ملياردير أمريكي- إسرائيلي يكشف خبايا الاتصالات السرية مع بن سلمان وبن زايد والسيسي
كان حاييم سبان رجل الأعمال الإسرائيلي المقيم في الولايات المتحدة، أحد الذين نشطوا خلف كواليس اتفاقي التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين.
وفي حديث مطول مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” يكشف سبان عن اللقاءات التمهيدية مع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد في دبي، وعن وجبة غذاء غريبة مع ولي العهد في السعودية محمد بن سلمان ويشير للحظة التي خشي فيها أن ينقلب عليه حاكم مصر عبد الفتاح السيسي.
ويُستدل من الحديث مع حاييم سبان أنه عاد إلى مصر قبل عامين بعدما تركها وهو في الثانية عشرة من عمره، وهذه المرة وصل القاهرة في طائرته الخاصة وحل ضيفا على رئيس المخابرات المصرية خالد فوزي الذي دعاه لزيارة مصر، ورتّب له لقاء مع السيسي.
وضمن ما استذكره قال: “خلال اللقاء أشرت بإصبعي نحو رئيس المخابرات المصرية وقال للسيسي: كلانا من الاسكندرية أما أنتم كافتكم فلاحون. عندي لسان طويل وأحيانا الله يستر منه. بعدما قلت ذلك ساد هدوء وفي خلدي قلت: لن أخرج من هذا القصر سالما وعندها انفجر السيسي بالضحك وقال: والله أنت لست أمريكيا أنت مصري، فأجبته بسرعة: عرفّني كما تشاء”.
كلمة أو شتيمة بالعربية
وتقول “يديعوت أحرونوت” إنها تورد هذه المعلومة للكشف عن قدرات حاييم سبان في نسج علاقات اجتماعية مع شخصيات عربية. وقالت إن هذه الميزة قائمة لديه قبل سنوات طويلة من لعب دور الوسيط بين إسرائيل والإمارات.
وعن ذلك يقول سبان: “استخدام كلمة أو شتيمة بالعربية يساهم في كسر الحواجز، فنحن قبل أن نكون أثرياء وأمراء أو عاملين في كناسة الشوارع نحن بشر”. ويشير إلى أن مشاركته في حفل توقيع اتفاق التطبيع مع الإمارات جاءت بدعوة من سفيرها في واشنطن يوسف العتيبة ومن جاريد كوشنر صهر ومستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتقول الصحيفة الإسرائيلية إن حاييم سبان متواضع في الحديث، لكن لولاه لما خرج هذا الاتفاق إلى حيز التنفيذ. ويكشف أنه على صداقة متينة وقوية مع يوسف العتيبة وزوجتيهما أيضا، ويكشف أن العتيبة قد أبلغه أن هناك علاقات متينة بين إسرائيل والإمارات منذ سنوات طويلة.
مع محمد بن سلمان
كما يقول سبان إنه كان من اقترح على العتيبة صحيفة “يديعوت أحرونوت” لينشر فيها مقاله عن السلام قبل نحو شهرين، وإنه ومستشاره الشخصي توليا ترجمته إلى اللغة العبرية.
ويقول إن الفضل بالاتفاق بين الإمارات والاحتلال يعود للعتيبة ولكوشنر ولمحمد بن زايد ورئيس الموساد يوسي كوهين. ويكشف رجل الأعمال الإسرائيلي- الأمريكي سبان أنه التقى بن زايد قبل نحو عام ونصف في دبي بعد دعوته للمشاركة في مسابقة دولية.
وتابع: “وقتها توافقنا أنا ومحمد بن زايد أنه مع الوقت سنقوم علانية بالأشياء الكثيرة التي نفعلها حتى الآن خلسة”. ويؤكد سبان أن ما فعله العتيبة كان بموافقة محمد بن زايد، ويكشف أنه على صداقة متينة أيضا مع السفير السابق للسعودية في واشنطن خالد بن سلمان، ومع شقيقه ولي العهد محمد بن سلمان.
وعن ذلك يقول: “قبل سنوات هاتفني شخص يعمل في العلاقات العامة وأبلغني أن خالد بن سلمان ينوي زيارة لوس أنجليس مكان إقامتي في الولايات المتحدة كي يلتقي عددا من اليهود طالبا أن أنضم له في اللقاء، وفعلا التقينا حول مائدة غذاء، وطلب خالد بن سلمان أن تبقى مشاركته طي الكتمان وفعلا لم يتم تسريبها. بعد فترة دعاني للمشاركة بعيد ميلاده في واشنطن. ترددت في البداية، لكنني سافرت، خاصة أنني خشيت أن يشعر بالإهانة بحال لم أشارك لا سيما أن أمورا سياسية بدأت تنضج”.
عيد ميلاد مع محمد بن سلمان
ويكشف أنه عندما وصل إلى واشنطن فوجئ بأن المضيف قد أعد له مقعدا بجانب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وزوجته، وأدركت أن هذه كانت رسالة سياسية. ويضيف: “وجدت هناك رئيس المخابرات الأمريكية وغيره من الشخصيات الأمريكية. كل واشنطن حضرت تلك الاحتفالية. بعد قليل همس بن سلمان في أذني بالسؤال: هل تعلم أن مصر تعطي لإسرائيل حرية الحركة والنشاط في سيناء. مجددا مع لساني الطويل أجبت: نعم ولكن هذا يساعد مصر لا إسرائيل فحسب. والمصريون لا يصنعون لنا جميلا”.
كما يوضح أنه في مرحلة معينة انتقل مع صديق رافقه إلى غرفة جانبية مظلمة مع محمد بن سلمان وشقيقه خالد. وعندها سألت: هنا نستطيع تناول وجبة رومانسية؟ أنا رجل متزوج.. فهل أشعلتم المصابيح؟ من جهتم بدأوا يحضرون كل ما لذ وطاب للغرفة، ومن صنع طباخ الأمير الخاص الذي تحدث في مواضيع كثيرة”.
بعد اغتيال خاشقجي
وقال سبان إنه شعر وكأنه في حلم أثناء ذلك اللقاء مع بن سلمان، متسائلا في سره: “لماذا يولون له هذا الاهتمام والاحترام الكبير؟”. منوها أنه ليس من المفهوم ضمنا أن يجالسه محمد بن سلمان أربع ساعات على دفعتين.
ويتابع: “في النهاية وصلنا لحظة الحقيقة وفهمت الثمن: لقد أرادوا مني مساعدتهم في ترتيب لقاء مع أحد قادة الحزب الديموقراطي ممن رفض التحدث معهم بعد فضيحة اغتيال الصحافي جمال خاشقجي.. طلبوا مني مساعدة بأن نقيم صلحة. الآن أساعدكم وفي المستقبل أستغل الموضوع لخدمة إسرائيل. وقلت له: السعودية دولة نفطية كبرى لكنك تريد تحويلها لدولة تكنولوجيا، وإسرائيل كدولة مجاورة يمكنها أن تكون حليفة وشريكة في ذلك، فهل هناك سبب ألا تتعاونا؟ فالدولتان ستحققان منافع جمة من هذا التعاون. وعندها أجاب محمد بن سلمان: الإيرانيون والقطريون وكل سكان الحي سيقتلونني”.
مضيفا: “لكن بن سلمان يفهم ويعرف أنه من المفضل قيامه بصنع سلام مع إسرائيل”.
كما يكشف سبان أن كوشنر هاتفه قبل عامين وأبلغه أن محمد بن سلمان موجود في لوس أنجليس، ودعاه لوجبة عشاء معه، منوها أن بن سلمان استأجر قصرا له في لوس أنجليس.
ويقول سبان إن محمد بن زايد ومحمد بن سلمان توأمان متشابهان في معظم الأشياء، وتجمعهما كراهية إيران والإخوان المسلمين وحماس وحزب الله.
ويرجح حاييم سبان أن اتفاق التطبيع مع السعودية قريب وعلى الطريق كما قال سفير الولايات المتحدة في القدس المحتلة ديفيد فريدمان في حديث لصحيفة “إسرائيل اليوم”. كما يرجح أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قد وافق على بيع طائرات “إف 35” الأمريكية للإمارات كجزء من الصفقة لأن “للسلام ثمن”.
بين دولتي وحزبي
سبان الذي شهد طفولة فقيرة بائسة واعتاش من بيع أقلام الرصاص من بيت لبيت، بات ثريا كبيرا يدير أعمالا في مجال السكن والإعلام، ويحمل جوازي سفر أمريكي وإسرائيلي، وهو يقيم سنويا مؤتمرا دراسيا حول الشرق الأوسط في واشنطن.
ويقول في الحديث للصحيفة الإسرائيلية، إن ترامب لم يكن له دور في الاتفاق مع الإمارات. لافتا لدور صهره كوشنر الذي شرح له أين يقع الشرق الأوسط وأطلعه على الخطة للتطبيع بين الإمارات وبين إسرائيل.
ويعرب سبان عن ألمه لخسارة هيلاري كلينتون أمام ترامب، ويكشف أنه صديق مقرب لها ولزوجها بيل كلينتون، ويقول إنهما منشغلان اليوم بذاتهما بعد وقت طويل من العمل في الحلبة السياسية.
ويتابع: “هيلاري كلينتون شخصيتها أقوى من شخصية زوجها، وقد خسرتها الولايات المتحدة والعالم عندما لم تفز بالرئاسة عام 2016”.
ويقول ردا على سؤال حول رأيه بالرئيس الأمريكي ترامب، يقول: “سألت موظفا في البيت الأبيض عن العمل مع ترامب عندما يدلي بأقوال فارغة وبترهات فقال: كي تعمل في البيت الأبيض تحتاج لأن تكون صاحب روح فكاهية، فترامب رجل مضحك جدا والمشكلة تبدأ أنه رئيس للولايات المتحدة”.
كما يعرب سبان عن قلقه البالغ من الفجوة الكبيرة بين الحزب الديموقراطي وبين الدولة التي يحب، إسرائيل. ويضيف: “المشكلة أن إسرائيل انزلقت لليمين، وقادتها ينزعون أكثر نحو اليمين، بينما يهود الولايات المتحدة ليبراليون. وحتى الآن أنا لا أتحدث عن مشاكل حائط المبكى أو تقاليد التهويد الصارمة في إسرائيل أو عن السلام وغيره، بل أتحدث عن مبادئ أساسية في الليبرالية. اليوم أنا قلق جدا من أن إسرائيل لم تعد محط إجماع لدى الحزبين الجمهوري والديموقراطي. ماذا نفعل عندما يعود الحزب الديموقراطي للحكم مجددا مع جيل شباب جديد ومختلف بتوجهاته؟”.
وسوم: العدد 895