العقل بين الفكر الفلسفي والفكر الديني
عمر حيمري
لم أعرف مفهوما ، أكثر شيوعا وانتشارا بين الناس ، كبيرهم وصغيرهم ، جاهلهم وعالمهم كمفهوم العقل ، باستثناء مفهوم الإيمان . ولم أر للعقل صورة في أذهان العلماء ، أوضح من صورته في أذهان العوام .
فما هو العقل ؟ وما هي طبيعته ؟ هل هو مادة ؟ وإذا كان كذلك فما هو نوعها ؟ هل هي مادة طبيعية فيزيائية من نفس طبيعة المادة التي تتكون منها أجسادنا ، يمكن إخضاعها للحس والتجربة لتحديد ماهيتها ومن ثم التوصل إلى معرفتها ؟ أم هي مادة نعلم آثارها ونجهل كليا طبيعتها وكنهها كالطاقة الكهربائية والقوة المغناطيسية مثلا ؟ هل هو روح مستقلة تسير الجسم من الخارج وتهيمن عليه ؟ أم روح تابعة للجسد ولما يتم فيه من حركات بيولوجية وتفاعلات كيماوية وهرمونية ؟ وهل العقل ثابت أم متطور ؟ هل هو فطري ، غريزي ، أم مكتسب ؟ وهل يستمد قوته المعرفية ومبادئه الأساسية من ذاته ؟ أم من الجسد ؟ أم من قوة غيبية خارجة عنه وعن الجسد ؟ وهل له حدود مرسومة لا يستطيع تجاوزها ؟ أم لا حدود لقدراته المعرفية ، حتى ولو تعلق الأمر بالمجال الغيبي ؟ وهل العقل واحد تشترك فيه جميع الأجساد ؟ أم هو متعدد ؟ وبتعبير آخر هل لكل ذات بشرية عقلا خاصا بها ؟ أم جميع الذوات مشتركة في عقل واحد ؟ وهل هو خاص بالإنسان دون غيره من الكائنات الحية والكائنات الغيبية ؟ وفوق هذا كله فهل يمكن للعقل أن يكون عارفا وموضوعا للمعرفة في نفس الوقت ؟ أي هل يمكن للعقل أن يعرف نفسه بنفسه ؟ خصوصا وأن كلود برنار ينفي إمكانية حصول مثل هذه المعرفة ، إذ يرى أن العين لا ترى نفسها .
لقد حير أمر العقل المفكرين والفلاسفة ودعاهم إلى الوقوف منه مواقف متباينة. فمنهم من أقصاه وسلم بالحدس كأداة للمعرفة كبرجسون ، والإمام الغزالي الذي هاجم العقل وحمل على الفلسفة والفلاسفة واعتبر أن كل من تمنطق تزندق ، وإن كان في الواقع هو نفسه اشتغل بالعقل في رده على الفلاسفة في كتابه تهافت الفلاسفة .
و سجمند فرويد يرى أن العقل ما هو إلا جزء يسير انفصل عن اللاشعور ...وقد قسمه إلى قسمين :
(1) العقل الواعي ويشمل كل العلوم والمعارف التي نتذكرها ونستحضرها متى نشاء .
(2) العقل اللاواعي ويشمل الماضي من أفكارنا ومشاعرنا التي نكبتها ولا نرغب في تذكرها ، لأنها تسبب لنا الألم والقلق وقد يتم التعبير عنها لا شعوريا عن طريق الأحلام وفلتات اللسان والتعويض والتقمص والهستيريا ...
أما عند فلاسفة اليونان فالعقل أو اللغوس إما كوني محايث للطبيعة ومصاحب لها ، ينظمها ويسيرها من الداخل كما هو الشأن بالنسبة للروح مع الجسد . ( فلسفة هيراقليطس ) أو هو نوس مفارق للطبيعة ، غير مندمج معها ، ويحكمها ويتحكم فيها من بعيد . (فلسفة أباكساغوراس ) .
وفي الفلسفة الإسلامية ، نجد الفارابي يقسم العقل إلى أربعة عقول : هي العقل بالقوة أو الهيولاني والعقل بالفعل والعقل المستفاد والعقل الفعال ( العقل بالقوة هو نفس ما ، أو قوة من قوى النفس ) . والعقل بالفعل هو نفس العقل السابق وقد اتحد بالصور العقلية، التي كانت موجودة بالقوة في الأشياء الخارجية ( العقل بالقوة الخالي من صور الموجودات هو النفس، فإذا حصلت في الموجودات صار عقلا بالفعل. العقل الثالث هوا لعقل المستفاد أو العقل المكتسب وهو نفسه العقل بالفعل عندما يدرك الصور العقلية.هذه العقول الثلاثة التي سبق وصفها ما هي سوى مراتب متتابعة.إن العقل الفعال هو شيء خارج عن النفس الإنسانية وهو نوع من العقل المستفاد (1) .
كما أن ابن سينا وافق الفارابي في رأيه في تدرج الوظائف العقلية في النفس وقال مثله، إن كل عقل منها مادة للعقل الذي يليه، وصورة للذي يأتي قبله وعلى هذا فرق بين أربع قوى لكل منها عقل يقابلها (2)
والغزالي بدوره قلد ابن سينا إذ فرق بين أربع قوى نفسية ، تقابل كل قوة منها عقلا خاصا ، ومعنى ذلك أن للقوى العقلية مدارج ومراتب وأن لكل مرتبة منها اسما يحددها (3) .
وابن ماجة يفرق هو الآخر بين أربعة عقول هي : العقل الهيولاني - العقل بالفعل - العقل المستفاد - العقل الفعال ، وكان يرى كالفارابي أن لكل عقل من هذه العقول وظيفة مزدوجة : فهو مادة من جهة وصورة من جهة أخرى ، أي مادة للعقل الذي يليه ، وصورة للعقل الذي يسبقه (4) .
إلا أن ابن رشد فرق بين عقول ثلاثة : العقل المادي – العقل بالفعل – العقل الفعال وكل هذه العقول توجد داخل النفس فهي إذن ثلاثة مظاهر نفسية ، ينشأ الأولان منها بسبب اتحاد البدن مع النفس ، أما الثالث ، فإنه دليل على استقلال ذلك الجوهر البسيط على الرغم من اتصاله بالبدن (5) . يرى ابن رشد كذلك ، أن العقل المادي والعقل الفعال ليسا في واقع الأمر سوى شيئا واحدا هو النفس الإنسانية . فإذا هي اتصلت بالبدن، كان لها فعلان، أحدهما خاص بانتزاع المعاني وتجريدها والآخر خاص بالاستعداد لقبولها (6)
أما مع الفلسفة الحديثة ، فالعقل أصبح أداة للمعرفة ونورا للطبيعة ، به تتم السيطرة على العالم بما فيه الإنسان وهو الأداة الوحيدة للمعرفة اليقينية الموثوق بها ، فهو ذكاء وفطنة ، منهج وتقنية ، موهبة فطرية يتساوى فيها كل الناس ، إنه أعدل قسمة إلهية بين البشر حسب ديكارت . أسسه وقوانينه كلها فطرية وهي كما حددها رونيه ديكارت: مبدأ الذاتية ، مبدأ عدم التناقض ، مبدأ الثالث المرفوع ، إلى جانب مبدأ السبب الكافي الذي أضافه لايبنيتز . منهجه يقوم على الشك والتحليل والتركيب ثم المراجعة . يرى ديكارت أن احترام هذه القواعد وهذا المنهج بصرامة ودقة يجعل المعرفة يقينية ولا حدود لها باعتبار أن العقل لا حدود له .
إلا أن التجريبيين رفضوا التسليم بالأفكار الفطرية والمبادئ الأولية القبلية البديهية ، التي نادى بها ديكارت . لأن العقل بالنسبة إليهم صفحة بيضاء، لم يسبق أن عرفت نقشا قبل نقش التجربة، سواء كانت هذه التجربة مباشرة أو غير مباشرة، داخلية نفسية أم حسية خارجية. يقول جون لوك : [ ليس في العقل شيء إلا وقد سبق وجوده في الحس ] . فالعقل إذن في منظور التجريبيين مكتسب، ينمو ويتطور بتطور ثقافة المجتمع، وله علاقة بالزمان والمكان .
الواقع أن العقل عند التجريبيين والحسيين، يكون عاجزا عن إدراك ما لا تدركه الحواس، فهو محدود بحدود الواقع الحسي والتجربة الحسية.
أمام هذه النظرة الأحادية الجانب للعقلانيين وعلى رأسهم ديكارت والتجريبيين بقيادة جون لوك . لم يجد إمانويل كانط بدا من محاولة التوفيق بين الفريقين ، فذهب إلى أن العقل فطري ومكتسب في نفس الوقت . به مبادئ أولية قبلية سابقة على التجربة كمفهوم الزمان والمكان والعلية ... وهي ضرورية لإدراك كل تجربة حسية . إلا أنها تبقى مجرد قوالب فارغة لا قيمة لها إذا لم تملأها الحدوس الحسية التجريبية . فالمعرفة إذن عند كانط تتوقف على العقل والحس معا . يقول كانط : [ الأطر العقلية بدون حدوس حسية جوفاء ، والحدوس الحسية بدون أطر عقلية عمياء ].
لقد ميز كانط بين العقل المرتبط بالتجربة الحسية والذي يسميه بالفهم ، وبين العقل الذي يتجاوز حدود التجربة الحسية ، فيصبح عقلا جدليا همه الأول البحث في المجال الميتافيزيقي الغيبي ، وهو مجال خاص بالإيمان ، نملك حق التفكير فيه ، دون الادعاء بمعرفته معرفة علمية ، لأن العقل محدود بحدود التجربة والأخلاق والعلم والعمل . يرى كانط ، أن ما يمكن معرفته هو الفينومينات ( الظواهر ) ، أما النومينات ( الشيء في ذاته أو باطن الشيء أو كنه الشيئ وجوهره ) فهي متعالية عن المعرفة ولا سبيل لنا إلى معرفتها ، لأننا لا نملك عنها أي معرفة حسية ، وإن كنا نملك عنها فكرة ما .
إن العقل في نظر كانط ، بإمكانه أن يعرف ، إلا أن معرفته محدودة ، لأنه غير مؤهل لمعرفة المجال الغيبي كالبعث ، الروح ، مصير الإنسان ، مسألة قدم العالم وحدوثه والجنة والنار والله وصفاته ... لأنه وهو يبحث في مثل هذه المواضيع يسقط في التناقضات والمغالطات . الشيء الذي يؤدي به إلى التيه ، وإن كان في آخر أيامه حاول أن يثبت عن طريق الأخلاق أن العقل قادر على البحث في المجال الميتافيزيقي وأن يصل إلى معرفة الله و النفس...
أما مع هيجل ، فالعقل أصبح يقبل التناقضات ، إذ يؤمن بالقضية ونقيضها في نفس الوقت (منطق التناقض ) . فالتناقضات هي المحرك الأساسي لنشاط العقل والعامل المساعد على تطوره وتغييره المستمر ، فعبر مراحل الدياليكتيك الثلاثة : الأطروحة أو القضية ، النقيض أو النفي ، التركيب أو نفي النفي ، يحقق العقل المطلق ذاته ووجوده وينتفي التناقض بين الظاهر والباطن ، فيصبح كل ما هو عقلي واقعي وكل ما هو واقعي عقلي .
أما نتشه ، فيرى أن العقل خطر، لأنه يدعي معرفة كل شيء ، وهو صنم الفلاسفة الأكبر وبذرة الفناء ، التي يحملها النوع البشري في ذاته . يقول نيتشه : [ لو كانت الإنسانية قد سارت حقا على مقتضى العقل ، أعني على أساس أفكارها وعملها إذن لكان قد قضى عليها منذ زمن طويل . ]
أما في الفكر الصوفي ، فالعقل هو مجرد آلة أو وسيلة للإدراك والتمييز بين الأشياء وقد يكون العقل والنفس والروح شيئا واحدا ، باعتبار مفارقتهم للمادة وتعاليهم عليها وباعتبار الهدف المشترك بينهم هو تسيير الإنسان .
إن هدف المتصوف الأساسي ، هو معرفة الذات الإلهية والاتحاد معها وهذا لا يكون بالعقل أو النقل ، بل بالحدس أو الذوق أو ما يسميه بالكشف . إن المتصوف يشكك في مقدرة العقل على معرفة الذات الإلهية ولا يعترف بشواهد النقل وإن كان في واقع الأمر يستخدم العقل ويستشهد بالنقل . إن الرفض ، هنا ناتج عن إيمان المتصوف بعدم قدرة كل من العقل والنقل على الوصول إلى كنه الحقيقة ، وبمحدودية المجال المعرفي للعقل وحداثة النقل وهذا يمثل جوهر الاختلاف بين المتصوف و الفقيه ، لأن العقل والنقل يضيعان على المتصوف علم الباطن ، وإن كانا يمكنانه من علم الظاهر الخارج عن اهتماماته ، وانطلاقا من هذا التصور ذم المتصوف الشاذلي المصري علي وفاء الفقيه ، لأخذه بالعقل والنقل فقال : ( أيها الفقيه ، إنك بالمعقول غافل عن الحقيقة ، ولا تنجو من المعنى الظاهر للمنقول )
إن المتصوف ، إذ أغفل العقل والتجربة الحسية وتجاوز الشريعة ، أخذ بالذوق أو المعرفة القلبية المباشرة واعتبر نفسه من الراسخين في العلم الذين يجوز لهم وحدهم تأويل وتفسير الآيات المتشابهات في القرآن الكريم [ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تاويله وما يعلم تاويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا و ما يذكر إلا أولوا الألباب ... ] ( سورة آل عمران آية 7 ) إن الفيض الإلهي يستغرق كيان الصوفي ويلغي عقله وجميع جوارحه ويدخله في شطحات وسكر وغليان شديد ( هيستيريا ) يبعده عن الواقع ويربطه بالخيال واللامعقول كمعرفة الغيب والاتحاد بالله سبحانه وتعالى . يقول صاحب نظرية الحلول الحلاج " سبحاني ، سبحاني ، ما أعظم شأني " ما في الجبة إلا الله "
" أنا من أهوى ومن أهوى أنا \ نحن روحان حللنا بدنا " .
" فإذا أبصرتني أبصرته \ وإذا أبصرته أبصرتنا "
أما عند سلفنا وفقهائنا ، فالعقل عقلان :
غريزي فطري ويقصد به القدرة على الفهم والإدراك والاستنباط والاستقراء والقياس ... . وهو ملكة فطرية مكانها ومحلها القلب لقوله تعالى [ أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنه لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ] ( الحج آية 46 ) . وهو العقل الحقيقي الذي يتعلق به التكليف ، فمن لا عقل له لا يكلف ، أو يكلف بقدر مقدراته العقلية وبه يتميز الإنسان عن الحيوان بحسب الماوردي ، وعقل مكتسب وهو نتيجة وفرع للعقل الغريزي ينمو بالاستعمال والتنشيط وينقص بالإهمال والترك وهو أداة ضرورية للمعرفة ، فإذا تعارض مع والنقل بدا الاختلاف حول لمن تكون الأسبقية هل للعقل أم للنقل ؟
هذه آراء ومواقف بعض الفلاسفة الغربيين والإسلاميين من العقل ، وهي كما تبدوا جد متعارضة ومتناقضة ، متغيرة لا تثبت على حال ، غير واضحة ، لا تقبلها الذات ، إلا وهي متشككة ، لأن العقل يبقى سرا ربانيا لا تحيط به التعارف ولا تستطيع ، شأنه شأن الروح ، وقد يكون مجرد إفرازات كيماوية هرمونية يفرزها الجسم أو نشاط للروح تقوم به لتسيير الجسد وتدبير أمره وتوجيهه وجهة الشر أو الخير مصداقا لقوله تعالى : [ إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ] ( سورة الإنسان آية 3) .
إذا كان هناك اختلاف حول محل ومكان العقل عند المسلمين وعند غيرهم، هل هو القلب أم الدماغ ؟ أم هما معا ؟ ومهما كان حجم هذا الاختلاف، فهناك شبه إجماع على أن العقل ليس عضوا ماديا، بل هو نور ونفخة ربانية فطرية تتحول في الوقت المناسب إلى قوة إدراك وتمييز واستنباط...أي إلى وظيفة وفعل أو عمل نسبي ومتغير، سلبي أو إيجابي .
إن الإنسان يوصف بالعاقل في حالة صدور الفعل الإيجابي والخير عنه وتنتفي عنه هذه الصفة بمجرد العمل بالشر وبما نهى الله سبحانه وتعالى عنه . بدليل قوله تعالى [ وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزؤا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ] (المائدة آية 58 ) وقوله :[ وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ] ( الملك آية 10 ) .
أرى أن العقل سر إلهي، عجيب أمره، نعرف آثاره ونجهل كنهه. فهو ملكة للمعرفة، وموضوع لها، جوهر وعرض، يغيب ويحضر، يختفي ويظهر، يرتبط أحيانا بالقلب والعاطفة وينصاع له و يتشبث أحيانا أخرى بالمنطق والحق ، أو بالباطل والظلم ، يقبل مرة التناقض في الفكر والقول والفعل ، وأخرى يجعل له عدم التناقض مبدأ أساسيا وقانونا يميز به بين الصدق والكذب والحق والباطل والظلم والعدل ... كثيرا ما يختبئ وراء اللاشعور أو ما يسمى بالعقل الباطن ويحجبه اللاوعي ، يلغي دوره الإيجابي أي تلوث مسكر حاصل عن الخمر أو عن غيره من المخدرات وتبقى مسؤوليته الدينية والأخلاقية والقانونية أمام الله والمجتمع ...
.(1) الدكتور محمود قاسم \ في النفس والعقل لفلاسفة الإغريق والإسلام \ الطبعة الثالثة مكتبة الأنجلو المصرية \ص 205\206\207.) المرجع السابق \ص 211
(2) المرجع السابق ص 218
(3) المرجع السابق ص 227
(4)المرجع السابق \ص 241
(5)المرجع السابق ص245
(6) المرجع السابق