الفلول تركوا دكة الاحتياطي

ياسر أبو الريش

قبل أربع سنوات قام الشعب المصري بثورة على نظام  فاسد سقاه من كأس الذل والهوان مالايتحمله انسان، نظام كانت يداه دائما في جيوب الشعب  يأخذ قوتهم ويسجن أولادهم  ويدوس على كرامتهم..اطاح الشباب بهذا النظام في يناير 2011..أو هكذا ظنوا.

وبعد الاطاحة برموز هذا النظام تولى المجلس العسكري ادارة شئون البلاد، وبعد مماطلة وتهرب قام بتحديد موعد الانتخابات البرلمانية بعد الضغط الشعبي والسياسي الذي قام به الثوار،  وتمت الانتخابات البرلمانية في ظل رقابة كبيرة من مؤسسات حقوقية  دولية واقليمية وأشادوا بنزاهة تلك الانتخابات التي فازت فيها أحزاب الاسلام السياسي حاصدة اكثر من ثلثي مقاعد مجلسي الشعب والشورى.

تلك الانتخابات قربت مصر من الاستقرار المأمول، ثم تلتها الانتخابات الرئاسية التي تنافس فيها 13مرشحا، سبعة منهم ترشحوا عن احزاب ممثلة في البرلمان، فيما ترشح ستة منهم كمستقلين، وقد فاز فيها ممثل حزب الحرية والعدالة، وبدأت سفينة الوطن ترسو على بر الاستقرار، وبدأت الدولة تتنفس الصعداء، لكن سرعان ما عكر صفو الحياة المظاهرات الفئوية والمفتعلة لدرجة ان بعض المفكرين قال أنه اذا اغضبت زوجة زوجها فإنه يخرج سريعا ليعتصم أمام احد المؤسسات الحيوية معترضا على زوجته.

وفي الوقت الذي كنا نأمل فيه ان تستقر البلد نسبيا كانت هناك بعض وسائل الاعلام تعلب دور المحرض على الرئيس المنتخب وعلى حزبه، وكانت تبث سمومها في اذان البسطاء، بينما بعض القنوات المؤيدة له كانت تدافع عنه باستماته لإظهار بعض الحقائق ولتوضح أن ما يحدث هو محاولة لهدم أول تجربة ديمقراطية مدنية في الوطن العربي.

تلك الحرب الاعلامية لم تكن من قبيل الصدفة أو  من منطلق النصح والتوجيه وإنما كانت لاضفاء الشرعية على أحداث مدبر لها جيدا، ولم يفطن إليها الكثيرون.

فثورة يناير كانت قد أطاحت فقط برأس النظام ولم تقترب من الدولة العميقة التي بقيت جذورها ضاربة في عمق جميع مؤسسات الدولة، والذين لبس معظمهم رداء العفة ليقوم بدوره أو ليبعد العيون عنه.

وبعد أن قامت تلك العصابة بتشتيت وحدة صف الشعب المصري، وتفرقته إلى شعبين كما رسمت عزلت الرئيس وحكومته وحزبه، واستولت على زمام الامور، وبدأ نظام مبارك يعيد ترتيب صفوفه ليعود بكامل طاقمه مع افراد الاحتياطي ايضا.

أربعة اعوام  مرت على ثورة يناير التي كان شعارها "عيش، حرية، عدالة اجتماعية" ومازال المواطن المصري ييحب عن شعار الثورة ولا يجده منه شئيا.

مازال المواطن المصري يموت على ابواب المستشفيات وتحت عجلات القطارات، ومازالت السجون تكتظ بالابرياء في حين يبني النظام القائم سجون جديدة.

مازال العلماء والخبراء والموهوبين يُدفنون وسط ركام الحياة، بينما المرتشين والفاسدين على كل الفضائيات يتشدقون.

ويبقى السؤال..في ظل تلك الظروف، إلى أين تسير مصر؟!