لا يدافعون عن بشار الأسد ولا عن نظامه البائد فحسب !!!
إليكم هذا الفساد العلمي والتعليمي؛ وهو الأخطر:
في عام 2007 على وجه التقريب ، ومن خلال عملي في فرع الأمن السياسي بدمشق في الميسات، كنت حينها رئيساً لقسم الطلاب والمعلمين أي قطاع وزارتي التربية والتعليم العالي وما يتبع لهما وقبل نقلي عام 2008 إلى رئيس فرع المعلوماتية بالمزّة ، في ذلك التاريخ 2007 وردتني معلومات مفادها عن وجود الكثير من المحامين والقضاة وضباط الشرطة والجمارك وموظفين آخرين في الدولة قد تم تعيينهم أو انتسابهم لتلك المراكز بناءً على شهادات جامعية وتحديداً إجازات (بكالوريس) حقوق مُزوّرة.
بدأت بتدقيق الموضوع بكل هدوء وتروي و من خلال مصادر شريفة تخاف على العلم والتعليم في سوريا و إجراءات سريّة أخرى، وبعد فترة من الزمن توصلت إلى الشخص الذي يقوم بمعادلة هذه الشهادات المزورة من وزارة التعليم العالي بتواطئ من بعض موظفي الوزارة في مديرية التعادل لقاء مبالغ نقدية إبّان تولي المدعو غياث بركات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي …..
وبالفعل تم القاء القبض على ذلك الشخص الذي يقوم بعملية التعادل بصورة مخالفة للقوانين والأنظمة النافذة، وبالتحقيق معه اعترف بما نُسب إليه من قيامه بعملية تعادل تلك الشهادات عن طريق موظفي الوزارة لقاء المنافع المادية، كما اعترف على شبكة تزويرهذه الشهادات التي تبين أن مقرها في جبلة اللاذقية وإنني مضطر لأن أقول أن هذه الشبكة وأبطالها من جبلة ومن الطائفة العلوية … تم جلب بعض أفراد هذه الشبكة، ولكن البعض الآخر توارى عن الأنظار أو تم تهريبه عن الأنظار ، وبالتحقيق مع هؤلاء اعترفوا بما نسب إليهم وأفادوا بأنهم يقومون بتزوير شهادات حقوق على أنها صادرة عن الجامعة اللبنانية الفرع الثاني في بيروت عن طريق أجهزة فنية بالغة الدقة يصعب كشفها ، كما اعترف هؤلاء بأنهم يتقاضون من مليون إلى مليون ونصف المليون ليرة سورية آنذاك حسب الأسواق لقاء الشهادة الجامعية الواحدة ، كما تبين لنا من التحقيقات أن الحصول على هذه الشهادات المزورة يتم دون أن يلجأ طالبو هذه الشهادات لأي تسجيلات في الجامعة اللبنانية ودون دخولهم لقاعات الامتحانات في الجامعة اللبنانية أو حتى دون مغادرتهم سوريا أساساً ، وطبعاً كانت تتم عمليات التزوير دون علم ومعرفة و مشاركة أحد من الجامعة اللبنانية، إنما كان تتم عمليات التزوير بإسم الجامعة وخارجها.
يقوم الشخص الذي يراجع الوزارة للتعادل و الذي ألقي القبض علية بداية ، يقوم بمراجعة وزارة التعليم العالي مصطحباً معه الشهادات المزورة ويلتقي مع الموظفين في مديرية التعادل ويتناول معهم الإفطار اليومي ويتبادل معهم أطراف الحديث من هنا وهناك قبل قيامهم بتسهيل إجراءات التعادل بصورة مخالفة للقوانين والأنظمة و بالتالي تغاضيهم عن التدقيق بمصداقية هذه الشهادات وتجاهلهم بمراسلة الجامعة اللبنانية للتأكد من صحة هذه الشهادات كما هو مفترض ، وهذه الأفعال تتكرر بين الحين والآخر لقاء مبالغ نقدية، وكل ذلك كان يحصل على بعد أمتار من مكتب الوزير الفاشل غياث بركات الذي جَيّش حقده عليّ في كل مكان بسبب ذلك، وبما أن شهادات الحقوق الصادرة عن الجامعة اللبنانية الفرع الثاني لاتحتاج لتقديم مقررات امتحانية في سوريا لتعادلها؛ فإنها بعد هذه الإجراءات الوزارية تُصبح مُعادلة ، وبعد ذلك يتم تزويد صاحب الشهادة المزورة بكتاب رسمي موقع من الوزير يتضمن أن هذه الشهادة معادلة لشهادة الحقوق الصادرة عن الجامعات السورية وتخوّل صاحبها التقدم للوظائف بأنواعها دون أية عوائق … وبالفعل كان أصحاب هذه الشهادات ينتسبون لنقابات المحامين ويُقبلون ! ويتقدمون لمسابقات ضباط الشرطة وينجحون ! وكذلك سلك الجمارك، وغيرها من الوظائف !!! وكل هذه القبولات والنجاحات تحصل دون تقدمهم لأي مقررات امتحانية في كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية كما ذكرت، بل حتى دون معرفتهم بمكان الجامعة اللبنانية كما ذكرت أيضاً!!!
وأثناء التحقيقات واجهتُ صعوبات وتحديات كبيرة جداً كون المستفيدين من التزوير هم من أبناء المسؤولين الكبار ومنهم ضباط كبار وتحديداً للأسف كانوا جميعهم من الطائفة العلوية وأعدادهم هائلة، ومن هذه التحديات كانوا يرسلون لي رسائل هادئة وتسميعات تحمل التهديد المبطن وكانت تأتيني هذه الرسائل من خلال رؤوسائي في العمل وتحديداً من رئيس الفرع آنذاك إذ كان يقول لي على سبيل المثال يعرب دير بالك هدول عم يكركروا عليك يعني عم يحكوا عليك ، طبعاً أنا أفهم من ذلك أنهم يقصدون إخافتي وترعيبي وكانت تأتي هذه التهديدات من بعض ضباط القصر الجمهوري وخارجه كون حاملي هذه الشهادات المزورة هم من أبناء الضباط الكبار وكبار موظفي الدولة ، وبكل ثقة بالنفس وهم يعرفون وغيرهم ذلك، أقول لكم: لم يتمكن أحد كما هي العادة من طرق بابي للتوسط بهذه الموضوعات فكانت الأبواب مغلقة تجاه مثل هذه التدخلات، ولكنني قلت لرؤسائي إمّا أن أتابع التحقيقات أو أعتذر عنها نهائياً فأنا لن أكون شاهد زور و لم أكن كذلك طيلة خدمتي، الأمر الذي أحرجهم وأسكتهم، وكوني اعتبرت أن هذا الموضوع هو قضية خطيرة تهدد مستقبل البلد بأكمله فقد تابعت هذا الموضوع إلى نهايته بالرغم مما واجهته من صعوبات وتحديات كما ذكرت، وفي النهاية تم تقديم الموقوفين إلى القضاء أصولاً.
لن أُطيل كثيراً في التفاصيل ، ولكن بنتيجة التحقيقات تبين لنا أن حوالي (45) خمس وأربعون شخصاً استفادوا من عملية التزوير هذه وحصلوا على شهادات مزورة ومعدّلة من وزارة التعلم العالي وأن المؤكد كان أكثر من 90% منهم من الطائفة العلوية إذا لم يكن كلهم لا أذكر ذلك بالتحديد وكلهم يعملون في وظائف عالية في الدولة ومحامين وضباط شرطة وجمارك ….الخ بناءً على تلك الشهادات المزوّرة.
ولأهمية الموضوع وحساسيته ولعدم تحمل مسؤوليته من قبل رئاسة شعبة الأمن السياسي تم رفع الموضوع إلى بشار الأسد الذي أحاله بدوره وبشكل روتيني إلى رئاسة مجلس الوزراء دون أدنى إهتمام ، وبالفعل صدر قرارعن الفاشل ناجي العطري رئيس الوزراء آنذاك يتضمن إلغاء الشهادات المزورة وسحبها وإلغاء الوظائف المسندة للمذكورين واعتبارها باطلة ، إلا أن الغريب والعجيب في الأمر لم ينفذ هذا القرار إلى الآن !!!! وبقي كل شيء على حاله فالمحامي بقي محامياً وضابط الشرطة بقي ضابطاً والموظف بقي موظفاً وهكذا !!
ما رأيكم ؟ هؤلاء هم بعض بعض مُحامينا وبعض ضُباطنا وبعض موظفينا الكبار !!
وطبعاً هذا غيض من فيض ومنه الكثير الكثير…
وبالتالي هذه هي دولة الأسد باني سوريا الحديثة : دولة البعث ، دولة الإصلاح ، دولة البناء والتطوير ، دولة الممانعة والمقاومة !!
أرأيتم لماذا يدافعون وعما يدافعون؟
كما نقول لمن لم يُدرك أو يُصدّق بعد نقول له بكل شجاعة وإصرار: مايحصل في سوريا هو ثورة شعب بامتياز .
ونعيد السؤال مرات ومرات لمن لم يسمع : أتدرون لماذا قامت الثورة السورية العظيمة ؟
بعض الإجابات نجدها فيما سبق!!!
وسوم: العدد 888