أردوغان... كم تداعبنا الآمال...
هذا الرجل حالة استثنائية أرسله الله للأتراك في أحلك ساعاتهم وأفقرها، كانت تركيا مدينة بعشرات المليارات من الدولارات وغارقة في الفساد حتى أذنيها وكانت طبقة الفاسدين واللصوص وجنرالات الجيش يحكمون البلاد بالحديد والنار حتى أنهم كانوا يقومون بالإنقلاب على حكوماتهم نفسها التي سمحوا هم بانتخابها من الشعب بل إنهم أعدموا رئيس وزراء وهو في منصبه، عدنان مندريس وجاء حزب العدالة والتنمية بعد مخاض طويل للحكم بقيادة #اردوغان ورجالات أخرين مثل عبدالله غول وأحمد شاويش أوغلو وغيرهم وبدأت تركيا تهرول نحو أفاق جديدة وبسرعة البرق.
من دولة مدينة الى دولة لا ديون لصندوق النقد الدولي عليها ، من دولة الناتج القومي الإجمالي لها ثلاث مائة مليار دولار الى ناتج قومي جديد يصل الى الف و مائة مليار دولار من دولة مستوردة لكل شيء لدولة تصدر السلع والخدمات والأسلحة لنصف سكان الكرة الأرضية ، من دولة مستضعفة مهيضة الجناح لأمريكا لدولة تخشاها كل المنطقة ويكاد الرئيس الفرنسي لا ينام من الغيظ من تصرفات أردوغان.
طبعا هناك أناس معبئون ضد أردوغان لأن الإعلام الرسمي العربي لا يحب الرجل فهو يمثل تحديا لكل الزعماء العرب، فهو منتخب انتخابا ديمقراطيا وناجح بنسبة اقل من خمسين بالمائة وليس 99.99% كالحكام العرب ولا يدعي أي مرجعية دينية او تاريخية تفرضه على الناس، ويتماشى من تطلعات شعبه، يصلي معهم، يخاطبهم كل يوم تقريبا، ويتحدث عن العمل والصناعة وعن تطلعاته ويعدد انجازاته ويرفع دخل الفرد في تركيا من ثلاثة الآف دولار الى 12000 الف دولار ويعدهم برفعه مجددا الى خمسة وعشرون الف دولار اي الى مستوى دخول أوروبا وربما أكثر قليلا، يحدثهم حتى عن العائلة وعن احترام الوالدين والصيام ، أمور نحن لم نرها او نسمعها في حياتنا من حكامنا.
حكامنا يحدثوننا عن أمجادهم، عن الأمن والأمان، عن ضرورة الصبر والتضحية و شد الأحزمة على البطون وننظر اليهم فنجدهم يعيشون في قصور غناء و مواكب و طائرات وسفرات وننظر الى الرئيس اردوغان فنرى التفافا شعبيا حوله منقطع النظير، حاولت الولايات المتحدة الأمريكية مستعينة بكل عملائها بالجيش التركي وبقاعدة انجيرلك الممتلئة بالطائرات والجنود الأمريكيين أن تقوم بانقلاب على أردوغان قبل اربع سنوات وقامت الدبابات باحتلال المدن والطائرات بقصف مقرات الدولة ونجح الإنقلاب او كاد وتبدت البهجة على وجوه كل زعماء اوروبا وأمريكا والعالم العربي وهب الإعلام الرسمي العربي هبة رجل واحد ليعلن هروب اردوغان وطلب اللجوء السياسي الى المانيا وفي دقائق وعبر وسائل التواصل الإجتماعي طلب أردوغان من الشعب ان ينزل للشوارع لمواجهة الدبابات بصدور عارية، طلبا جنونيا عند البعض ربما الا أن الشعب لبى طلبه خلال دقائق قليلة وفاضت الشوارع بأبناء الشعب التركي وانهزم جنود وضباط الإنقلاب الأمريكي واستعاد أردوغان حلمه الذي كان على وشك أن يضيع لولا معجزة حقيقية.
أردوغان يصنع ثاني أهم طائرات مسيرة في العالم بعد الولايات المتحدة وله قوات في شرق المتوسط و افريقيا ليبيا وبواخر تنقب عن النفط ومصانع تنتج كل أنواع السيارات والأدوات الكهربائية ويعد سابع دولة في العالم في الإنتاج الزراعي وأغنى دولة في الإقليم في المياه واليوم يبحث عن النفط والغاز رغم التهديدات الفرنسية والأوروبية ، ووعد ابناء شعبه بمفجأة يوم غد، يوم غد الجمعة وأظن انه سيعلن عن وجود كميات من النفط والغاز في البحر السود او شرقي المتوسط في مناطق نفوذ تركيا وبالتالي سيكون الدولة القوى والأعظم في الإقليم.
المتحاملون سحيجة الأنظمة العربية يقولون ان له علاقات مع اسرائيل أولا هذه العلاقات اقيمت قبل وصوله وهو الزعيم الوحيد الذي حينما أهانت اسرائيل سفيره باجلاسه على كرسي صغير ومهين أمام وزير خارجية اسرائيل لم ينسى الإهانة وأجبر السفير الاسرائيلي في انقرة وهو يمر من المطار عائد الى اسرائيل أن يتم تفتيشه رغم الحصانة الدبلوماسية وتعريته من ملابسه وفتح كل حقائبه واهانته بطريقة جعلت اسرائيل تركع دبلوماسيا على ركبتيها، ثم يا أخي نصف الدول العربية لها علاقات مع اسرائيل والفلسطينيون لهم علاقات مع اسرائيل.
هذا زعيم استثنائي، انظروا الى كيف يستقبله كبار زعماء العالم وكيف يستقبلون زعماؤنا، وانظروا كيف يجلسون أمامه وكيف يجلسون أمام زعماؤنا، واسمعوا ماذا يقول حينما يخطب، و انظروا الى تركيا اليوم، إنها الدولة العظمى السادسة بكل المقاييس ، وخلال سنتين سينتهي من بناءمفاعلين نووين وسيكون شرقي المتوسط بما في ذلك اسرائيل تحت رحمة قائد سلاح البحرية التركي، نتنياهو والسيسي واليونان معهما ينظرون بتوجس الى تركيا والمحاولات لقلب نظام الحكم أوقتل اردوغان تجري على قدم وساق وهو يعلم بذلك بكل تأكيد.
غدا لنترقب مفاجاة اردوغان ، ونسأل الله أن يبعث لأمتنا زعماء مثل هذا الرجل بعفته وطهارته و حرصه على بلده وتواضعه و ثقافته وحفظه للقرءان ...