسائل التواصل الحديثة ، ووسائل الإعلام الحديثة .. تُطرح أسئلة ، لا بدّ منها ، لمعرفة حقيقة الوعي السائد ، في أمّتنا:
هل الأمّة ، بعمومها ، اليوم ، أشدّ وعياً ، ممّا كانت عليه ، قبل نصف قرن ، مثلاً ، بعد أن فعلت وسائل الإعلام، المحلية والدولية، بعقولها ، مافعلت ،من: تشويه، وتزييف، وتحريف!؟
وما الذي يملكه ، أكثر المنادين : بضرورة الوعي ، وتصحيح الوعي ، وتنشيط الوعي .. ما الذي يملكه أكثر هؤلاء ، من الوعي العامّ والخاصّ ، والسياسي .. وغيرها !؟
بعد موت عبد الناصر، كتب توفيق الحكيم كتابه : عودة الوعي ! فهل يعني الحكيم مايقول ، من أنّ الوعي عاد ، إلى عقول المصريين .. أم جاء الكتاب ، لتسويغ صمت الحكيم ، عن جرائم عبد الناصر، وأجهزة استخباراته ، بعد أن ألجمَه الرعب ، عن مجرّد الإشارة ، في عهد عبد الناصر، إلى ماكان يفعله عبد الناصر، بالناس ؟
وسوم: العدد 881