جراحُ السياسة : بعضّها يَجمع .. وبعضُها يفرّق !
قال الشاعر: بُورك الجُرحُ الذي ضَمّ على شَملهِ ، أشتاتَ شَعبٍ مُغضَبِ !
هذه سياسة العقلاء !
قال تعالى : (كلّ حزبٍ بِما لدَيهم فرحون) ، وهذه سياسة الحمقى، التي يَنظر كلّ فرد فيها ، وكلّ حزب ، إلى الأخرين ، بمنظار الحقد والثأر والخوف .. قائلاً ، في نفسه ، ولمَن حوله : هذا الفريقُ ، جرحني ذات يوم.. وهذا فيه فلان ، الذي لاأحبّه.. وذاك يقوده فلان ، الذي لا أثق به !
فما الذي يَجمع الناس ويفرّقهم ؟ أهي السياسات ، التي تُحسب بطرائق مختلفة ؟ أم هي العقول ، التي تَضع للسياسات ، طرائق نافعة للحساب ، تَجمع ولا تفرّق ؟
سياسات : الأنانية ، والمصالح الضيّقة ، والحسابات المرتجَلة .. تفرّق الناس ، وتدفع كلّ فئة منهم ، إلى التقوقع ، والانحباس داخل صناديق ، او اقفاص ، لايرون العالم، إلا ّمن خلالها ، بعدسات ضيّقة ، لايَرى منها أصحابُها ، إلاّ أنفسَهم ، ومَن يواليهم، ويؤيّدهم ، ويصفّق لهم !
والسياسات الجادّة ، الرشيدة العميقة ، ذات العدسات الواسعة ، التي يرى المرءُ منها العالم ، ومكانَه في العالم ، وحجم ممصلحته فيه ، وحجم القوّة التي يحقّق بها مصلحته العاجلة ، ويستشرف مصالحه الآجلة .. هذه هي السياسات ، التي تَصنع أمماً ، عَبرَ أحزاب ، أو قبائل ، أو تحالفات ..!
وهذه السياسة تحتاج إلى عقول ، كعقل ذلك ، الذي قال عنه الشاعر:
الألمَعيُّ ، الذي يَظنّ بك الظَنّ ؛ كأنْ قد رأى وقد سَمِعا !
وهذه تحتاج رجالاً ، كالرجال الذين قال عنهم الشاعر:
لايَصلح الناسُ فوضى ، لاسراةَ لهمْ ولا سَراةَ ، إذا جُهّالهمْ سادُوا
تُهدى الأمورُ بأهلِ الرأي ، ماصَلَحتْ فإنْ تولّتْ ، فبالأشرارِ تَنقادُ !
وسوم: العدد 890