في معاني الحديث عن خطر فارسي
يتحسس بعض الاخوة من أبناء القومية الفارسية من حديثنا، كعرب مسلمين، عن خطر فارسي. ويعترضون على كلامنا.
ويقولون إنكم بذلك تستعدون كل من ينتمي إلى القومية الفارسية من المسلمين السنة.
ويوجهون لنا نصائح عن ضرورة ترك الخطاب العنصري وأنه منتن، وأن لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى. وغير ذلك مما يصب في هذا الاتجاه.
ولأننا نرفض العنصرية ونرفض التمايز بين الناس على أساس العرق أو اللون، ونؤمن بيقين تام أننا كلنا لآدم وآدم من تراب، وأن لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، فإن حديثنا ينطلق من منطلقات لا علاقة لها بالعنصرية ولا بتفوق عرق على آخر، بل الأمر مختلف تماما.
إننا حينما نتحدث عن (خطر إيران الفارسية) لا نعني بذلك القومية الفارسية ولا أبناءها، أياً كان دينهم أو مذهبهم، والفرس على ديانات ومذاهب شتى، ففيهم المسلم والمسيحي واليهودي، وفيهم السني والشيعي، وفيهم الزرادشتي، .. الى آخر ذلك.
نحن نتكلم عن مشروع فارسي له دوافع شتى، ويهدد أمتنا العربية والاسلامية كلها، ويهدد حتى أبناء القومية الفارسية من غير أتباع هذا المشروع.
وأتباع ومناصرو وجنود هذا المشروع ليسوا من أبناء القومية الفارسية حصراً، ففيهم من قوميات أخرى (خامنئي أذري وبشار الأسد وحسن نصرالله ونوري المالكي عرب)، وليسوا كلهم مسلمو الديانة فبينهم من حملة ديانات أخرى، وليسوا كلهم شيعة، فبينهم سنة أيضاً، والأمثلة على ذلك كثيرة.
نحن نتكلم عن مشروع عنصري طائفي إرهابي توسعي ظهر على الوجود بأشكال شتى عبر التاريخ، فتارة بعمامة وتارة ببدلة عسكرية وتارة ببدلة وربطة عنق، وهكذا.
وقد يقول قائل لماذا لا تقولون إنه مشروع إيراني؟
ونجيب أن بين الساكنين فيما يسمى جغرافية إيران السياسية الحالية قوميات شتى وأديان شتى ومذاهب وطوائف شتى، وكثير منهم مضطهد من النظام الحاكم في طهران، بصرف النظر عن اسم هذا النظام وتوجهه السياسي، ونحن كعرب وكمسلمين لسنا في عداء مع كل من يعيش على هذه البقعة الجغرافية، ولا هم يعادوننا.
وقد يقول قائل لماذا لا تقولون إنه مشروع ولاية الفقيه؟
ونجيب إن ما تعرض له العرب والمسلمون من عداء ومخاطر ليس من نظام ولاية الفقيه فحسب، فهل كان شاه إيران، محمد رضا بهلوي، ينطلق في عدائه للعراق واحتلاله جزر الإمارات ومطالبته بالبحرين من مذهب ولاية الفقيه؟
وهل كان احتلال والده للأحواز نابعاً من إيمانه بولاية الفقيه؟
وهل كان عداء كسرى يزدجرد للإسلام منطلقاً من إيمانه بولاية الفقيه.
بل هل انطلق عداء الساسانيين ومعاركهم ضد عرب العراق قبل الاسلام من مذهب ولاية الفقيه؟
والأمثلة كثيرة عبر التاريخ.
ويتذرع بعض المعترضين بان هناك كثيرٌ ممن يتكلمون اللغة الفارسية في غير إيران، فلماذا تستعدونهم بكلامكم هذا؟
وجواباً على هذا نتساءل: ما علاقة استخدام هؤلاء للغة الفارسية بانتمائهم إلى القومية الفارسية؟!
وطبعاً نتساءل: ما علاقة استخدام هؤلاء للغة الفارسية بفضحنا للمشروع الفارسي والمخاطر التي يمثلها؟!
فالمؤكد أنه ليس كل من تكلم بلغة ما انتمى إلى القومية التي تمثلها، بل إن قول هؤلاء المعترضين يدلُّ على أن اللغة الفارسية ليست لغة قومية ولا هي محصورة بقومية معينة، فالكثير من أبناء القوميات والأعراق الأخرى يتكلمون بها.
من هنا فإن على الإخوة من المنتمين للقومية الفارسية ممن هم على المذهب السني أن يتفهموا منطلقاتنا ويدركوا حجم ما يصيب أمتنا، وهم منها، من هذا المشروع العنصري الطائفي الارهابي التوسعي.
إننا، كعرب، حين نتحدث عن أمة عربية لا نقصد بها أبناء ذوي العرق العربي دون غيرهم.
الحديث عن العروبة ليس حديثاً عنصرياً عرقياً، إنه حديث أشمل من العرق والعنصر، إنه الانتماء إلى مشروع الرسالة التي انطلق بها الرسول الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم، رحمة وهدى للعالمين، وإلى مشروع الدولة التي أقامها وأرساها من بعده الخلفاء الراشدون ومن سار على نهجهم، وهذه الرسالة وهذه الدولة هي التي جعلت من سلمان، وهو فارسي العرق، “منا آل البيت”، كما ورد في حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
الحديث عن العروبة ليس كالحديث عن قومية أخرى، فارتباط العروبة بالاسلام وارتباط الاسلام بالعروبة لا يشبه ارتباط أي دين بأي قومية، إنه أشمل وأعمَّ وأعمق وأغزر وأكثر معانٍ ودلالات.
إن اعتراض بعض الإخوة يعود إلى أسباب شتى، منها تقصيرنا، كعرب، في بيان هذه المعاني، ومنها جهل إخوتنا بهذه المعاني أو عدم فهمها جيداً، مما يحول دون رؤية بواعث قلق باقي القوميات في الأمة.
والتقصير يزول بمزيد من الجهد،
وعدم الفهم والجهل يزولان بمزيد من الوعي،
وحينما نؤمن أن العرب حملة رسالة الاسلام وأساس عماد الدولة الراشدة والأموية والعباسية والعثمانية والغزنوية وغيرها، الذين حملوا تسامح تلك الرسالة وعدالة تلك الدولة أينما حلّوا ووصلوا، وان لغتهم هي لغة القرآن الكريم.
وكل ذلك يزول حينما نفهم، جميعاً، أننا أمة واحدة تهددها مخاطر المشاريع الفارسية والصهيونية والغربية وهي مشاريع استعمارية تعادينا جميعا.
والله الموفق والمستعان
وسوم: العدد 882