ثَقَافَةُ النَّمْلِ .. وَ ثَقَافَةُ النَّحْلِ
مِنْ خصائصِ الأُمَمِ الطمُوحَةِ.. أنَّها تَتحولُ بِأجْيَالِها مِنْ ثَقَافَةِ الاسْتِهلَاكِ إلى ثَقَافَةِ الإنْتَاجِ.. ومِنْ ثَقَافَةِ الاكتِفَاءِ إلى ثَقَافَةِ الابْتِكَارِ.. وبِاخْتِصَارٍ مِنْ ثَقَاَفةِ النَّمْلِ إلى ثَقَافَةِ النَّحْلِ.. النَّمْلُ: يَجْمَعُ مَا هَبَّ ودَبًّ لِيَكْفِي ذَاتَه الفَقْرَ والعَوْزَ والاسْتِجْدَاءَ. والنَّحْلُ: يَجْمَعُ كُلَّ طَيِّبٍ وَزِكِيٍّ لِيُحَرِّرَ ذَاتَه وإرَادَتَه مِنْ الارْتِهَانِ لِإرَادَةِ الآخَرِ.. أجَلْ الأُمَةُ الطَمُوحَةُ: تَرْتَقِي بِثَقَافَةِ أجْيَالِها وتُؤْهلُهُم بِالعُلُومِ وشَتَّى فُنُونِ المَعْرِفَةِ والتَقَنِيَّةِ والإبْدَاع.. لِيَرْتَقُوا بِها وَيُعْلُوا صُرَوحَ بُنْيَانِها.. لِتَكُونَ أُمَةً قَويَّةً كَفُؤةً مُهَابَةً فَاعِلَةً في بِنَاءِ مَسِيرَةٍ إنْسَانِيَّةٍ خَيِّرَةٍ آمِنَةٍ.. ولِتُوفِرَ لِأجْيَالِها مَا يُؤهِلُهُم لِمُواجَهةِ المُسْتَجِدَاتِ والتَحَدْيَاتِ.. ولِتَمُدَ الآخَرَ بِمَا يَنْفَعهُ ويُصْلِحُ حَالَه.. عَمَلاً بِقَاعِدَةِ الهديِّ النَبويِّ صلى الله عليه وسلم: "المؤمنُ يُحبُ لأخيهِ ما يُحِبُ لِنفسِهِ". والأُخُوةُ في الحَدِيثِ تَشْمَلُ الأخُوةَ الإنْسَانِيَّةَ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ لِقَوْلِ رَسُولِنَا محمد صلى الله عليه وسلم::"خَيْرُ النَّاسِ مَنْ نَفَعَ النَّاسِ". فَخَيّرِيَّةُ الأُمَمِ تَكُونُ مَعَ تَشّجِيعِ الفَضَائِلِ, وَدَحْرِ الرَذَائِلِ لِقَولِه تَعالى:" كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بالمَعْروفِ وتَنْهَوْنَ عَنِ المنْكَرِ وتُؤْمِنونَ باللهِ". فَالأزمةُ الحضَارِيَّةُ البَشَرِيَّةُ الرَاهِنَةُ بِحَاجَةٍ شَدِيِدَةٍ لِثَقَافَةِ الأمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَهيِّ عَنْ المُنْكَرِ.. فَهِي أزْمَةُ قِيِمٍ وأفَكَارٍ وأخْلَاقٍ.. فَبِنَاءُ المَفَاهِيمِ والسُلُوكيِاتِ.. يَقُودُ المُجْتَمَعَاتِ إلى بِنَاءِ المَادِيَّاتِ والمَهَارَاتِ.. ورَحِمَ اللهُ مَنْ قَالَ: "وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَت....فَإِنْ هُمْوا ذَهَبَتْ أَخْلَاقُهُمْ ذَهَبُوا". وجاء في الأثر المشهور:" المُؤمنُ الكيِّسُ مَنْ عَرفَ زَمانَهُ واستقامت طَريقتُه"
وسوم: العدد 890