علي الطنطاوي وأيا صوفيا
مقال كتبه سنة ١٩٣٥:
وكان خادم أوتيل مكة المكرمة قد جاءني بأعداد مجلة الرسالة فأقبلت أصفحهافرابني منها خبر هائل تصدع لهوله قلوب المؤمنين حزنا وتندى له الجباه حياء وخجلا .
ذلك أن تلك الجمهورية (تركيا) لم يشف غيظ قلوبها كل ما صنعته بالاسلام فعمدت الى بيت من بيوت الله تقام به شعائر الله فجعلته بيتا للأصنام أماتت فيه التوحيد وأحيت فيه الشرك وطمست منه آي القرآن وأظهرت فيه الصور والأوثان ،
لم تضق بها الأرض حتى ما تجد مكانا لمتحفها هذا الا المسجد الجامع
ولكن النفوس الملحدة ضاقت بهذا المسجد وأحس أصحابها كأن هذه المآذن في عيونهم وكأن هذه القبة على ظهورهم فعطلت الصلاة في أيا صوفيا فلا تقام فيه صلاة بعد اليوم وسكت المؤذن ونأى عنها المؤمنون فلا يدخلونها الا مستعبرين باكين يندبون فيها مجد الاسلام وعظمة الخلافة،
وشعروا أن أيا صوفيا قد ختمت فيها صفحة الاسلام باسم أتاتورك كما فتحت باسم محمد الفاتح .
أيا صوفيا التي صيح في مآذنها ٨٧٢٣٥٠ مرةحي على الصلاة وبات فيها المسلمون ١٧٤٤٧٠ ليلة ولهم في جوفها دوي بالتسبيح والتهليل،
أيا صوفيا التي يشهد كل حجر فيها أنها بيت من بيوت الله وحصن من حصون التوحيد تعود للجبت والطاغوت ويخسرها الاسلام والشرق ليربحها الكفر والغرب !
لقد أريقت حول أيا صوفيا دماء ذكية وزهقت في سبيلها أرواح طاهرة من لدن معاوية الى عهد الفاتح الى عهد عبدالحميد أفراحت الدماء هدرا؟
وعادت بعد ٤٨٧ سنة وكأنما لم يذكر فيها الله ولم تقم فيها الأئمة.؟
ومن هم الأتراك لولا الإسلام ؟
على أي حسب يتكلون وبأي نسب يفخرون ؟
أبمجد رعاة البقر في تركستان
أم بمجد أرطغرل بك
وقد جاء من مشرق الشمس بدويا جافيا فقيرا لا يملك الا أعنة ركائبه وطنب خيامه يفترش الغبراء ويلتحف السماء فصار أحفاده بالاسلام سادة القارات الثلاث ؟
وان الاسلام ان لم يكن بالترك يكن بغيرهم
ولكن الترك إلا يكونوا بالاسلام لا يكونوا والله بغيره أبدا....
من كتاب الشيخ علي الطنطاوي (من نفحات الحرم) باختصار
وسوم: العدد887