دعوة تذوق الشعر
الشعر بصوت الشاعر* وروحه ! وبعفوية لو انفقت الملايين على اخراج المشهد مع امهر المخرجين ما استطعت إلى ذلك سبيلا ! الفيلم ( المشهد من دقيقتين و 20 ثانية ) في غرفة مستشفى يظهر شاعر(*) فاقد للذاكرة تماما لا يعلم ما يدور حوله ! امامه ضيوف اربع نرتبهم حسب ظهورهم في المقطع (أ-ب-ج-د) :
يرفع الستار على الشاعر الشاحب الباهت *وامامه شخص في سنه تقريبا (أ) يحاول"مجرد محاولة يائسة " استفزازه " او تحريك مشاعره وشجونه بقوله :
أ: قف شامخا مثل المآذن. ! يتفاجأ برد ويدخلنا معه في تلك الدهشة ! " تفهم ان الذي امامك لم ينطق منذ مدة طويلة جدا ، ولم تنطقه الا هذه الكلمات وهو لم يرددها هي هي بل اكمل الشطر ! فقال:
* : طولا ..فيضيف صاحبنا
أ : وابعث ( ولا يزيد فكأنما كان يائسا ) لكن الجواب كان بأمل جديد فتكرر الكلمة وبنطق شطر
*: وابعث رصاصك وابلا سجيلا
أ: مزق ( مازال الشك )
*: مزق به زمر الطغاة أذقهم طعم المنون على يدي جبريلا
- وهنا يرفع الستار على مشهد جديد ومفاجأ للجميع ويبدأ المتلقي يعرف بشخصيات المشهد " النجمة * شاعر مكلوم فاقد للذاكرة تماما ولم يتحدث منذ مدة طويلة جدا في غيبوبة تامة لا يعرف حتى اقرب المقربين ولا يطلب حتى الأكل ! وهنا ينطق الشاعر بالتدرج ببيت من قصيدته هي الذاكرة كلها القصيدة عند الشاعر كالوحي كالولد بل كعضو من الجسد بل قل هي الروح ! وبصوت واحد يقول الجميع :
(أ.ب.ج.د): ما شاء الله الله أكبر الله أكبر
*: يبتسم ابتسامة بحزن ، ثم ترمش عيناه .وهنا يعيده صديقه الوعي :
أ: واحرق
*: هاهم على باب الخليل تجمعوا فأحل جموع المجرمين فلولا.
ثم يكرر أ : واحرق !
أ: واحرق جثامين الطغاة ورجسها واسكب على أجسادهم بترولا
في ما يتبقي 49 ثانية : موسيقى حزينة ظهور صورة الحاضرين صاحب النظارات وبجانبه معجب واضع يدع على وجهه ويتألم بشدة واضعا يده على خده وأخيرا الرابع - د - الذي يبدوا مقربا ويجلس على سريره وهو ملتحي وبصوت حزين يحاول تذكر نغمة " رنة" القصيدة :" آ آ ويتءكر وينكق ربما بالجزء الأهم من القصيدة حيث يذكر فيه النخيل فقال :
د : فليحرقوا كل النخيل ...ويبتسم ( تذكرني ابتسامته بشهيد ) فيكمل له الشاعر :
* : سنطل
*: من فوق النخيل نخيلا
وينطق الجميع ( أ.ب.ج.د) : نخيلا. يآه مع تغير الكاميرامان للزاوية ( وهنا يبدوا أنه محترف فعلا !) مع كلمات جميلة : يا سلام جزاك الله خير ويبتسم الشاعر .
د : ان يهدموا
* : كل المآذن فوقنا
® يشدد نظراته : نحن المآذن ...فاسمع التهليلا
د: التهليلا - ويطلب الاعادة !"
* : فليهدموا كل المآذن فوقنا نحن المآذن فاسمع التهليلا
الجميع : لا اله الا الله
وهنا ايضا ترفع موسيقى هادئة
د : نحن الذين اذا ولدنا
* : نحن الذين اذا ولدنا بكرة كنا على ظهر الخيول اصيلا
يرفع صوته اكثر ويعيدها ويكررها وعيناه بل كل وجهه يستبشر ويكاد الذي امامه يبكي الا ان الشاعر ينظر اليه فيكف عن ذلك ويظهر ابتسامة حزينة تنعكس على وجه الشاعر ويعيد يكرر البيت الأجمل ! لكن هذه المرة ببكاء وحسرة ولا سك أنه ابكى الجميع
--------- تهميش -----------
- * الشاعر : غازي الجمل شاعر أردني ، ولد في غزة عام 1950 بعد هجرة أهله إليها من قرية جمزو في قضاء اللد. كان والده شاعراً وأديباً وخطيباً، كتب المسرحيات وأخرجها. هاجرت العائلة عام 1954 إلى الأردن حيث عمل والده مدرساً ثم مديراً في مدارس الشونة والسلط والزرقاء، درس الهندسة وعمل بها ثم عمل بالتجارة. توفي في الزرقاء عام 2010 إثر نوبةٍ قلبية.
أعماله الأدبية : بدأ غازي الجمل محاولاته الشعرية وهو طالب في المرحلة الإعدادية. أما دواوينه الشعرية فهي:"دمع اليراع""نفح الطّيب""قناديل العرش""قف شامخاً""هندسة الكلمات"
(*) البيت الأخير ذكرني ببيت عمر بن كلثوم : إذا بَلَغَ الرَّضِيعُ لَنَا فِطاماً تَخِرُّ لَهُ الجَبابِرُ ساجِدِينا
عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتّاب، أبو الأسود (توفي 39 ق. ه/584م)، من بني تغلب. شاعر جاهلي من أصحاب المعلقات، من الطبقة الأولى، ولد في شمالي جزيرة العرب في بلاد ربيعة وتجوّل فيها وفي الشام والعراق ونجد. أمه هي ليلى بنت المهلهل بن ربيعة، كان من أعز الناس نفساً، وهو من الفتاك الشجعان، ساد تغلب، وهو فتيً وعمّر طويلاً. ومعلقته المشهورة تدور حول قتله للمك عمرو بن هند.
(**) القصيدة :
قف شامخا مثل المآذن طولا وابعث رصاصك وابلا سجيلا
مزق به زمر الطغاة أذقهم طعم المنون على يدي جبريلا
هاهم على باب الخليل تجمعوا فأحل جموع المجرمين فلولا
واحرق جثامين الطغاة ورجسها واسكب على أجسادهم بترولا
فليحرقوا كل النخيل بساحنا سنطل من فوق النخيل نخيلا
فليهدموا كل المآذن فوقنا نحن المآذن فاسمع التهليلا
نحن الذين اذا ولدنا بكرة كنا على ظهر الخيول اصيلا